موقع الصعيد على خارطة المستقبل

موقع الصعيد على خارطة المستقبل

منذ 9 سنوات

موقع الصعيد على خارطة المستقبل

منذ عقود نمحص عن خطط حقيقية لتنمية الصعيد فلا نجد إلا عناوين جوفاء تنشر على استحياء بالصحف، بينما تستمر تنمية الفقر والفقراء هناك،حيث يفر بعضهم من أمه وأبيه وزوجته وذويه للعمل بالخارج بينما يضطر بعضهم الآخر للهجرة إلى الشمال في مواسم مستمرة طوال العام لينحشر في عشوائيات القاهرة.\nوعلى الرغم من كل ما تعلن عنه الحكومات المتعاقبة من برامج لموجهة الفقر خاصة في الصعيد، فإن معدلات الفقر مازالت مرتفعة جداً.\nهذه الحقائق تظهرها التقارير العلمية من حين الى آخر، ومنها التقرير الذي أصدره الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء مؤخرا عن نسب الفقر بمصر حيث تصدرت محافظات الصعيد القائمة،فاحتلت أسيوط المركز الأول بنسبة فقر 61.7% وتلتها قنا (59.6% ) ثم سوهاج (55.8%.) وأسوان (47%..) والأقصـر(44.3% )وبنى سويف (38.5%.) والفيوم (36.9%) والمنيا (33.1%). وأرجع التقرير ارتفاع نسب الفقر في محافظات الصعيد إلى غياب التنمية فيها.\nهذه النتائج تجلي حجم المعاناة التي تمتد الى نصف قرن، حيث لم تفلح الحكومات المتعاقبة في إنقاذ الصعيد من أزماته. وحتى مبادرات بعض رجال الأعمال التي ظاهرها تنمية الوطن وباطنها «البزنس» توارت وذبلت حسبما ظهر في اخر منتدي لتنمية الصعيد تبنته وزارة الاستثمار الذي أوصى بإنشاء شركة قابضة لتنمية الصعيد رأسمالها 4 مليارات جنيه مناصفة بين رجال الأعمال والحكومة.\nومع ذلك لم يتم تنفيذ هذه الشركة التي وئدت قبل ولادتها لتختصر المسافة التي قطعتها سابقتها «شركة تنمية الصعيد» التي أنشئت بمشاركة عدة بنوك وشركات عام 2008 لتكون ذراعاً دافعة للعديد من الشركات للعمل في الصعيد ولكن وللأسف حدث توقف نسبي في عملها منذ ثورة يناير 2011م، وهو يشابه لما حدث أيضا مع شركة الصعيد للاستثمار والتنمية التابعة لوزارة الاستثمار حيث أصابها بعض التراجع.\nربما الجديد الذي أضافه المنتدي هو الاعتراف الرسمي بأن الصعيد بعيد عن محاور التنمية منذ فترة طويلة، تصل إلى 50 عاما.\nفي المنتدى نفسه ذكر مسئولون كبار مشاركون حقائق محبطة على تؤكد انخفاض نصيب محافظات الصعيد من النشاط الاقتصادي، فقد شهد العام 2013 تأسيس 6 آلاف شركة كان نصيب محافظات الصعيد 635 شركة بنسبة 10٪ فقط، على الرغم وجود العديد من الفرص الاستثمارية بالجنوب وقامت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بحصرها.\nوتضاعفت هذه المعاناة خلال السنوات الاربع الماضية بسبب الخسارة الكبيرة في مجال السياحة التي نتج عنها توقف الدخل لدى الآلاف من أبناء محافظات الصعيد بخاصة في الأقصر وقنا واسوان.\nواليوم ونحن بصدد بداية صفحة جديد لبناء الوطن، فإن تنمية الصعيد هي حجر الزاوية في هذا البناء والأمر هنا أكبر من مجرد تأسيس شركات أو إنشاء مصانع، وإنما نحتاج إرادة سياسية ترفع الظلم الواقع على محافظات الجنوب، وتضع خطة وطنية لتنميته ضمن خطة مستقبلية لمصر يكون الصعيد في قلبها خصوصا أنه يحتوي على العديد من الفرص الاستثمارية البكر.\nويمكن أن يتحقق هذا الهدف ضمن مشروع ممر التنمية والتعمير الذي اقترحه العالم الكبير د. فاروق الباز ويتمثل في طريق بطول مصر من العاملين شمالا حتى حدود السودان جنوبا، وانبوب ماء من بحيرة ناصر الى الشمال وخط سكة حديد وكهرباء، والمشروع الذي يربط شمال مصر بجنوبها، ويتضمن 15 محورا عرضيا يربط المدن فى الوادى والدلتا بالممر، وانشاء 200 مدينة جديدة و15 مدينة صناعية، واستصلاح 1.7 مليون فدان اعتمادا على المياه الجوفية المتوافرة بالصحراء الغربية، ويمكن أن يبدأ هذا المشروع من الجنوب مع توفير ميزات استثمارية لجذب الشركات ورجال الأعمال للمنطقة.\nنريد ان يكون الصعيد واضحا في خريطة مصر التنموية ليس فقط لأنه هذا واجب الدولة تجاه جزء عزيز من جسدها، وإنما ايضا لأن يعتبر مستقبل مصر في الأراضي بما لديه من الفرص الواعدة، حيث إن الامتدادات الطبيعية لا تزال قائمة بالجنوب لأن الدلتا أصبحت شبه مغلقة. فضلا عن 70% من الفرص الاستثمارية المكتملة موجدة في الصعيد. فهل آن الأوان لكي نكفر عن خطايا الحكومات السابقة في حق الصعيد ونضعه في موقعه الحقيقي على خارطة المستقبل؟

الخبر من المصدر