حلول ذكية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون

حلول ذكية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون

منذ 9 سنوات

حلول ذكية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون

ادي تراكم ملايين الاطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الي حدوث تغيرات حاده في مناخ العالم، حيث ارتفع تركيز هذا الغاز من 280 جزءا من المليون منذ بدايه الثورة الصناعية الي 400 جزء من المليون حاليا.\nومن المتوقع ان يواصل هذا الرقم ارتفاعه نظرا لاستمرار حرق مزيد من الوقود الملوث للبيئه، وتوسع نشاطات الانسان الصناعيه المختلفه سواء لانتاج الطاقه الكهربائيه من الوقود الاحفوري او في الصناعات الثقيلة كالحديد والصلب والاسمنت وغيرها او من وسائط النقل المختلفه، ويكفي القول ان السياره الواحده تطلق في المتوسط وخلال فتره حياتها نحو مائه طن من هذا الغاز.\nما زال انتاج الطاقه من مصادر متجدده وصديقه للبيئه اقل بكثير من حاجه الانسان المتزايده للطاقه التي يتم انتاج غالبيتها من الوقود الاحفوري (فحم ونفط وغاز) وهو المسبب لانطلاق كميات هائله من غاز ثاني اكسيد الكربون في الهواء، ويتوقع ان يبقي الوقود الاحفوري مصدرا هاما للطاقه خلال القرن الحالي نظرا لاكتشاف مصادر جديده منه وتحسين طرق استخراجه وانتاجه.\nويسعي الباحثون حاليا الي خفض تركيز غاز ثاني اكسيد الكربون في الهواء لكبح جماح التزايد المضطرد في درجه حراره الارض، اذ يتطلعون لتبقي نسبه الغاز الكربوني في الهواء بحدود 380 جزءا في المليون.\nوقد سُن لهذه الغايه عدد من البروتوكولات الدوليه للحد من انبعاثات هذا الغاز، كما تم تحسين جوده حرق الوقود الاحفوري وابتكار وسائط نقل حديثه تستهلك كميات قليله من الوقود، كما تم دعم مشاريع الطاقه البديله وغيرها من الاجراءات، التي لم تستطع ان تمنع تراكم مزيد من الغاز الكربوني في الهواء الجوي، من هنا تم اقتراح امتصاص جزء من هذا الغاز من الغلاف الجوي تماما كما تفعل اشجار الغابات لكن بكفاءه اعلي.\nلقد اهتم عدد من مراكز الابحاث بتكنولوجيا امتصاص ثاني اكسيد الكربون من الهواء، ومنها معهد جورجيا للتقنيه وجامعه كالكاري في كندا وجامعه كولومبيا ومركز التقنيه المتقدمه في اريزونا والمعهد السويسري الفدرالي للتقنيه في زيوريخ.\nوترتكز هذه التقنيه علي تمرير الهواء الجوي علي مرشحات تحتوي علي مواد امتصاص انتقائيه قادره علي امتصاص الغاز الكربوني فقط من الهواء، وهي تشبه في عملها اجهزه الامتصاص الموجوده في الغواصات والمركبات الفضائيه لازاله ثاني اكسيد الكربون من الهواء لكن علي نطاق اكبر واكثر فاعليه بحيث تمتص اطنانا عده من الغاز الكربوني في اليوم.\nوتم تصميم نماذج عده لالات امتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون ذات كفاءات متباينه، ومنها النموذج الذي تم تطويره في جامعه كولومبيا والذي يتكون من الواح عليها طبقات من الياف راتنجيه لماده ماصه، كايونات الكربونات السالبه الشحنه، وبعرض متر وارتفاع 2.5 متر وموضوعه علي سكه دائريه بقطر 12 مترا، تتحرك بشكل دائري ويخترقها تيار قوي من الهواء الجوي.\n(والراتنج تعريب لكلمه (resin) وهي مركبات عضويه ذات لزوجه تتصلب لدي التعرض للهواء حيث تصبح مواد صلبه غير متبلوره وهشه، وهذه المركبات تحتوي علي كربون وهيدروجين واوكسجين، ولا تنحل في الماء، لكنها تنحل في الايثر والمذيبات العضويه، ولها استعمالات متعدده في الصناعات الكيميائيه ومن تلك الاستعمالات استخدام بعض الراتنجات في محطات تحليه المياه).\nولدي تشبع المواد الماصه بالغاز الكربوني، تنزل الالواح الي اسفل في حاويه خاصه لتجريدها من الغاز الكربوني، وتوضع بدلا منها الواح جديده لاستمرار عمليه امتصاص الغاز من الهواء، اما الغاز الذي تم تجريده فيتم ضغطه وتحويله الي سائل ويوضع في اسطوانات خاصه.\nالا ان المعضله التي تواجه هذه التقنيه هي في عمليه تحرير غاز ثاني اكسيد الكربون من المواد الماصه، وهي عمليه مكلفه ماديا، وتتركز الابحاث الان علي خفض تلك التكاليف، وقد تم مؤخرا استخدام مواد ماصه كيميائيه تستطيع الارتباط بقوه مع غاز ثاني اكسيد الكربون وفي نفس الوقت تستطيع تحرير الغاز منها بسهوله، وهذه المواد الماصه قد تكون سائله او صلبه.\nومن تلك المواد الكيميائيه الماصه للغاز الكربوني، هيدروكسيد الصوديوم السائل، الا ان تحرير الغاز منه عمليه صعبه ومكلفه حيث يجب نزع ثاني اكسيد الكربون من كربونات الصوديوم او كربونات الصوديوم الهيدروجينيه المتكونتين، وذلك لاعاده استخدام ماده الامتصاص من جديد.\nولتسهيل عمليه الامتصاص والنزع للغاز الكربوني، تم تصميم مبادلات راتنجيه ايونيه، هي عباره عن بوليمرات كربونيه جافه تتحول الي كربونات حامضيه لدي امتصاص الغاز الكربوني، ويتم التحرير للغاز بواسطه الماء.\nهذا ويسعي الباحثون الان الي تخفيض كلفه عمليه امتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون، حيث تبلغ حاليا نحو مائتي دولار للطن الواحد، ويتوقع ان تنخفض الي ثلاثين دولارا للطن الواحد مع تطور هذه التقنيه، التي يجب مراعاه ان يكون استهلاكها للطاقه قليلا بحيث لا تتسبب باضافه مزيد من الكربون في الغلاف الجوي، ويتوقع ان يتم نشر مليون وحده منها في العالم.\nعلي الرغم من ان الهدف الاول من هذه التقنيه هو امتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون من الغلاف الجوي لحماية البيئة من اثاره المدمره للنظام البيئي، فانه يمكن استخدام هذا الغاز في عدد كبير من الصناعات الهامه وبجدوي اقتصاديه، كانتاج الغاز الاصطناعي وهو نوع من الوقود لوسائط النقل مكونٌ من اول اكسيد الكربون وهيدروجين، ويستخدم حاليا في عدد من دول العالم، كما يستخدم كماده اوليه لانتاج انواع اخري من الوقود.\nكذلك يمكن استخدام الغاز الكربوني الممتص من الهواء في صناعه الثلج الجاف وكمحفز لنمو النباتات في المزارع المحميه، وكمذيب كيميائي وكسائل تبريد وفي صناعة المياه الغازيه وبعض المواد الغذائيه، كما يستخدم -وعلي نطاق واسع- في عمليات رفع انتاجيه النفط الخام من الابار، والفائض من هذا الغاز يمكن تخزينه في باطن الارض وفي ابار النفط والغاز المستنفده.\n** كاتب علمي متخصص في هندسه تكنولوجيا الصناعات الكيميائيه

الخبر من المصدر