جيل جديد من النسويات المصريات يتحدى المجتمع والدين

جيل جديد من النسويات المصريات يتحدى المجتمع والدين

منذ ما يقرب من 9 سنوات

جيل جديد من النسويات المصريات يتحدى المجتمع والدين

في السنوات الاخيره، لعبت الشابات المصريات ادواراً مهمه في اشعال الثوره وظهرن كناشطات بارزات داخل الحركات الثوريه. سعي الكثير منهنّ الي الانخراط في العمل النسوي مطالباً بحريه المراه وبالغاء التمييز ضدها، وظهر جيل جديد من النسويات المصريات (الفيمنست) ادرك ان الديكتاتور ليس فقط الحاكم المتسلط، ففي المجتمع مستويات عدّه من الديكتاتوريه.\nثوره يناير لم تشهد ايّه مطالب خاصه بالمراه واقتصرت مطالبها علي تغيير النظام وبعض المطالب الاجتماعيه العامه الاخري. لكن مع مجيء المجلس العسكري وارتكابه انتهاكات ضد العديد من الناشطات من اعتداءات جنسيه وتحرش، بدات الناشطات يدركن مدي الازمه التي يعشنها في مصر بسبب جنسهن.\nدفع هذا الشعور بعضهن الي الانضمام الي حركات نسويه او سلوك النضال النسوي الفردي، مثل مني التهامي، الناشطه التي تعرضت لاعتداء جنسي في نوفمبر 2011 من قبل قوات الشرطه، وحثها ذلك علي دخول معركه جديده مع المجتمع الذكوري وعلي مواجهه المنطق الديني المستخدم لقمع المراه والهيمنه عليها.\nوفضلت بعض الناشطات العمل بشكل منفرد او انشاء حركات نسويه جديده علي الانضمام الي حركات نسويه تقليديه. هذا هو حال فرح نبيل، الناشطه النسويه وصاحبه صفحه "Egyptian Feminist"، التي قالت لرصيف22: "اعتقد ان حركه الفيمنست تنمو في مصر كما ان الشعب اصبح اكثر وعياً بشان ختان الاناث والتحرش الجنسي، ولكن لا يزال امام المراه المصريه طريق طويل".\nفي المقابل عملت حركات نسويه تقليديه موجوده منذ اعوام علي تفعيل دورها اكثر من ذي قبل واستغلال الشهره التي حققتها ناشطات في السياسه مثل اسراء عبد الفتاح وهند نافع وماهينور المصري، اللواتي حرّكن المياه الراكده للدور النسوي في مصر. علي ذلك، علّقت ماجده سليمان، مديره برنامج العنف ضد المرأة في مؤسسه قضايا المرأة المصريه: "كان هناك دور بارز للنسويات في تفجير الكثير من الاحتجاجات خلال السنوات العشر الماضيه. لكن خلال الاحداث السياسيه الاخيره استطاعت النسويات في حركات مثل كفايه و6 ابريل وتمرد ان يشاركن ويتصدرن مشهد الكثير من الاحداث".\nتكمن الازمه الكبري التي تواجهها النسويات المصريات في المنطق السائد في المجتمع، والذي يعطي الرجل افضليه علي المراه ويتعامل معها ككائن ثانوي. ويغذي الدين هذا الفكر الذكوري المهيمن ويبرّره. واوضحت فرح نبيل: "الدين والنسويه من اكثر الموضوعات المثيره للجدل في ظل تصاعد النسويه الاسلاميه والعلمانيه بتوازٍ. فغالبيه الحركات النسويه تعتقد ان الاديان بشكل عام تعزز الفكر الذكوري، مثل الحث علي ضرب الزوجه وخضوعها للرجل، وكذلك تعدد الزوجات في الاسلام"، واضافت: "مع ذلك نرحّب بالمتدينات او اللواتي يعتبرن انفسهن فيمنست اسلاميات ما دمن داعيات الي المساواه".\nتنقسم النسويات بين اعتبار الدين سبباً في ازمات المراه وبين اعتبار ان التفسير الديني المغلوط هو السبب. ولفتت فرح البرقاوي، الناشطه النسويه والعضو في "انتفاضه المراه في العالم العربي"، الي انه "لا تنتمي جميع النسويات الي مدرسه فكريه واحده. بعض النسويات المسلمات علي سبيل المثال لا يعتبرن ان هناك تعارضاً بين الدين الاسلامي وحقوق المرأة وهن يرتكزن بذلك علي النص الديني ويخرجن منه ما يشير الي مكانه المراه المساويه للرجل في الحقوق والواجبات. مدارس نسويه اخري في مصر تعتبر الدين ومؤسساته جزءاً لا يتجزا من المنظومه الذكوريه الطاغيه في مجتمعاتنا والتي تعزز بدورها دونيه المراه وتبعيتها للرجل".\nعلي سبيل المثال، تري هاجر عثمان، التي تفضل ان تصف نفسها بانها مناصره للشؤون النسويه، ان الازمه سببها التفسير الديني الخاطئ وليس الدين. وقالت: "الاسلام ليس مشكله في وجه النسويات. فحينما قدم الرسول الي المدينه اسند ادواراً للمراه مساويه للرجل، لكن التفسير المجتمعي للدين خلق هذه الافضليه"، مشيرهً الي ان قوانين الدوله ساهمت في زرع هذه الافضليه حيث لا يحاسَب مرتكب نفس الجرم بنفس العقاب، خاصه في ما يتعلق بالزنا.\nادي صعود الحركات الإسلامية من اخوان مسلمين وسلفيين خلال الاعوام الاخيره الي ظهور خطابات نسويه كرده فعل علي المواقف التي اتخذتها هذه الحركات تجاه المراه، خاصهً تشجيعها علي ختان الاناث وتعزيز فكره القاء اللوم علي ضحيه الاغتصاب او التحرش الجنسي. وقالت فرح البرقاوي: "لا شك في ان صعود الحركات الاسلاميه المتشدده ساهم في جذريه بعض الحركات النسويه تجاه الدين".\nواوضحت هاجر عثمان ان الاخوان خلال حكمهم شكلوا عائقاً كبيراً امام النسويات اللواتي ناضلن في مواجهه حملات ختان الاناث في العديد من المناطق. واشارت الي دورهم في تصاعد الفكر الديني المتطرف الذي يعتبر المراه "عوره" ويسعي الي فرض قيود علي لبسها وصوتها. وذكّرت بانتقادهم للفتيات اللواتي كنّ يخرجن في التظاهرات ضدهم بحجه عدم جواز اختلاط النساء بالرجال.\nمما يشاع عن النسويات في مصر انهنّ تكرهن الرجال وتسعين الي منح المراه افضليه علي الرجل والبحث عن حقوق لا يجيزها الدين الاسلامي. وعلّقت فرح نبيل: "هناك اعتقاد خاطئ بين الكثير من الناس بان الفيمنست يكرهن الرجال ويبحثن عن الافضليه لا المساواه. وهذا ليس حقيقياً. النساء لا يرغبن بالافضليه وانما يرغبن بتحقيق المساواه الاجتماعيه والاقتصاديه والسياسيه"، مشيرهً الي ان هناك العديد من الرجال الذي ينشطون الي جانبهم من اجل مساعدتهنّ لانتزاع هذه الحقوق.\nهناك اختلاف كبير بين النسويات المستقلات وبين المؤسسات النسائيه التقليديه. فالنسويات يفضلن التطبيق العملي لمبادئهنّ وتوجهاتهنّ في الحياه اليوميه بعيداً عن التنظير. واوضحت رانيا عوض، النسويه والناقده الفنيه: "المستقله تواجه المجتمع بكل ما فيه من مصائب. هي تتقبل المجتمع وتواجه قمعه وتحاول ان تثبت له بتصرفاتها واخلاقها وسعيها الي النجاح ما تريده بدون تنظير. باختصار هي تطبق قناعاتها علي نفسها وعلي محيطها".\nوتري عوض ان الحركات النسويه لعبت دوراً واسعاً في مصر منذ عام 2005، الا ان هذا الدور لا يزيد عن التنظير وليس مجدياً لقضيه المراه. وقالت: "الحركات النسويه هي مؤسسات نظريه ولا تطبق فكرها علي الارض. الشيء الجميل الذي تقوم به هو الاصدارات التي تقدمها، وكذلك مساعدتها نساء تعرضن للعنف. لكن هذا في الواقع لا يفيد فهي لا تخدم قضيه المراه في الشارع. انها تكسب المال والشهره دون ان تتعرض للقمع".\nاثار ظهور علياء المهدي وانضمامها الي حركه "فيمن" اهتماماً كبيراً من المجتمع المصري ووسائل الاعلام. انقسمت النسويات المصريات حولها. واوضحت فرح برقاوي: "للنسويات مواقف مختلفه من علياء المهدي".\nوقالت هاجر عثمان: "ظهور علياء المهدي اضرّ بقضيه النسويات في مصر الي حد ما. فالصوره التي ظهرت بها هي نفسها التي تكرسها وسائل الاعلام في افلامها ومسلسلاتها، والتي تؤكد عليها ايضاً الزوايا الارهابيه وعلي راسها السلفيون وغيرهم ممن يهاجمون حقوق المراه وحقوق الانسان بصفه عامه. هؤلاء يقدّمون صوره مشوهه عن النسويات ويحاولون اظهارهنّ نساء منحلات يردن خلع الحجاب وتدخين السجائر واقامه علاقات جنسيه بحريه والتاخر في الليل خارج المنزل، وكل ما هو بعيد عن القضايا النسويه الحقوقيه".\nالكثيرات من نسويات مصر يرتدين الحجاب كما يعتبرن ارتداءه جزءاً من حريتهن وليس امراً مفروضاً عليهن، حتي انهن كن في الصفوف الاولي ضد دعوات خلع الحجاب التي اطلقها الصحافي شريف الشوباشي واعتبرنها تدخلاً في شؤونهن ومحاوله للتحكم بحريتهن.\nوقالت رانيا عوض: "الكثير من الفتيات يرين ان الحجاب جزءٌ من حريتهن ما دمن يلبسنه بدون ضغوط، ومحاوله فرض خلعه عليهن تنتهك هذه الحريه".\nواضافت: "دائماً المراه هي الجزء الضعيف في المعادله. فحتي في الجانب السياسي، تركز السلطات علي اعتقال الفتيات والناشطات بهدف القول للمجتمع انهن خالفن التقاليد الموروثه وانهن لا يحترمنه".

الخبر من المصدر