عادل إمام؟ من هذا؟

عادل إمام؟ من هذا؟

منذ ما يقرب من 9 سنوات

عادل إمام؟ من هذا؟

ربما كان من الاجدر ان يعود عادل امام الي منزله بعد «مدرسة المشاغبين»، او بعدها بقليل، بعد عرض «شاهد ما شافش حاجه». عندها، كان قد بلغ الذروه وانتهي.\nبعدها، لم يعد من قيمه لما قدّمه من افتعال، وتكرار، وتعابير في الوجه وعلي اللسان تستعيد رجلاً كان يوماً نجماً. كان.\nبقي يناطح، ويستعيد، ويكرّر، ويفتعل، ويدّعي مناصره قضايا الشعب في اعمال لم تكن ترمي الا الي تسفيهها، حتّي كُرّس ملكاً للكوميديا في برّ مصر، وما تجاوزها. كلّ ذلك تمّ في زمن القحط.\nعربٌ وخليجيون يصلون بطائرات خاصه لمجرّد مشاهده مسرحياته بكلّ ما تحتوي من ملل وافتعال الارتجال... والتكرار والابتذال. كان العقل العربي غبيّ واقعاً، وان لم يكن كذلك، فليس علي عادل امام الا الامعان في استغبائه.\nيصول ويجول، نجماً في العُلا، وليس من ينافسه. يدعم النظام، يدعم من زملائه من يوازيه مستويً مهنياً، الشبّان منهم والمخضرمون، مما يمعن في تكريسه عائقاً امام اي نهوض يواكب تقدّم العقل، والزمن.\nهو الذي طالما سعي لاستدرار المشاعر الوطنيّه حين كانت تحين الفرص، والضوء الاخضر، يتطاول ويتجرا علي المسّ بجمال عبد الناصر.\nفي الاعلان عن مسلسله المعروض حالياً «استاذ ورئيس قسم»، الذي ليس من المعروف بعد ان كان هناك من يتابعه، يضحي جمال عبد الناصر، ببساطه، مجرّد صوره مثبّته في الجدار. مجهول لا يعرفه الاطفال، فيساله طفل «من هذا»، فيجيب «ده جمال عبد الناصر، كان رئيس مصر».\nامّا لماذا ثُبتت صورته في الجدار، فذلك «لان الرؤساء في مصر بيقعدوا شويه كتير فبتقي عِشْرَه...».\nربّما ان الاوان الا يبقي مُباحاً كل ما يُرمي جزافاً. وليس كل ما يقوله «الكابير قوي»، اي «كابير» علي تفاهته وصِغره، يمكن ان يمرّ مرور الكرام، علي انّه واقع حقيقي، فعلي، لمجرّد ان ما قاله رجلٌ اسمه عادل امام، امضي السنوات الست عشره التي امضاها عبد الناصر تاجاً علي رؤوس ملايين العرب والمغبونين في الارض، مجرّد «كومبارس»، يفرح ان اُعطي يوماً دوراً مسانداً للبطل الثاني في اي عملٍ قدّمه.\nتالّق عادل امام في عصر انور السادات. الرجل الذي واد «النصر» الذي كان محتّماً في حرب اكتوبر، وحوّله الي ذلّ جرّ ذلاً وويلات. ذلٌّ سمح بوقوف مصريّ من المفترض انّ يُمثّل مصر، في «صرح» الكنيست، يعلن منها نهايه مصر، ومعها، حُكماً، نهايه فلسطين والعرب كلّهم.\nبعدها، اضحي عادل امام ملكاً في عهد من حكم مصر لمدّه ثلاثين عاماً يعيث فيها فساداً وظلماً واستبداداً وحرماناً. كان رمزاً من رموز تلك السنوات الثلاثين العجاف. علي امتداد 25 عاماً منها كان المؤدّي الاعلي اجراً في المحروسه.\nطبعاً، لم يكتف عادل امام بذلك، بل فرض ابنيه «رامي» مخرجا و«محمد» ممثّلاً. تماماً كما كان من اكثر الاصوات المرحّبه بالتوريث، ومهدت له، بحجه ان جمال مبارك هو مواطن ومن حقه ان يتمتع بحقوقه الدستوريه، ويترشح لمنصب رئاسه مصر.\nوحين اندلعت ثوره 25 يناير، اعلن «الزعيم»، الكابير قوي، تضامنه ودفاعه عن محمد حسني مبارك. وطبعا، عاد بعدها لاقتناص الفرص، فتنازل و«اعترف» بثوره يناير، ذاهباً حتّي الي حدّ اعتبار نفسه من مفجّريها...\nهناك من تداول لاحقاً انّه وصل الي حدّ الاشاده بمحمد مرسي..\nهذا الشخص، بتاريخه المنير، يتطاول علي عبد الناصر.\nتبدو هزيمه العام 1967 اليوم وكانها مجرّد نكسه فعلاً، جهّز من تحمّل مسؤوليتها لعكس نتائجها، الا ان ربّه اراده الي جانبه قبل تحقيق مراده.\nداعش. قاعده. اسرائيل. شيعه. سنّه. دروز. مسيحيون، تهجير، ذلٌّ ما بعده ذلّ. ضيمٌ ما بعده ضيم. فقر، جهل، تيه.\nارض تيهٍ من البحر الي البحر. ارض خراب. ارضٌ بلا غد، ارضٌ لم تكن تملك الا ماضيها، واليوم يُدَّمَّر، رمزاً تلو الاخر.\nارضٌ مذعنهٌ تستحقّ عادل امام زعيماً.\nارضٌ كانت ذات يومٍ، بطرق مشجّره، نظيفه، ابناؤها يتعلّمون بالمجان، يتطببون بالمجّان. حقّهم كبشر كان معطيً مسلّماً. حقّهم بغدٍ يكون علي قدر ما يستحقونه كان معطيً مسلّماً. كان ذلك في عهد رجل اسمه جمال عبد الناصر. من قلب الامّه، الي افريقيا، واسيا، وصولا الي اميركا اللاتينيّه، كان الناصر يغيّر المفروض ويرسم ما نستحقّه كبشر....\nوكانّه حين مات، فقدنا حقّنا بانّ نكون بشراً كسائر البشر. فقدنا حقّنا ذلك ام بعناه؟ فقدناه ام انّنا لم نؤمن به يوماً.\nوبات الصغار يقرّرون صوره الماضي، والحاضر، ويسهمون في طعن صوره الغد.\nعادل امام. مبروك. انت وما تمثّل انتصرتم. امّا نحن، الذين احلامنا لا تطلّ علي عنب الاخرين، فلدينا حُكماً غدٌ اخر، مختلف، يشبهنا، ولا ينتظر الا ان نُكمل نسجه.

الخبر من المصدر