الوجه الآخر للأزمة فهمي هويدي

الوجه الآخر للأزمة فهمي هويدي

منذ 9 سنوات

الوجه الآخر للأزمة فهمي هويدي

سيل التقارير التي تخرج من اليمن تقدم الينا الاخبار منقوصه. ذلك انها تركز علي غارات طائرات التحالف وانجازات عمليه «عاصفه الحزم» من ناحيه، ومقاومه الحوثيين ومحاوله تمددهم في عدن وبقيه المحافظات اليمنيه من ناحيه ثانيه. الا ان هناك طرفا ثالثا لاياتي علي ذكره احد، هو جموع الشعب اليمني التي ليست في هذا الجانب او ذاك، وتتناثر جثثها في شوارع صنعاء وعدن ومارب وغيرها. في حين عجزت المستشفيات عن ان تستوعب جرحاهم. ولايذكر من اخبارهم الا الدعوات التي تطلق لحث الناس علي التبرع بالدم. دم هؤلاء المجهولين الابرياء في رقبه الذين اشعلوا نار الفتنه وجروا اليمن بطموحهم ورعونتهم وجهلهم الي ذلك المصير الفاجع. صحيح ان البيانات العسكريه تتحدث عن قصف مواقع الحوثيين. كما ان التقارير الصحفيه تتحدث عن الصراع في عدن بين قوات علي عبدالله صالح وميليشيات الحوثيين وبين وحدات اللجان الشعبيه المواليه للرئيس عبدربه منصور، لكن القذائف التي تسقطها الطائرات وتلك التي تطلقها المدافع والرشاشات، لاتفرق بين يمني واخر، لكنها تقتل كل من يصادفها، بغض النظر عما اذا كان حوثيا او قبليا، زيديا او شافعيا، شماليا كان ام جنوبيا.\nالقصف الذي استهدف مواقع الحوثيين لم يقتصر اثره علي قتل عشرات اليمنيين الابرياء، لكنه ادي ايضا الي ترويع الالوف. والذي لايقل خطوره عن هذا وذاك انه احدث جرحا عميقا في الذاكره اليمنيه وقدرا من المراره ينضاف الي مخزون المرارات التي تحفل بها الاعماق اليمنيه، وتسحب الكثير من مشاعر الود ازاء المملكه السعوديه. وهو ما يتطلب جهدا خاصا ووقتا طويلا لترميمه. لانني ازعم ان اليمنيين لن ينسوا بسهوله ان تحالفا قادته السعوديه قصفهم من الجو فاراق الدماء وروع الخلق وايقظ المرارات الكامنه.\nلان اليمن هو الخاسر الاكبر فيما جري، فان القصف الذي استهدف مواقع الحوثيين وتحصيناتهم لم يقتصر اثره علي ما اصاب البشر، لان الحوثيين كانوا يقاتلون باسلحه الدوله اليمنيه التي استولوا عليها. ومن الناحيه العمليه فان استهداف قدراتهم العسكريه يصب مباشره في مجري تدمير القدره العسكريه لليمن، بما تمثله من طائرات مقاتله وصواريخ ودبابات. وتلك خساره يتعذر تعويضها في الاجل المنظور. ولم يقف التدمير عند ذلك الحد، لانه طال البنيه التحتيه للمدن الكبري علي الاقل، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والاتصالات وغير ذلك.\nحين يحدث ذلك في بلد محدود الموارد، وقدراته الاقتصاديه عاجزه عن توفير الاحتياجات الاساسيه لشعبه، فانه يبين المدي الذي بلغته الكارثه التي حلت باليمن جراء الحرب التي فرضت عليه.\nثمه ملاحظه هامشيه في السياق الذي نحن بصدده، ذلك انه ازعجني ما تردد خلال اليومين الماضيين ما نشر عن قيام البحريه المصريه المشاركه في عاصفه الحزم بقصف مواقع الحوثيين في عدن. اذ رغم انني تفهمت الملابسات والحسابات السياسيه التي دفعت مصر الي الاشتراك في الحرب، الا انني توقعت ان يقتصر دورها علي تامين باب المندب ــ وذلك امر مهم لاريب ــ دون ان تشارك في القتال بين الطرفين. ذلك انني تمنيت ان تظل الصوره المصريه في الذاكره اليمنيه محتفظه بنصاعتها التي تجلت في مسانده ثوره سبتمبر علي حكم الامامه، والا تشوه تلك الصوره برذاذ دماء اليمنيين الابرياء الذين يسقطون في الحرب الراهنه. ناهيك عن ان اكتفاء مصر بتامين الممر الدولي في باب المندب يمكنها من ان تقوم بدور الوسيط الذي يستطيع ان يسهم في حل الازمه وتجنيب اليمن مزيدا من الدمار والضحايا.\nلا استطيع ان اختم دون ان اشير الي القصيده او المرثيه التي كتبها في غمار الازمه شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح، حتي صارت نشيدا لكل اليمنيين، خصوصا بعدما غنتها المطربه اليمنيه شروق، وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي بين اليمنيين المهاجرين في اصقاع الارض. يقول المقالح في قصيدته:\nمما ليس مقبولا ولا معقولا ــ ان يصبح اليمن الحبيب طلولا\nاذ يشتوي بالنار من ابنائه ــ ويناله منهم اذي وذهولا\nالراكعون لكل علج اجرب ــ والخاضعون اذله وخمولا\nيتقاتلون علي سراب خادع ــ ويرون فيه المغنم المامولا\nوطن يباع علي الرصيف بحفنه ــ من مال اسرافيل او عزريلا\nاسفي علي الشهداء كيف تساقطوا ــ كي يرتدي المتذبذب الاكليلا\nاين اليمانيون؟ من تركوا علي ــ وجه السماء سلامهم مجدولا\nلم يبق منهم في البلاد بقيه ــ رحلوا سيوفا في الدنا وخيولا\nلم يتركوا في الدار الا حاقدا ــ متهورا او عاجزا مخبولا\nاني لاهجوهم واشعر انني ــ اهجو كياني مبدا واصولا\nلايسمعون نداء صوت عاقل ــ او ياخذون الي الوئام سبيلا\nلعنتهم الاحفاد في اصلابهم ــ ونفتهم الاجيال جيلا جيلا

الخبر من المصدر