المحتوى الرئيسى

في جلسة "عامان بعد مرسي" بالكونجرس .. نص شهادة صامويل تادرس

05/21 23:55

عقدت لجنه الشئون الخارجيه بمجلس النواب الامريكي امس الاربعاء الجزء الاول من جلسه استماع اللجنه الفرعيه جاءت تحت عنوان "مصر..عامان بعد مرسي".

وتناولت الجلسه الاوضاع المصريه بعد مرور حوالي عامين علي عزل الرئيس الاسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013.

اما قائمه شهود الجزء الاول من الجلسه تضمنت ثلاثه شخصيات، اولهم الباحث الامريكي اريك تراجر زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، اما الشاهد الثاني هو الباحث صامويل تادرس زميل معهد هدسون الامريكي.

والشاهد الثالث هي المصريه نانسي عقيل المدير التنفيذي لمعهد التحرير لسياسه الشرق الاوسط.

والي نص شهاده صامويل تادرس

اشكركم لعقد تلك الجلسه الهامه، ولدعوتي للشهاده حول “مصر..عامان بعد مرسي”.

خلال السنوات الاربعه والنصف الماضيه بعد عقود من الركود، اهتز جوهر اساس النظام السياسي في مصر، حيث عاني المواطنون مع اسئله حول الديمقراطيه، ودور القانون، وهويه الوطن.

وفي يوليو 2013، في اعقاب احتجاجات شعبيه، عزل الجيش الرئيس مرسي من منصبه، ووعد الشعب المصري ليس فقط بعهد جديد من الاستقرار والامن، ولكن ايضا بالمساواه والرخاء.

ومنذ انتخابه رئيسا في مايو 2014، تقع مهمه تحقيق هذه الاحلام علي عاتق الرئيس السيسي.

وبينما تواجه مصر تحديات هائله سياسيا وامنيا واقتصاديا، فان تركيز شهادتي اليوم سيكون علي مسائل تتعلق بالحريات الدينيه، ودور القانون، ودعوات الاصلاح الديني. وساكون سعيدا بمخاطبه تلك الاشكال من التحديات المصريه، في جلسه السؤال والجواب.

في 26 مارس 2015، تجمع حشد في قريه الجلاء بمحافظه المنيا، وبداوا في مهاجمه منازل وكنائس لمسيحيين.

الحشد المذكور تملكه الغضب من حصول المسيحيين علي تصريح لهدم واعاده بناء كنيسه محليه تخدم 1400 قبطيا.

وبعد التردي في حاله مبني الكنيسه القديمه، والعدد المتزايد للاقباط، حصل المسيحيون علي تصريح عام 2004 لبناء كنيسه اكبر حجما، لكنهم منعوا باستمرار من فعل ذلك.

وفي يناير 2015، سعي الاقباط لتجنب المواجهه عبر محاوله ترميم الكنيسه القديمه، لكنهم هوجموا من قبل الجمهور.

وفيما اصبحت بمثابه ممارسه متكرره، تركزت مطالب الحشد الغاضب علي عدم وضع اي رمز للمسيحيه خارج الكنيسه. لا قبه ، لا صليب، لا جرس. كما طالبوا ان يكون مدخل الكنيسه في شارع جانبي.

وبدلا من حمايه الاقباط، والتمسك بدور القانون، عبر السماح ببناء الكنيسه، اجبرت القوات الامنيه، والسلطات المحليه الاقباط علي عقد جلسه صلح، وضغطت عليهم لقبول المطالب.

وشجع تصرف القوات الامنيه المحتشدين علي اضافه مطلب جديد، الا وهو نشر الاقباط اعتذارا للمسلمين في الصحف، بسبب شكواهم وابلاغهم الاعلام بالهجوم، وتشويه صوره القريه.

وعلاوه علي ذلك، كان علي الاقباط توقيع اتفاق مفاده عدم السعي لبناء كنيسه جديده، اذا لحقت بها الاضرار مستقبلا.

وبعد ان رفض الاقباط قبول تلك المطالب، تجدد الهجوم في الرابع من ابريل، والقيت الحجاره علي منازلهم، ونهبت متاجرهم، واصيب سبعه اقباط جراء الاعتداءات.

وفي تقليد روتيني، القت القوات الامنيه القبض علي 28 رجلا من القريه، بينهم 12 قبطيا.

مثل هذه الممارسات استهدفت وضع ضغوط علي الاقباط للموافقه علي جلسه صلح جديده. والي يومنا هذا، ما زال الاقباط ممنوعين من بناء كنيستهم.

ولسوء الحظ، لا يمكن اعتبار ما حدث في قريه الجلاء حاله فرديه. ففي قريه العور المجاوره، موطن 13 قبطيا ذبحهم داعش في ليبيا، هاجم حشد اخر منازل الاقباط في 27 مارس، في واقعه مشابهه، من اجل منع بناء كنيسه.

وكان الرئيس السيسي قد اصدر قرارا ببناء الكنيسه المذكوره، تكريما للشهداء الاقباط، ورمزا لمصر جديده يعامل فيها الاقباط كمواطنين متساوين في الحقوق.

ولكن بدلا من ذلك، باتت تلك الكنيسه  رمزا لدوله يعاني فيها الاقباط من العنف بسبب عقيدتهم، ويعاملون كمواطنين درجه ثانيه.

الهجوم المذكور تضمن استخدام الحجاره، وقنابل المولوتوف. ولكن بدلا من التمسك بدور القانون عبر القاء القبض ومحاكمه المعتدين، نظم  المحافظ جلسه صلح بين الطرفين.

عاجزين عن تحقيق وعد الرئيس، اجبرت السلطات المحليه الاقباط علي قبول ابتعاد مكان الكنيسه المقترحه الي اطراف القريه,

وكان طبيعيا ان تتسبب ممارسات السلطات في تشجيع التجمهر علي التمادي. وفي 29 ابريل، تعرض منزل احد ضحايا داعش في ليبيا للهجوم.

كما وقعت حوادث متشابهه، مثلما حدث في قريه الطليحات بسوهاج في 11 ابريل الماضي، حينما تملك الغضب متجمهرين، بعد شائعات ترتبط ببناء قبه كنيسه.

ولا تقتصر الهجمات علي الاقباط علي الجماهير. ففي التاسع من ابريل، منعت القوات الامنيه الاقباط من بناء كنيسه في ابو قرقاص بمحافظه المنيا. وفي 1 ابريل، هاجمت الشرطه مبني في مغاغه يستخدمه الاقباط ككنيسه علي مدي عقد من الزمان، وصادروا معدات واناجيل.

واتهم الانبا اغاثون، اسقف مغاغه، القوات الامنيه، علنا، بتحريض المسلمين ضد جيرانهم المسيحيين.

التهديدات التي تواجه الحريه الدينيه تبدو غير محدوده بالهجمات العنيفه. فالاقليات الدينيه مثل الاقباط والبهائيين والشيعه عانوا من مجموعه من السياسات التمييزيه  علي مدي عقود، تتضمن قيودا هائله علي بناء وترميم الكنائس، واقصاء المسيحيين من وظائف حكوميه رئيسيه، وفرض عقوبات علي التحول الي المسيحيه، والقبض علي الشيعه لممارسه شعائر عقيدتهم، ورفض اصدار بطاقات هويه للبهائيين.

وبينما تباينت مستويات التمييز والاضطهاد تحت عهود الانظمه المختلفه، الا انها تمثل جزءا من نموذج مستمر ومتنامي.

وفي اعقاب ثوره 2011، ظهر تهديد جديد يتمثل في اتهامات بازدراء الاديان، عبر احكام متتاليه، في قضايا بينها نشر  اشياء تعتبر معاديه للاسلام علي فيسبوك.

مثل هذه الاتهامات ترتبط تلقائيا بهجمات من سكان محليين، ليس فقط علي منزل المتهم، بل بالمساكن المحيطه التي يقطن بها مسيحيون.

المحاكمات التي تنظر في تلك الاتهامات تمثل محاكاه ساخره للعداله، حيث تكون المحاكم محاطه في بعض الحالات بحشد غاضب، ويحرم المتهم من التمثيل القانوني.

واستمرت اتهامات ازدراء الاديان وتلك المحاكمات في عهد السيسي. ففي 10 يناير، صدر حكم بالحبس ثلاثه سنوات ضد كريم اشرف البنا، وتم تاييد الحكم في الاستئناف.

وفي 16 فبراير، تلقي شريف جابر حكما بالحبس سنه، بتهمه تاسيس صفحه ملحده علي فيسبوك. وفي 28 ابريل، اصدرت محكمه قرارا بحبس مايكل منير بشاي عاما، لمشاركته مقطع فيديو علي فيسبوك من احد البرامج الفضائيه.

في 12 مايو، عوقب الشيعي محمود دحروج بالسجن سته شهور لاقتنائه كتبا شيعيه داخل منزله.

واخيرا، في الثامن من ابريل، القي القبض علي مدرس وخمسه تلاميذ اقباط بتهمه تصوير فيديو يسخر من داعش، لكن لم يصدر حكم بعد حيالهم.

تلك الامثله المذكوره اعلاه، وقضايا التكفير لن تكون الاخيره، ما لم يبدا النظام المصري في مخاطبه الاسباب الجذريه للازمه الطائفيه المستوطنه.

فشل نظام السيسي في التمسك بدور القانون وحمايه المسيحيين من الاعتداءات لا يبشر بالخير بالنسبه لاكبر مجتمع مسيحي بالشرق الاوسط.

وبينما يعتقد النظام المصري ان لجوءه الي جلسات صلح بدلا من معاقبه المعتدين يساعد في استعاده النظام ويحافظ عليه، فان الحقيقه تبدو مخالفه لذلك تماما.

نقص العقاب خلق ثقافه من عدم المساءله، والتي تحولت بدورها الي ثقافه تشجيع.

ويخرج المتعصبون بنتيجه، وهم محقون، ان مهاجمه الاقباط لن تمر فقط دون عقاب، بل الاكثر اهميه هو تلبيه مطالب الحشود.

النظام المصري يحتاج لتقديم حمايه اكثر لاكثر مواطنيه عرضه للخطر، ومنع الهجمات من الحدوث، وتفعيل دور القانون عبر تقديم المعتدين الي العداله.

يحتاج النظام المصري الي تفهم ان حمايه الاقليات الدينيه ليس من قبيل الترف، ولا يصح ان ياتي في مرتبه ثانيه بعد التعامل مع التهديدات الامنيه الخطيره، كما لا يمكن الانتظار حتي استعاده الامن والاستقرار.

هؤلاء الذين يهاجمون الاقباط يتشاركون نفس الكراهيه التي تؤجج الارهابيين، ولا يمكن تحقيق الاستقرار او الامن اذا لم يعاقب المجرمون. ولا ينبغي استخدام اتهامات ازدراء الاديان كوسيله لارهاب الاقليات الدينيه.

وقام الرئيس السيسي ببعض الاشارات الرمزيه تجاه الاقباط، مثل زياره الكاتدرائيه عشيه الكريسماس، وتطوير علاقه جيده مع البابا تواضروس الثاني.

لكن تلك الاشارات الرمزيه تحتاج ان تتبع بخطوات ذات معني. وبالرغم من الوعود المتكرره، فشل النظام في تمرير قانون جديد يحكم تشييد بيوت العباده، بما يبسط اجراءات بناء الكنائس.

وبالرغم من تصريحات من نوعيه ان كل المصريين متساوون، ما زال الاقباط يعانون من التمييز في التعيينات الحكوميه، وضعف التمثيل في مؤسسات رئيسيه مثل الجيش والشرطه، بل ان العديد من تلك المؤسسات كالمخابرات والامن الوطني لا تضم قبطيا واحدا بين صفوفها.

ويحتاج السيسي الي تغيير تلك الممارسات التمييزيه، والاعتماد علي جداره المرء، بغض النظر عن عقيدته.

وفي خطابه لشيوخ الازهر، اكد الرئيس السيسي الحاجه الي اجراء اصلاحات دينيه.

لم يعد ممكنا ان تقتصر الحرب علي الارهاب علي وسائل امنيه، لكن ينبغي ان يصاحبها مجموعه من الادوات التي تخاطب جذور التطرف والارهاب.

وشدد السيسي علي ضروره تغيير الخطاب الديني الذي يؤجج الكرهيه.

وبينما توصف دعوه السيسي كخطوه مرحب بها، يحتاج النظام المصري الي اثبات جديته، عبر البدء في عمليه الاصلاحات.

وبدلا من عمل ذلك، قلبت الدوله المصريه دعوه السيسي راسا علي عقب، عقب تشكيل وزاره الاوقاف جماعات بدعوي توسيع الادراك للتهديدات المنبعثه من الملحدين والشيعه والبهائيين.

النظام التعليمي المصري يمثل نقطه بدء جيده. بالرغم من المحاولات المتعدده لاصلاحه، وتمويل بعض برامجه من مساعدات الولايات المتحده، الا انه يمثل حاضنه للتشدد والتعصب.

محاوله مخاطبه المسائل المرتبطه بعدم التسامح والتطرف والتعصب في النظام التعليمي المصري ينبغي ان تبدا عبر مخاطبه الهيكل، وعدم الاكتفاء بتغيير المناهج.

ويشكل طلاب الازهر 24٫3 % من طلاب المدارس الثانويه غير الفنيه، لكن المناهج الازهريه تعلم عدم التسامح مع غير المسلمين، وتساعد كذلك في تطرف الطلاب.

ينبغي وضع المدارس الازهريه تحت اشراف وزاره التعليم، ولا ينبغي ان يستمر الطلاب في تعلم كيفيه التمسك بالقواعد المرتبطه باهل الذمه، والتي تتضمن ضروره دفع المسيحيين الجزيه، وعدم جواز ببناء كنائس جديده علي ارض اسلاميه.

لا يجب ان يستند اصلاح التعليم علي الاضافه العشوائيه في الكتب لمقاطع عن التسامح وقيم المواطنه، لكن ينبغي ان تبني نهجا منظما يركز علي قيم المساواه، والسلام، واحترام وجهات النظر الاخري، من خلال المناهج.

المدارس المصريه لا ينبغي ان تظل منتجه لطلاب لا يعرفون شيئا عن العالم المحيط بهم، ويعانون من فراغ يملاه الاسلاميون باكاذيب ونظريات المؤامره. بل يجب تعليمهم التاريخ العالمي، وتاريخ الافكار والاديان العالميه، والحضارات المختلفه، لتفهم واحترام ثراء الاختلاف.

وكذلك، لابد لمناهج التاريخ المصريه ان تتضمن مساهمات هامه فعلها المسيحيون واليهود والنساء داخل المجتمع المصري.

وعلي راس كل هذه الجهود، يجب ان يولي اهتمام بتعليم المدرسين انفسهم، نظرا لدورهم المؤثر في كيفيه تعليم وفهم المناهج.

وعلاوه علي ذلك، يجب ان تتوقف وزاره التعليم في سياسه تحويل مدرسين متطرفين الي المحافظات النائيه بالجنوب، وهو الاجراء الذي يجعل من تلك المحافظات اساسا نمودجيا لتجنيد الطرف. ينبغي التيقن من عدم استمرار اي مدرس متطرف داخل الفصول.

لن تضع مصر قدميها علي طريق الاستقرار والرخاء الا من خلال مخاطبه الجذور التي تسبب محنه الاقليات الدينيه، ومواجهه راس التطرف عبر التخلص من وجودها داخل الفصول، والتمسك بدور القانون، ومعامله كافه المواطنين بدرجه متساويه دون تمييز، ومنع الهجمات علي الاقباط.

لابد ان تنفذ مصر تلك الخطوات، وغيرها، الا انها تحتاج مساعده الاصدقاء الدوليين، وعلي راسهم الولايات المتحده.

في 11 يناير 1974، وصل وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسينجر الي مدينه اسوان لبدء جوله دبلوماسيه مكوكيه بين العواصم العربيه والقدس (المحتله).

وبينما كان الهدف المباشر لدبلوماسيه كيسينجر هو التاكد من حدوث اتفاق علي اقتراحات فض الاشتباك في اعقاب حرب 1973/ الا ان وزير الخارجيه الاسبق اكتشف سريعا شريكا راغبا يتمثل في شخص الرئيس المصري الاسبق انور السادات.

وفي الاعوام التاليه، تحققت مصالح استراتيجيه الحرب البارده الامريكيه، حيث وافق السادات، مقابل العوده الكامله لسيناء للسياده المصريه، الا يسعي لسلام دائم بين دولته واسرائيل، وكذلك انفصال مصر عن المدار السوفيتي، وانضمامها رسميا للمعسكر الامريكي.

ومقابل المساعدات الماليه والعسكريه والتنمويه التي تقدمها الولايات المتحده لمصر، تصبح مصر حليفه لواشنطن.

الادارات الامريكيه المتعاقبه راودها الامل في قياده مصر المنطقه بعيدا عن طريق التدمير والحروب، والدخول في عهد جديد من السلام والتعاون.

ولمده تقارب ثلاثه عقود، عملت تلك المعادله، بالرغم من الاختلافات لمصريه علي عدد من القضايا التي تتراوح بين عمليه السلام، والسياسات الامريكيه في الشرق الاوسط، والديمقراطيه، وحقوق الانسان.

وطورت مصر والولايات المتحده شراكه وطيده في مواجهه مجموعه من التحديات الامنيه من غزو صدام للكويت عام 1990، الي الارهاب، والاكثر اهميه هو المحافظه علي اتفاقيه السلام بين مصر واسرائيل، بالرغم من استمرار برودها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل