معركة «أجنادين»..أول لقاء بين جيوش المسلمين والروم.. «خالد بن الوليد» كلمة السر فى تحويل الهزيمة إلى نصر

معركة «أجنادين»..أول لقاء بين جيوش المسلمين والروم.. «خالد بن الوليد» كلمة السر فى تحويل الهزيمة إلى نصر

منذ ما يقرب من 9 سنوات

معركة «أجنادين»..أول لقاء بين جيوش المسلمين والروم.. «خالد بن الوليد» كلمة السر فى تحويل الهزيمة إلى نصر

تعتبر معركه اجنادين اول لقاء كبير بين جيوش الخلافة الراشدة والروم البيزنطيين في الصراع علي الشام، وجرت بحوالي سنتين قبل اللقاء الفاصل والحاسم في معركه اليرموك عام 636 ميلادي، وهي معركه وقعت بين المسلمين والبيزنطيين عام 634 م قرب مدينه الرمله في فلسطين.\nكان الصحابي عمرو بن العاص، اول قائد عقد له ابو بكر الصديق لواء فتح الشام، وامره بان يعسكر بجيشه في تيماء شمالي الحجاز، واوصاه بعدم البدء في القتال الا اذا قُتل، وكان الخليفه الحصيف يقصد من وراء ذلك ان يكون جيش خالد عونًا ومددًا عند الضروره، وان يكون عينه علي تحركات الروم لا ان يكون طليعه لفتح بلاد الشام.\nوحدث ما كان منه بدٌ، فقد اشتبك خالد بن سعيد مع الروم التي استنفرت بعض القبائل العربيه من بهراء وكلب ولخم وجذام وغسان لقتال المسلمين، ولم تكن قوات خالد تكفي لقتال الروم، فُهزم هزيمه قاسيه في مرج الصفر في (4 من المحرم 13 هـ ، 11 من مارس 634م) واستشهد ابنه في المعركه، ورجع بمن بقي معه الي "ذي مروه" ينتظر قرار الخليفه.\nولما وصلت انباء الهزيمه الي الخليفه ابى بكر الصديق اهمه الامر، وجمع كبار الصحابه لتبادل الراي والمشوره، واستقر الراي علي دفع العدوان، ورد الروم الذين قد يغرهم هذا النصر المفاجئ فيهددون امن الدوله التي بدات تستعيد انفاسها بعد قضائها علي حروب الرده، وتوالي انباء النصر الذي تحقق في جبهه العراق.\nجهّز الخليفه الصديق اربعه جيوش عسكريه، واختار لها اكفا قواده، واكثرهم مرانًا بالحرب وتمرسًا بالقتال، وحدد لكل جيش مهمته التي سيقوم بها، اما الجيش الاول فكان تحت قياده "أبو عبيدة بن الجراح"، ووجهته " حمص" وعدد جيشه 7 الاف مجاهد، وكان الجيش الثاني بقياده "يزيد بن أبي سفيان"، ووجهته " دمشق"، وعدد جيشه 9 الاف مجاهد.\nوجعل ابو بكر الصديق قياده الجيش الثالث لـ "شرحبيل بن حسنة"، ووجهته منطقه "بصري"، وعدد جيشه 7 الاف مجاهد، اما الجيش الرابع فكان بقياده "عمرو بن العاص" ، ووجهته "فلسطين"، وعدد جيشه 7 الاف مجاهد ايضا ومجموع الجيوش كلها لايتجاوز الثلاثين الف وامرهم ابو بكر الصديق بان يعاونوا بعضهم بعضًا، واذا اجتمعوا معًا فالقياده العامه لـابو عبيده بن الجراح .\nوكان الصديق كلما خرج لتوديع جيش من الجيوش الاربعه يوصي قائده بوصايا جامعه، تبين سلوك الفاتحين المسلمين واخلاقهم في التعامل مع اهالي البلاد القادمين اليها. واقتطف من وصيه الصديق لـ يزيد بن ابي سفيان هذه الكلمات: "واني موصيكم بعشر كلمات فاحفظوهن: لا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا صبيًا صغيرًا ولا امراه، ولا تهدموا بيتًا ولا بيعه، ولا تقطعوا شجرًا مثمرًا، ولا تعقروا بهيمه الا لاكل، ولا تحرقوا نخلاً ولا تُغرقوه، ولا تعص، ولا تجبن…"\nوعزم الصديق علي بث روح جديده تعودت الفوز والظفر، ومشي النصر في ركابها كانه قدرها المحتوم، ولم يكن غير خالد من يمكنه تغيير الاوضاع، واثاره الهمم، ووضع الخطط التي تاتي بالنصر، وكان الصديق اكثر الناس ثقه في كفاءه خالد وقدرته العسكريه، فاطلق كلمته السائره التي رددتها كتب التاريخ: "والله لانسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد".\nوبعث الصديق الي خالد بان يقدم الي الشام ومعه نصف قواته التي كانت معه في العراق، حتي يلتقي بأبى عبيدة بن الجراح ومن معه، ويتسلم القياده العامه للجيوش كلها، وفي الوقت نفسه كتب الصديق الي ابي عبيده يخبره بما اقدم عليه، وجاء في كتابه: ".. فاني قد وليت خالدًا قتال الروم بالشام، فلا تخالفه، واسمع له واطع امره، فاني قد وليته عليك، وانا اعلم انك خير منه، ولكن ظننت ان له فطنه في الحرب ليست لك، اراد الله بنا وبك سبل الرشاد والسلام عليك ورحمه الله".\nامتثل خالد بن الوليد لاوامر الخليفه، وخرج من الحيره بالعراق في (8 من صفر 13 هـ ، 14 من ابريل 634م) في تسعه الاف جندي، فسار شمالاً ثم عرج حتي اجتاز صحراء السماوه في واحده من اجرا المغامرات العسكريه في التاريخ، واعظمها خطرًا؛ حيث قطع اكثر من الف كيلو متر في ثمانيه عشر يومًا في صحراء مهلكه حتي نزل بجيشه امام الباب الشرقي لدمشق، ثم سار حتي اتي ابا عبيده بالجابيه؛ فالتقيا ومضيًا بجيشهما الي "بصري".\nتجمعت الجيوش كلها تحت قياده خالد بن الوليد، وحاصر بصري حصارًا شديدًا واضطرت الي طلب الصلح ودفع الجزيه، فاجابها خالد الي الصلح وفتحها الله علي المسلمين في (25 من شهر ربيع الاول 13 هـ، 30 من مايو 634م)، فكانت اول مدينه فُتحت من الشام صلحًا علي ان يؤمنوا علي دمائهم واموالهم واولادهم، نظير الجزيه التي سيدفعونها.\nبعد سقوط بُصري استنفر هرقل قواته، وادرك ان الامر جد لا هذل فيه، وان مستقبل الشام بات في خطر ما لم يواجه المسلمين بكل ما يملك من قوه وعتاد، حتي تسلم الشام وتعود طيعه تحت امرته، فحشد العديد من القوات الضخمه، وبعث بها الي بصري حيث شرحبيل بن حسنه في قواته المحدوده، وفي الوقت نفسه جهّز جيشًا ضخمًا، ووجّهه الي اجنادين من جنوب فلسطين، وانضم اليه نصاري العرب والشام.\nتجمعت الجيوش الاسلاميه مره اخري عند اجنادين، وهي موضع يبعد عن "بيت جبرين" بحوالي احد عشر كيلو مترًا، وعن الرمله حوالي تسع وثلاثين كيلو مترًا، نظم خالد بن الوليد جيشه البالغ نحو 30 الف جندي، واحسن صنعه وترتيبه علي نحو جديد، فهذه اول مره تجتمع جيوش المسلمين في الشام في معركه كبري مع الروم الذين استعدوا للقاء بجيش كبير بلغ 70 الف جندي.\nشكّل خالد جيشه ونظّمه ميمنه وميسره، وقلبًا، ومؤخره؛ فجعل علي الميمنه "معاذ بن جبل"، وعلي الميسره سعيد بن عامر، وعلي المشاه في القلب ابا عبيده بن الجراح وعلي الخيل "سعيد بن زيد"، واقبل خالد يمر بين الصفوف لا يستقر في مكان، يحرض الجند علي القتال، ويحثهم علي الصبر والثبات، ويشد من ازرهم، واقام النساء خلف الجيش يبتهلن الي الله ويدعونه ويستصرخنه ويستنزلن نصره ومعونته، ويحمسن الرجال.\nوتهيا جيش الروم للقتال، وجعل قادته الرجاله في المقدمه، يليهم الخيل، واصطف الجيش في كتائب، ومد صفوفهم حتي بلغ كل صف نحو الف مقاتل.\nوبعد صلاه الفجر من يوم 27 من جمادي الاولي 13 هـ، 30 من يوليو 634م امر خالد جنوده بالتقدم حتي يقتربوا من جيش الروم، واقبل علي كل جمع من جيشه يقول لهم: " اتقوا الله عباد الله، قاتلوا في الله من كفر بالله ولا تنكصوا علي اعقابكم، ولا تهنوا من عدوكم، ولكن اقدموا كاقدام الاسد وانتم احرار كرام، فقد ابيتم الدنيا واستوجبتم علي الله ثواب الاخره، ولا يهولكم ما ترون من كثرتهم فان الله منزل عليهم رجزه وعقابه، ثم قال: ايها الناس اذا انا حملت فاحملوا ".\nوكان خالد بن الوليد يري تاخير القتال حتي يصلوا الظهر وتهب الرياح، وهي الساعه التي كان رسول الله (صلي الله عليه وسلم) يحب القتال فيها، ولو ادي ذلك ان يقف مدافعًا حتي تحين تلك الساعه.\nاعجب الروم بكثرتهم وغرتهم قوتهم وعتادهم فبادروا بالهجوم علي الميمنه؛ حيث يقف معاذ بن جبل، فثبت المسلمون ولم يتزحزح احد، فاعادوا الكره علي الميسره فلم تكن اقل ثباتًا وصبرًا من الميمنه في تحمل الهجمه الشرسه وردها، فعادوا يمطرون المسلمين بنبالهم.\nفتنادي قاده المسلمين طالبين من خالد ان يامرهم بالهجوم، حتي لا يظن الروم بالمسلمين ضعفا ووهنا ويعاودون الهجوم عليهم مره اخري، فاقبل خالد علي خيل المسلمين، وقال: احملوا رحمكم الله علي اسم الله" فحملوا حمله صادقه زلزلزت الارض من تحت اقدام عدوهم، وانطلق الفرسان والمشاه يمزقون صفوف العدو فاضطربت جموعهم واحتلت قواهم، وبلغ قتلي الروم في هذه المعركه اعدادًا هائله تجاوزت الالاف، واستشهد من المسلمين 450 شهيدًا.

الخبر من المصدر