الإيزيديون في عفرين: ذاكرة مثقلة وخوفٌ من المجهول

الإيزيديون في عفرين: ذاكرة مثقلة وخوفٌ من المجهول

منذ 9 سنوات

الإيزيديون في عفرين: ذاكرة مثقلة وخوفٌ من المجهول

في نهايه شهر تشرين الاول/اكتوبر من عام 2012 تعرضت قريه قسطل جندو، والتي يدين سكانها بالايزيديه، لهجوم عسكري بعد سيطره تشكيلات من الجيش الحر علي مدينه اعزاز المجاوره لها. ويروي سكان القريه القريبه من مدينه عفرين ان عناصر الجيش الحر استهدفوها بحجه اعتناقهم ديناً غير الدين الاسلامي.\nبيمان وهي سيده في عقدها السادس من قريه قسطل جندو، قالت لـ DW عربيه: "وقتها دعوا اهالي القريه الي اعتناق دين الاسلام وترك ديننا الايزيدي"، واضافت: "كانت المره الاولي في تاريخنا، التي يحمل فيها الرجال والفتيه السلاح ليصدوا هجوم هؤلاء الغرباء".\nوبعد عام من الحادثه، سيطر تنظيم "داعش" علي مدينه اعزاز وشن عده هجمات علي قريه قسطل جندو وقري ايزيديه مجاوره بحجه "محاربه الكفار".\nويتوزع انتشار الايزيديين في سوريا بمدينتي الحسكه وعفرين، ويقدر عدد المتبقين منهم بحوالي عشره الاف نسمه، يسكن غالبيتهم القري والجبال. والايزيديه ديانه قديمه نشات في بلاد ما بين النهرين منذ اكثر من اربعه الاف عام، تتصل جذورها بالزردشتيه وتاثرت طقوسها بمحطيها الاسلامي والمسيحي.\nالسيده بيمان: لاول مره يحمل رجالنا السلاح لصد هجوم الغرباء\nاثر الهجوم الذي شنه عناصر تنظيم "داعش" صيف العام الماضي علي مناطق الايزيديين في جبل سنجار شمال العراق، شُرّد عشرات الالاف من اتباع الديانه وحوصر الالاف منهم عده اشهر، فيما تعرض اخرون الي مذابح جماعيه وظل مصير الكثير مجهولاً الي الان.\nقبل ايام وصلت اخيراً هيفيدار، وهي ايزيديه، من جبل سنجار الي مدينه عفرين. فرت من قبضه التنظيم في الرقه بعد ان اجبرت علي الزواج من احد مقاتليه. فضلت بدايهً عدم روايه قصتها، ولكن سرعان ما تحدثت وبدات كلامها بصوت مثقل بالهموم وقالت: "صيف العام الماضي خطفني تنظيم "داعش" وباعوني في احدي اسواق السبي، حيث قاموا بفرز النسوه حسب اعمارهن وبعدها فُصلت المتزوجات عن الفتيات، ومن معها طفل عن اللاتي لديهن اكثر من طفل".\nهيفيدار تذكرت تلك الايام واللحظات العصيبه التي مرت بها، واعربت لـ DW عربيه عن قلقها: "لن انسي تلك اللحظات ما حييت"، وتابعت: "جاؤوا بي الي مدينه الرقه، واجبروني علي الزواج من مقاتل سعودي الجنسيه". هيفيدار متزوجه ولديها طفله ولا تعلم شيئاً عن مصير اسرتها وذويها منذ ذاك الوقت. وكان السعودي متزوجاً من غيرها لتقدم لها المساعده: "توسلت لزوجته الاولي والتي اشفقت علي لانني متزوجه ولدي طفله، فقامت بمساعدتي بالهرب خارج الرقه"، ونجحت بالوصول الي المنطقه الكرديه بمدينة حلب، ومن هناك جاءت الي مدينه عفرين لتسكن مع عائله ايزيديه.\nنسرين عيسي اخفت ديانتها لسنوات\nيستشعر ايزيديو مدينه عفرين خطوره تنامي التنظيمات المتطرفه سيما تنظيمي "داعش" والنصره. وعبرت نسرين عيسي، وهي مدرسه الديانه الايزيدييه في مدينه عفرين، عن حزنها لما لقيه ابناء جلدتها في شمال العراق وقالت: "ادركت ان الشر اقوي من الخير، ولكنه لن يغلب الخير ابداً"، وتؤمن نسرين ان العالم تحكمه قوتان: الاولي قوه الخير والثانيه قوه الشر، ولفتت قائله "هاتان القوتان تتجاذبان الانسان في حياته، فان اتبع اعمال القوه الاولي وعمل عملاً صالحاً وطهر بدنه فـقد اخزي اله الشر واستحق الاجر والثواب من الله"، حسب معتقداتهم الدينيه.\nنسرين اخفت ديانتها وانتماءها القومي طيله سنوات دراستها الجامعيه في مدينه حلب، لتعرف بنفسها علي انها (عربيه مسلمه)، وفي مقابلتها مع DW اشارت "قبل الثوره كنت اخشي ان يفتضح امري، لم اظهر اي شيء يتعلق بطقوسنا، كانت لي صديقتان من المقربات جداً وكانتا الوحيدتين اللتين تعلمان ديني واصلي".\nنسرين رفضت التعريف عن نفسها بانها ايزيديه او كرديه وقالت "انا انسانه، واجمع الصفتين"، اصبحت مدرسه تُدرس ماده الديانه الايزيديه للطلاب الايزيديين والتي بدات تدرّس رسمياً هذا العام في مدينه عفرين.\nبدورها اكدت ايتان شيخ عيسي، نائبه رئيس هيئه التربيه والتعليم في مقاطعه عفرين، ان "الهيئه وبالتنسيق مع الجمعيه الايزيديه يحضرون لادخال ماده الديانه الايزيديه ليتم تعليمها في مدارس 11 قريه فيها مواطنون من المكون الايزيدي اضافه الي مدرستين في مركز المدينه".\nللمره الاولي في تاريخهم، افتتح اتباع الديانه الايزيديه في مدينه عفرين جمعيه خاصه بهم، في محاوله منهم للتعريف بهويتهم الدينيه ونقل ماساتهم ومعاناتهم خلال العقود الماضيه.\nمصطفي علي شان: ديننا دين تسامح ومحبه ويدعو للسلام\nووصف مصطفي علي شان نبو رئيس (جمعيه الايزيديين في غرب كردستان) لدي حديثه مع DW عربيه انّ "مشهد شنغال هو تكرار لما عانيناه طيله عقود خلت"، مضيفاً "لم يراودني الشك يوماً بانتمائي الديني"، واضاف "ديننا دين تسامح ومحبه يدعو للسلام، لم نحارب احداً ولم نعتد علي احد، نرغب في العيش بامان". واكد رئيس الجمعيه ان "هنالك 20 قريه يسكنها الايزيديون في عفرين، البعض منها ذو غالبيه ايزيديه، وقري اخري مختلطه فيها اكراد مسلمون واخري فيها اكراد ايزيديون".\nبدوره، اكد رجل الدين الايزيدي بيير شامو لـ DW عربيه ان "اتباع الديانه كانوا يخضعون للمحاكم الشرعيه الاسلاميه في سوريا دون ارادتهم، ولا يملكون محاكم شرعيه او دينيه خاصه بهم"، كما لم يسمح لهم ان يتبعوا المحاكم المدنيه في قضاياهم الدينيه.\nويشغل شامو منصب نائب رئيس هيئه الشؤون الدينيه في الاداره الذاتيه بمقاطعه عفرين، واستخلص كلامه قائلاً: "اليوم هناك محكمه وجمعيه ومدرسه خاصه بنا، نستطيع التعبير عن انتمائنا الديني دون اي خوف او رقابه".

الخبر من المصدر