صراع بين الألمان والإسرائيليين على إرث كافكا

صراع بين الألمان والإسرائيليين على إرث كافكا

منذ ما يقرب من 9 سنوات

صراع بين الألمان والإسرائيليين على إرث كافكا

مُلْكيَّه المخطوطات غير المنشوره والروايات التي كتبها فرانز كافكا - الكاتب التشيكي اليهودي الذي اعتُبِر علي نطاق واسع واحدا من اعظم الكُتّاب باللغة الألمانية في القرن العشرين - يُؤلِبُ اسرائيل علي المانيا.\nكافكا، الكاتب الذي قضي غارقا في عذاباته، خلّفَ مكتبا مليئاً بالاعمال غير المنشوره لصديقه المؤتمن «ماكس برود»، وهو مفكر ومثقف من مدينه براغ، مع توصيه واضحه بحرق كل شيء حين وفاته.\nولكن ماكس تجاهل وصيه كافكا وهرّب ارث الاخير في حقيبة سفر الي فلسطين، وهناك قام ماكس بمساعده «سلمان شوكين» ناشر جريده هارتس بنشر ما عُرف لاحقا بافضل اعمال كافكا المشهوره، بما في ذلك روايه «المحاكمه» وروايه «القلعه» وقصص قصيرة مختلفه.\nلاسباب غير واضحه لم ينشر ماكس كل مسودات الاعمال التي بحوزته ولم يسلمها كلها للسيد شوكين، وهذه الاعمال غير المنشوره هي التي اشعلتْ المناقشات بين اسرائيل والمانيا حول احقيهِ كل منهما في ارث كافكا.\nعندما تُوفي «ماكس برود» في عام 1969، حصلتْ مساعدته وعشيقته الاسرائيليه «استر هوفي» علي ما تبقي من مسودات كافكا، وان كان حجم ما حصلتْ عليه استر ليس واضحا ولكن يُقال بانها حصلت علي روايات وقصص قصيره ومراسلات بين «برود» وكافكا وكُتّابٍ مُهمـــين في ذلك العـــصر ومن بينهم الروائي «شتيفان تسفايج» ذو الاصــــل النمساوي، وهــــذا الاخير هو مصــــدر الهام اخــــر افلام هوليوود «فندق بودابست الكبير».\nحقيقه وجود هذه المسودات لم تكن معروفه خارج عائله هوفي حتي عام 2007 وتمّ وضع هذه المسودات في صناديق ايداع بين تل ابيب وزيوريخ، كما ان بعض المسودات تُركتْ في شقه استر في تل ابيب، وبعد وفاتها اورثتْ هذه الملكيه لبناتها اللواتي اعلنَّ انهنّ مستعدات لبيع محتويات الارشيف كاملا في المانيا.\nلا حاجه للقول بان افاق اعمال كافكا غير المقروءه وغير المنشوره المكتشفه صدمت العالم الادبي وعلي وجه الخصوص عُلماء اللغه الالمان الذين يعتبرون ادب كافكا دعامه الادب الالماني الحديث.\nبحلول عام 1988 باعتْ استر المخطوط الاصلي لروايه «المحاكمه» لارشيف الادب الالماني في مارباخ بوساطهٍ من سمسار مخطوطات سويسري اشتري المخطوط في مزاد ساوثبي في لندن مقابل مليون جنيه استرليني.\nلم يكن قد قيل اي شيء عن مخطوطات كافكا غير المنشوره عند هذه النقطه، لكن شراء مسوده «المحاكمه» جعل نوايا المانيا واضحه في ما يخص جمع وحمايه ما تبقي من ارث كافكا الملموس، حيث راي الالمان ان ارث كافكا ينتمي لالمانيا بفضل مساهمته البارزه في اللغه والثقافه الالمانيتين.\nمن ناحيه اخري، كان لدي «برود» احساس مختلف بالمكان الذي تنتمي اليه اعمال كافكا. برود الصهيوني المتحمس الذي حاول عبثا اقناع كافكا بالانضمام الي الانتداب الانكليزي علي فلسطين.\nرفض برود بشكل قاطع احتمال ان تنتقل املاك كافكا الادبيه الي ارشيفٍ ما في المانيا، وحقيقه انّ اخوات كافكا الثلاث قد قُتلنَ علي يد النازيين زادت نار تصميمه تاججا. لكنه لم يكن قد اُعطيَ اي صلاحيات للتصرف بارث كافكا واملاكه، علي العكس اذ كان قد اعطيَ تعليمات صريحه بحرق هذه المخطوطات الكتابيه.\nعندما اعلنتْ ايفا هوفي ابنه استر هوفي في عام 2007 بانها تود بيع الاعمال غير المنشوره للالمان قامت دولة إسرائيل بالتدخل، وبعد محاكمه طويله انتهتْ الشهر المنصرم، اقرتْ محمكه اسرائيليه بانّ اعمال كافكا يجب ان تُنقل الي المكتبه الوطنيه الاسرائيليه والّا تُغادر البلاد مطلقا.\nمستعيدا افكار ماكس برود القديمه، جادل القاضي اليهودي «كوبي فاردي» بان اعمال كافكا تنتمي الي اسرائيل كونها ثروه ثقافيه للشعب اليهودي.\nالملحمه الطويله والاستثنائيه تستمر بالانكشاف، فبينما تمّ التعدي علي شقه هوفي في تل ابيب من قِبل اشخاص مجهولين في عام 2007، ضبطتْ الشرطه الالمانيه هذا الشهر كنزا ثمينا من رسائل «برود» المسروقه والمهربه بشكل غير شرعي من اسرائيل وتتكتمُ السلطات الالمانيه علي مصدر هذه الرسائل ولكنها قد تكون نفسها الوثائق المسروقه من شقه هوفي.\nبصرف النظر عن الدسائس والسيناريوهات التي تدور حول مخطوطات كافكا غير المنشوره، فان السؤال الذي يتصدر هذه المناحره سؤال عميق ولا شك: من له الاحقيه بفرانز كافكا؟\nبالنسبه الي الدوله التي تصف نفسها بانها دوله اليهود، كافكا ينتمي لاسرائيل ولربما يكون للكاتب الراحل تجليات اخري حول الموضوع. انجذب كافكا خلال حياته الي فكره الصهيونيه ولكنه في النهايه رفض امكانيه الانتقال الي فلسطين، بالاضافه الي انه انخرطَ في بعض الصفوف العبريه في براغ ولكن ذُكِر لاحقا بانه تركها محبطا.\nتنامت هويه كافكا في اوروبا، وغالبا ما كان يشعر بانه علي هوامش المجتمع الاوروبي بسبب ديانته، الا انه لم ينضم الي الحركه الصهيونيه في فلسطين حتي بعد محاولات الاقناع المستمره من رفاقه المثقفين.\nفي الغالب، سيكون السؤال الاكثر احتمالا للطرح هو حول حاجه اسرائيل لفرض هيمنتها علي ارث اليهود من غير الاسرائيليين و التحكم به؟ حقيقه ان الحركه الصهيونيه كانت ولا تزال غير قادره علي اجبار غالبيه يهود العالم علي المشاركه في محاولاتها الاستعماريه في بناء دولتها في فلسطين هو مصدر احباط كبير في تل ابيب، وعليه فان اسرائيل مجبره علي القتال من اجل الحصول علي ارثِ كـُتّابٍ مثل كافكا في محاوله منها لنسبِ سُمعتهم اليها.\nاسرائيل، الدوله القوميه، تدّعي كونها الممثل الوحيد ليهود العالم علي مر الزمان، وهذا الشعور المغلوط باحقيتها في ثقافه اليهود سوف يبقي هدفا للحركه الصهيونيه، حتي تشعر بالاستقرار والراحه لتطورها.\nالمقال الاصلي نُشر بتاريخ 17-7-2015 :

الخبر من المصدر