هل انتهى زمن «القوائم السوداء» في الدراما السوريّة؟

هل انتهى زمن «القوائم السوداء» في الدراما السوريّة؟

منذ 9 سنوات

هل انتهى زمن «القوائم السوداء» في الدراما السوريّة؟

اثار فيلم «الرابعه بتوقيت الفردوس» (اخراج محمد عبد العزيز) جدلاً واسعاً بعد عرضه في سوريا مؤخراً، لم يقف عند عتبه البحثَ في جدوي العمل وتشريحه كمنجزٍ فنيّ وفكريّ، بل تعدّاه الي حدّ توجيه اتّهاماتٍ تطال الهويّه الوطنيّه لصنّاعه. حتّي انّ بعض الاقلام لم تجد حرجاً في قراءه الشّريط وفق منظورٍ طائفيّ، يفترض انّ المخرج تقصّد الاساءه الي اقليّهٍ سوريّه في لقطهٍ او اثنتين.\nلو انّ الاصطياد السّابق جاء في سنوات السّلم لسهُلَ تجاهله او التعامل معه، تجاوزاً، كغلطٍ قابلٍ للتفنيد والتصويب، لكنّ العارفين بكواليس العمل الفنيّ في سوريا يدركون جيداً انّ اتهاماً من هذا الطراز كان من شانه ان يُعرّض محمد عبد العزيز للمساءله لولا انّ الاخير قد انجز فيلمه تحت لواء «المؤسّسه العامّه للسينما»، التي اجرت بدورها مسحاً رقابياً للشريط قبل الاقرار بجواز عرضه في صالات دمشق.\nهذا الحدث لم يكنِ الاوّل من نوعه، اذ انّ الحرب السّوريه افرزت تصنيفاتٍ مشوّهه مسّت كلّ اشكال الجمال القديمه، وجاءت نتائجها كارثيّه علي صعيد العمل الفنيّ، فصرنا نسمع عن شركات انتاجٍ لتشغيل الممثلين الموالين، واخري لتشغيل الممثلين المعارضين، وعن مسلسلٍ يخدم فكر الموالاه واخر يُبيّض صفحه المعارضه. نستذكر هنا، علي سبيل المثال لا الحصر، اعتذارَ عددٍ من الممثلين المحسوبين علي الشّارع المؤّيد عن عدم المشاركه في الجزء الثّالث من سلسله «ولاده من الخاصره» (نصّ سامر رضوان/ اخراج سيف الدين سبيعي) بحجّه انّ العمل يُقارب الازمه السّوريه من وجهه نظرٍ تتنافي مع قناعاتهم الشخصيّه. الامر ذاته تكرّر مع مسلسل «حلاوه روح»، فالعمل الّذي كتبه رافي وهبي واخرجه شوقي الماجري البس الراديكاليين الاسلاميين ثوباً ملائكياً ولم يخصّ الدولة السورية بمؤشّراتٍ ايجابيّهٍ تذكر، الامر الّذي جعل عدداً من صنّاعه يتبرّؤون من فكر العمل ورسالته.\nواقع الحال يقول انّ الاقصاءات (السياسيّه / الفنيّه) ازدهرت في سنوات الحرب، وذلك ليس بجديد. وفي سياق الحديث عن نتائجها، نستذكر تصريحات لنقيب الفنانين السوريين زهير رمضان قبل اشهر، قال فيها انّ النقابه تدرس جديّاً الغاء عضويه عددٍ من الممثلين السوريين بحجّه انّهم اساءوا لرموز السياده الوطنيّه. واذا كانت قائمه الاسماء الوارده في بيان النقابه محدّده ومعلنه، فانّ الكارثه تكمن في مساحه الارتجال الّتي تنضوي عليها «القوائم السوداء» المعمول بها في الدوائر الفنيّه التابعه للقطاع العام، والّتي باتت تصاغ بشكلٍ عشوائيّ يستند الي «تقارير» يعدّها عددٌ من الوصوليين اعتماداً علي انصاف تصريحاتٍ واشباه مواقف تخصّ بعضَ الفنّانين المقيمين داخلَ سوريا او خارجها. لكنّ الرّجوع الي اصحاب القرار في وزاره الاعلام يعيدنا دائماً الي مربّع الحقيقه، اذ يقولون «انّ العمل داخل سوريا متاحٌ لكلّ السّوريين المقيمين فيها، ومتاحٌ لكلّ من يدخل البلادَ بصورهٍ شرعيّه». هذا الافتراض برهنته التجربه، حيث شكّلت عوده الممثله سلافه معمار الي دمشق (صوّرت فيها اولي مشاهدها في مسلسل العرّاب) صفعهً لكلّ من روّج للشائعات الّتي تقول انّ اسمها يتصدّر القائمه السوداء سابقه الذّكر، حالها في ذلك حال عددٍ كبيرٍ من الممثلين والممثلات، والامثله هنا اكثر من ان تُعدّ وتُحصي.\nتسعي الدوله لتكريس سياسه المصالحات فنيّاً وسياسياً، وقد اثبت هذا النهج فاعليته بالنسبه لكثيرين. لكنّ الاستمرار به والاشتغال علي انجاحه يقتضي، بالضروره، وضع حدٍّ لكلّ من يمتهنون الضّرب تحت الحزام وكتابهَ وصفات التخوين ومنح صكوكِ الوطنيّه لهذا المواطنِ او ذاك، او لهذا الفنّان او ذاك، ولعل الساحه الفنيّه احوج ما تكون الي هذا الصّنف من الضوابط.

الخبر من المصدر