حقيقة الذئاب: حيوانات مخيفة أم مثيرة للإعجاب؟

حقيقة الذئاب: حيوانات مخيفة أم مثيرة للإعجاب؟

منذ 9 سنوات

حقيقة الذئاب: حيوانات مخيفة أم مثيرة للإعجاب؟

يري البعض ان الذئاب حيوانات قاتله مسعوره ومرعبه، اما البعض الاخر فيعتبرها نماذج جميله للطبيعه في اكثر صورها البريه وضوحا.\nللذئاب صورتان معروفتان لدي الناس. احداها تثير مشاعر الخوف بسبب اللعاب الذي يسيل من فمها لحظه تطاير الشرر من اعينها، وبسبب انها تعقر الاطفال، وتقتل الماشيه. لكنها في نفس الوقت تثير الاعجاب بسبب قوه مجتمعاتها، وتمركزها معا في اطار عائلي، ولانها من المعالم الرئيسيه للطبيعه البريه.\nتعد مثل هذه المعتقدات المتطرفه عن الذئاب مترسخه بين الناس، لكن جذور تلك المعتقدات تنبع من التاريخ، وليس من الواقع المعاصر. وفي براري اوروبا وامريكا الشماليه التي ادت فيها الذئاب الي تغيرات بيئيه كبيره، حان الوقت لاعاده التفكير فيما تعنيه تلك الذئاب.\nكم هو عدد الذئاب الموجوده في اوروبا؟ اذا طلب مني ان اجيب عن هذا السؤال قبل عام، لاقترحت ان هناك 1000 ذئب. كنت سابدو مخطئا بشكل كبير.\n"اذا ما عدنا الي سبعينيات القرن الماضي، كنا سنتحدث عن انواع قابله للانقراض،" كما يقولجون لينّيل، من المعهد النرويجي لابحاث الطبيعه في مدينه تروندهايم، وعضو مبادره الحفاظ علي الحيوانات الكبيرة اكله اللحوم في اوروبا، وهي مبارده تابعه للاتحاد الدولي للحفاظ علي الطبيعه.\nعلي مدي الاربعين سنه الماضيه، تزايدت اعداد الذئاب عبر القاره الاوروبيه بشكل لا يصدق. يقول لينّيل: "في الوقت الراهن، يجري الحديث عما يقرب من 12 الف ذئب في اوروبا." ثم يشير الي ما يدل علي انه خلال نفس الفتره، تزايدت اعداد الذئاب في الولايات المتحده الامريكيه بسرعه فائقه ايضاً.\nذلك يعني ان هناك ذئاباً كثيره. وبالتالي، فهل يوجد شيء من الحقيقه في الفكره التي تقول ان الذئاب تشكل خطراً كبيرا علي البشر؟\nويضيف لينّيل: "اذا القينا نظره علي التاريخ الاوروبي، سنلاحظ وجود الكثير من الدلائل علي ان الذئاب قد قتلت العديد من الناس خلال القرون الماضيه."\nفي المناطق الريفيه التي استوطنها البشر بشكل مكثف، حيث سادت فيها تربيه الماشيه، وكان الاطفال يعملون كرعاه لها، هاجمت الذئاب الناس بالفعل. يقول لينّيل: "ينطبق هذا الوصف علي معظم مناطق اوروبا حتي نهايه القرن التاسع عشر."\nثم هناك الخطر الاضافي الاتي من الذئاب المسعوره. يضيف لينّيل: "خلال فتره محدوده جداً، يمكن لذئب مسعور ان يغطي مسافات واسعه. ويمكنه اثناءها ان يعقر اي كائن لا يهرب من امامه. قبل اكتشافنا علاجا لداء السُعار، كان يعني ذلك حكماً بالموت."\nلا زالت هناك اماكن في عالمنا تختلف عن غيرها بمخاطر التعرض لهجوم الذئاب. ففي واقعه موثّقه بشكل جيد، حصلت في الهند، جنّ جنون ذئب مسعور فهاجم اكثر من عشره اشخاص في ست قري خلال يوم واحد. ولقي ثلاثه من المصابين حتفهم، "كانت جروحهم خطيره في الوجه والرقبه".\nقبل بضعه سنين، حصلت واقعه مماثله في تركيا عندما هاجم ذئب وجه رجل في الستين من عمره كان جالساً في حديقه منزله. لقد نجح الرجل في مصارعه ذلك الذئب حتي قتله، لكن بعد ان اصابته عضه الذئب. توفي الرجل بعد اسبوع تقريباً، ويرجح ان ذلك كان بسبب داء السُعار نتيجه عضه الذئب.\nرغم ذلك، فالامور مختلفه نوعاً ما في معظم بقاع اوروبا وامريكا الشماليه في عصرنا الراهن. لا يوجد اطفال بين الرعاه، وهناك عدد قليل من حالات الاصابه نتيجه سُعار الذئاب. لذا، فان احتمالات وقوع هجوم لذئب لا تشغل بال احد، بحسب راي لينّيل.\nعلي النقيض تماماً من تصوير الذئب بهيئه شيطانيه، ظهرت رؤيه بديله خلال الخمسين سنه الماضيه. لكن هذه الرؤيه، كمثيلتها الخياليه السابقه، تصور الذئب كوحش يعشقه الناس بسبب مقدرته وسطوته.\nاحتضنت تلك الفكره حركه روحيه يطلق عليها اسم "العصر الجديد". وما اضاف قوه الي هذه الفكره ايضا هو الاعتراف المتزايد بانه يمكن لاهم الحيوانات المفترسه، مثل الذئاب، ان تؤثر بعمق علي التنوع البيولوجي، وغالباً ما تزيده ثراءً.\nكانت افضل وسيله للتعرف علي هذه الرؤيه للذئاب هي من خلال معرفه ما جري في "متنزه يلوستون الوطني" في الولايات المتحده الامريكيه.\nفي عشرينيات القرن الماضي، قام موظفو الحكومه الامريكيه بعمليه اباده لذئاب متنزه يلوستون. اصبح المتنزه خالياً من الذئاب لمده 70 سنه لاحقه. ثم جاء عام 1995، وبعد عقدين من التخطيط، حصل مناصرو الحفاظ علي البيئه علي الضوء الاخضر لنشر الذئاب الكنديه في ذلك المتنزه.\nكان لاعاده الذئاب الي المتنزه دور في تغيير البيئه تماماً في ذلك المكان. كان اكثر تاثير فوري واضح هو اعداد الظباء، التي كان عددها عند اعاده الذئاب للمتنزه 16 الف ظبي. ففي عام 2004، انحسر عدد تلك الظباء ليصل الي النصف، اي 8000 ظبي فقط.\nقد يري القاريء ان ذلك الامر غير سار، لكن تداعياته كانت مثيره للاعجاب. فمن خلال انخفاض اعداد الظباء اكله النباتات، شهدت الاشجار الخشبيه من انواع الصفصاف، والحور الرجراج، والحور القطني ازدهاراً مثيراً.\nان منظومه البيئه امر معقد، لذا ليس من البساطه ان نعزو جميع هذه التغيرات الي اعاده نشر الذئاب فقط. فهناك ادله دامغه تشير الي ان الظهور المفاجيء لاشدّ الحيوانات افتراسا في متنزه يلوستون قد اثار تحولات كبيره. فالذئاب، علي ما يبدو، تعد صديقه للاشجار.\nاذاً، ما هي حقيقه الذئاب؟ يحتمل انها في منتصف المسافه بين صوره الذئب الشيطانيه التي ورثناها من القصص الشعبيه، وذئب البراري في العصر الجديد.\nيقول لينّيل: "التحدي الذي نواجهه الان هو الابتعاد عن هاتين النظرتين المتطرفتين، وصولا الي رؤيه وسطيه ليس فيها خوف شديد، او عشق شديد."\nويضيف: "ليس الذئب شيطاناً ، وليس قديسا ايضا. انه ببساطه حيوان مفترس كبير."

الخبر من المصدر