مقهى ريش.. تاريخ مصر في 100 عام

مقهى ريش.. تاريخ مصر في 100 عام

منذ 9 سنوات

مقهى ريش.. تاريخ مصر في 100 عام

توفي صباح اليوم السبت 2 مايو، مجدي عبدالملك، صاحب "كافيه ريش"، التي كانت احد المقهي التي صاغ عليها الادباء والمفكرين تاريخ مصر الثقافي، حيث تجمع بها اعظم ادباء مصر والعالم العربي.\nوكان من اشهر رواد "قهوه ريش" الشاعر الكبير احمد فؤاد نجم، والروائي جمال الغيطاني، والالماني فولكهارد فيندفور، مراسل جورنال ديرشبيجل.\nتاسس مقهى ريش عام 1908، ويقع بالقرب من ميدان طلعت حرب، وشيدت عائله يهوديه، تسمي "عادا"، العماره التي يوجد بها المقهي، وشيد المقهي رجل الاعمال النمساوي بيرنارد ستينبرج، وباعه عام 1914، الي رجل الاعمال الفرنسي هنري بير، احد الرعايا الفرنسيين الذي اطلق علي الكافيه اسم "ريش"، ليتشابه مع اشهر مقاهي يباريس.\nوقبل انتهاء الحرب العالميه الأولى عام 1918، اشتري تاجر يوناني "ميشيل بوليدس"، المقهي من صاحبها، ووسعه، وظل المقهي ملك له حتي عام 1960، ثم انتقلت ملكيته الي صاحبه المصري مجدي عبدالملك.\nوكان المقهي في ذلك الوقت ممتدا الي ميدان سليمان باشا "طلعت حرب حاليا"، وبجانبه مسرح، غني عليه عمالقه الغناء منهم: "صالح عبد الحي، وزكي مراد"، وبجوار المقهي انشات صاله مصارعه.\nكافيه ريش هو تحفه معماريه تختلف عن اي مقهي اخر من حيث الديكور واللوحات الموجوده داخله، ويعد المقهي ملتقي الادباء والمثقفين امثال: "نجيب محفوظ، ويوسف ادريس، وامل دنقل، ويحيي الطاهر عبدالله، وصلاح جاهين، وثروت اباظه، ونجيب سرور، وكمال الملاخ، وشاعر النيل حافظ ابراهيم، وكامل الشناوي، ومحمود السعدني، وعبدالرحمن الخميسي، وزكريا الحجاوي".\nبالاضافه الي الكثير من اللاجئين السوريين والعراقيين واليمنيين واشهرهم: "الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي، والسوري حسين الحلاق، والشاعر الفلسطيني معين بسيسو، والشاعر السوداني محمد الفيتوري، والسياسي اليمني محمد احمد نعمان، والامير علي عبدالكريم".\nوغيرهم ممن كانوا يحرصون علي حضور نداوت نجيب محفوظ الاسبوعيه التي كان يعقدها، عصر يوم الجمعه، منذ عام 1963، بعد وقف ندواته في مقهي الاوبرا، وكان "ريش" يقدم المشاريب والوجبات بتخفيض خاص من باب الحفاوه بضيوف الروائي الكبير.\nذكر كتاب "تاريخ مصر القومي 1914- 1921"، لعبدالرحمن الرافعي، "ان كافيه ريش ملتقي الافنديه من الطبقه الوسطي، كما عرف مقرا يجتمع فيه دعاه الثوره والمتحدثون بشؤونها او شؤون البلاد العامه، كما كان معقلا لمختلف الطلائع السياسيه المتحرره من التعصب الحزبي، يتحاورون ويتسامرون ويتندرون ويتشاغبون، لكنهم غالبا ما يتفقون علي موقف واحد في مواجهه المشكلات الكبري التي تحتاج الي الحشد والوحده الوطنيه، ومعظم البيانات الوطنيه كانت خارجه من هذا المكان".\nواشار الي ان ريش كان متنفسا لكل الطبقات والانواع من الناس علي اختلاف نزاعتهم، وظل البوليس السياسي يقصد المكان ورجال المخابرات والصحفيين الاجانب، كل يفتش عن ماربه الخاصه وقياس الاخبار ومواكبه النبض المصري".\nوذكر الكتاب ان المقهي كان لها دور كبير في "ثوره 1919"، وان صاحب المقهي في هذا الوقت، كان عضوا في احد اهم التنظيمات السريه، حيث وجد داخل المقهي بعد مرور 80 عاما علي الثوره، اله لطبع المنشورات، حيث احدث زلزال 1992 شرخا باحد جدران المقهي، ووجد خلف الجدار سرداب سري به منشورات والات طباعه يدويه.\nوفي الاربعينيات من القرن العشرين، احتشد عدد كبير من العاملين في الموسيقي والغناء داخل المقهي، لايجاد حلا لمشاكلهم المهنيه، وكان علي راسهم ام كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وكانت نتيجه هذا التجمع، الاتفاق علي انشاء اول نقابه للموسيقيين بمصر.\nوكان الكافيه ملتقي الضباط الاحرار قبل قيامهم بـثوره يوليو1952، منهم جمال عبدالناصر، وانور السادات، ومحمد نجيب، اذ كانوا يعدون ويجهزون لسيناريو الثوره، وفي العام 1972 انطلقت منه "ثوره الادباء"، احتجاجا علي اغتيال الروائي الفلسطيني غسان كنعاني.\nكانت تذهب ام كلثوم الي مقهي ريش بصحبه المطرب والملحن الشيخ ابوالعلا محمد، وكانت لا تزال صغيره في بدايتها، حيث تعاقد المقهي معها لاقامه حفلات غنائيه بصفه مستمره، وفقا لـ "جريده المقطم"، في عددها الـ30، الصادر بشهر مايو عام 1923.\nحيث صدر اعلانا يحدد يوم الخميس موعدا اسبوعيا لوصلات غنائيه وتواشيح بصوت ام كلثوم، تحت عنوان "هلمو احجزو محلاتكم من الان كرسي مخصوص بـ15 قرشا ودخول عمومي 10 قروش".\nيعد اشهر رواد المقهي، وله قصيده شعبيه ذائعه الصيت، وصف فيها نجم المقهي ورواده والمثقفين الذين كانوا يرتادونه في السبعينيات بعنوان "يعيش اهل بلدي".\nوتقول "يعيش المثقف علي مقهي ريش.. يعيش يعيش يعيش.. محفلط مزفلط كتير.. الكلام.. عديم الممارسه.. عدو الزحام.. بكام كلمه فاضيه.. وكام اصطلاح.. يفبرك حلول المشاكل.. قوام.. يعيش المثقف.. يعيش يعيش يعيش.. يعيش اهل بلدي".\nومن ابرز جارسونات ريش، وهو اسم شهره لاكثر جرسونات مصر عملا بهذه المهنه، وهو "محمد حسين صادق". استمر عمله في ريش لاكثر من 50 عاما متصله، ظل خلالها موضع حب واحترام زبائن المقهي، فكان يحمل في جيبه اجنده يدون فيها ثمن طلبات الرواد، والي حين ميسره يتم الدفع، وخلد "ريش" فلفل عبر صوره كبيره له تتصدر مدخلها وتحمل عباره القدوه.\nتم اغلاق "ريش" في عهد الرئيس انور السادات، بسبب احتضانه لاجتماعات ومناقشات ساخطه حوله حكمه، حيث خشي صاحب المقهي اغلاقه بقرار اداري كونه يخالف قوانين الطوارئ، واعيد افتتاحه بعد ذلك بسنوات.

الخبر من المصدر