الحكومة الإلكترونية في مصر: شراكةٌ واعدة مع روّاد الأعمال

الحكومة الإلكترونية في مصر: شراكةٌ واعدة مع روّاد الأعمال

منذ 9 سنوات

الحكومة الإلكترونية في مصر: شراكةٌ واعدة مع روّاد الأعمال

يقف مجمّع التحرير، البناء البيروقراطيّ المركزيّ في مصر الذي يُعتَبَر ارثاً حكومياً، كحارسٍ لميدان التحرير. ويرغب في تطوير هذا البناء الاثريّ بعض روّاد الاعمال الطموحين الذين تدعمهم وزاره الاتّصالات وتكنولوجيا المعلومات، مندفعين من خلال بعض الاصلاحات الصغيره والمؤثّره في العمل الحكوميّ في مصر.\nتقول ماجده حبيب، رئيسه الشؤون التجاريه في منصّه الدفع الالكترونيّ "فوري" Fawry التي اقامت شراكهً مع الحكومة المصرية، انّه لا يوجد سببٌ كي لا تتمّ المعاملات الحكوميه عبر الانترنت، كتجديد رخصه السياره للشركه او دفع فواتير الكهرباء.\nوبحسب ما اخبرَت "ومضه"، تقول حبيب انّ "كلّ هذه التفاعلات لا يجب ان تتمّ في المكاتب الحكوميه. التحديات التي تواجه الحكومه تجبرهم علي التفكير بطريقهٍ مختلفه والنظر في استراتيجياتٍ بديله ... انّهم مضطرّون للنظر في حلولٍ غير عاديه وغير تقليديه."\nوكانت "فوري" في وقتٍ سابقٍ من الشهر الماضي قد اطلقَت منصّهً الكترونيه للحصول علي رخص السيارات، تتبعها حملهٌ اعلانيهٌ هذا الشهر بعد تسويه مكامن الخلل فيها.\nوبهذا، فانّ هذه المنصّه الالكترونيه التي قصّرت العمليه التي تتطلّب الحضور شخصياً لدفع الرسوم في وزاره الداخليه وفرز المخالفات المروريه مع وزاره العدل وشراء عقد تامينٍ من شركهٍ معتمدهٍ من الحكومه، تامل ان تضمّ كلّ هذه الخطوات في ملفٍّ واحدٍ يُقَدّم الي وزاره النقل.\nوتقول حبيب انّ هذا الموقع جاء نتيجهً للـ"تكاملٍ مثاليّ" الذي اُوجِد بين الوزارات الثلاث وادارات كلٍّ منها. ويعود هذا الامر للدعم الثابت الذي قدّمته "فوري" للموظّفين الحكوميين التشغيليين الذي احتاجوا للتدريب، وايضاً للضمان انّ مكننه العمليه لن تودي الي خسارتهم لوظائفهم.\nانّ تعزيز المعرفه داخل الحكومه فضلاً عن وجود وعيٍ عالٍ لدي الشعب، يشكّل امراً اساسياً لنجاح "فوري" في توفير الخدمات الحكوميه الكترونياً: عرضَت مصر فعلاً بعض الخدمات عبر الانترنت لبعض الوقت، ولكنّ عدداً قليلاً يعرف بها وحسب.\nبدوره، يقول محمّد انيس من سكّن القاهره، انّه تقدّم بطلبٍ للحصول علي نسخهٍ من شهاده ميلاده عبر الانترنت عام 2007، فتفاجا بتلقّيه لاتّصالٍ هاتفيّ من القسم يساله ما اذا كان متاكّداً: سيُكلّف الامر 40 جنيهاً مصرياً (5 دولارات اميركيه) مقارنهً مع 8 جنيهاتٍ (ما يزيد قليلاً علي دولارٍ واحد) اذا جاء بنفسه الي المكتب الحكوميّ. واشار انيس الذي حاول مرّهً اقناع موظّفٍ حكوميٍّ بانّه لا يمزح، الي انّ الخدمه كانَت سريعهً ومريحه. ولكنّ عمليه مسحٍ سريعهٍ في مكان عمله الاسبوع الماضي، اوضحَت انّ واحداً من زملائه فقط يعتقد بانّ هذه الخدمه كانت موجوده حتّي في عام 2015.\nمن جهتها، استفادت شركه البرمجيّات التي تتّخذ من مدينه الاسكندريه مقرّاً لها، "اي سبايس" eSpace، من التجربه المؤسّساتيه منذ عام 2010. وقتها، اتاحَت الثوره للمدير التنفيذيّ يوسف علي فرصهً لتوجيه جزءٍ من الجسم الحكوميّ نحو استعمال البرمجيّات مفتوحه المصدر والبدء في عمليه تثقيف موظّفي الدوله.\nويقول علي انّ الحكومه قبل عام 2011 لم تكن تستخدم البرمجيّات المفتوحه المصدر، ولم يكن ايٌّ من الموظّفين يفهمها حقّاً.\nولكن بعدما طُلِب منهم في اخر لحظهٍ بناءُ موقعٍ للمعلومات عن الناخبين، في الاسابيع التي شهدَت خروج حسني مبارك والاستفتاء يوم 19 اذار/مارس 2011، عرّف فريقُ علي وزارهَ التنميه الاداريه السابقه علي نظام "لينكس" Linux، من اجل بناء قاعدهٍ وطنيهٍ لبيانات الناخبين.\nوبعد اربع سنواتٍ، تعمل "اي سبايس" علي تحضير موقعها الالكترونيّ من اجل الانتخابات البرلمانيه في اذار/مارس ونيسان/ابريل. ويقول علي عن هذا الامر، انّ الفائده الاساسيّه هي انّه لا يزال يعمل مع الفريق الحكوميّ نفسه.\n"لقد كان الامر صعباً قليلاً في البدايه، ولكن لنكون منصفين فانّ الشباب في وزاره التنميه الاداريه كانوا علي درجهٍ عاليهٍ من الكفاءه،" يقولها علي الذي يمكن ان يلحظ المعرفه الاضافيه التي استحقّت ضمن النظام.\nفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر، نشرَت وزاره الاتّصالات وتكنولوجيا المعلومات خطّه عملٍ استراتيجيه للتشجيع علي استعمال البرمجيّات الحرّه مفتوحه المصدر في كلٍّ من القطاعَين العامّ والخاصّ، داعمهً التوصيه التي دعا علي الي اعتمادها سابقاً.\nتستفيد شركات التكنولوجيا هذه من التحوّل الثقافيّ داخل الجسم الحكوميّ الذي بدا مطلع الالفيه الجديده، حيث بدات الحكومه بتحديث سياساتها تجاه الشركات الصغيره وريادة الأعمال. تمّ تغيير القوانين لاعطاء الشركات الصغيره ما لا يقّل عن 10% من جميع العقود الحكوميه، وعام 2004 تمّ انشاء "هيئه تنميه قطاع تكنولوجيا المعلومات" ITIDA لتعزيز قطاع تكنولوجيا المعلومات.\nواليوم، يقود حمله الحكومة الالكترونية في مصر وزيرُ الاتّصالات وتكنولوجيا المعلومات عاطف حلمي، الذي كان مديراً سابقاً في شركه "اوراكل" Oracle. ولقد نشط الوزير في سبيل ايجاد تواصلٍ بين شركات التكنولوجيا مثل "فوري" مع الدوائر الحكوميه، بهدف مساعده القطاع الخاصّ علي المشاركه في المبادرات الخاصّه بالحكومه الالكترونيه.\nوكما هو معلوم، فانّ الحكومه عندما تريد القيام بمشاريع مع القطاع الخاصّ، عادهً ما تقوم بها مع شركاتٍ كبري تملك معها علاقهً طويله. ولهذا السبب، كانت المقدّمات التي قامت بها وزاره الاتّصالات وتكنولوجيا المعلومات بمثابه امرٍ حاسم.\nمن ناحيتها، تُعتَبَر "نت كير" Netcare واحدهً من الشركات الناشئه التي مهّدت الوزارهُ الطريقَ امامها من خلال العمليات البيروقراطيه، وذلك بفضل الفكره الجيّده.\nوالمدير التنفيذيّ في "نت كير"، امجد مرجان، كان قد اسّس "هوب" HOPE كمؤسَّسهٍ اجتماعيهٍ تعمل مع المركز الوطنيّ لنقل الدمّ NBTC للمساعده في منع هدر الدمّ المتبرَّع به. والامر يتمّ عبر تطبيقٍ يُظهِر بشكلٍ مجهولٍ مانحاً قريباً يتشارك فصيله الدم مع المريض الذي يكون في حاجهٍ ماسّه الي الدمّ، ومن ثم ينبّه المانح عن طريق الرسائل القصيره.\nامتلك مرجان هذه الفكره منذ عام 2012، ولكنّه لم يُطلِع المركز الوطنيّ لنقل الدمّ عليها الّا عام 2013، بعدما تواصل مع مستشارٍ وزاريٍّ من وزاره الاتّصالات. وخطّه التوسّع لهذا العام تشتمل علي وضع اكشاكٍ في المستشفيات للتبرّع بالدمّ، كما وتزويدها بحواسيب "اي باد" iPad اللوحيه كي يتمكّن الاطبّاء من التواصل مع المانِحين الكترونياً في حالات الطوارئ.\nيقول العضو في برنامج الزماله لدي مركز "كارنيجي الشرق الاوسط" Carnegie Middle East، عمر عدلي، انّه لا يجب النظر الي شراكات الحكومه مع شركات التكنولوجيا الصغيره علي انّها خروجٌ عن القاعده. وذلك لانّ هذه الاعمال التي تتمتّع بالمهارات المطلوبه، هي التي سوف تؤمّن تنفيذ الوعود بالتحديث.\nويقول عدلي لـ"ومضه"، انّ "المساله ليست في انّ الحكومه تغيّرَت. انّه فعلياً لامرٌ جيّد ان تسمح الحكومه للشركات التقنيه الناشئه بالاستفاده من هذه الفرص."\nانّها ايجابيّهٌ جدّاً، لانّ الفوز بعقدٍ حكوميّ يستغرق وقتاً طويلاً، كما يُعتَبَر باهظاً جدّاً بالنسبه للشركات الصغيره والناشئه.\nويضيف عدلي، انّ انعدام الشفافيه من قِبَل الجانب الحكوميّ يُعتَبَر مشكلهٌ رئيسيهٌ بالنسبه للشركات. ولكن في المقابل، يصعب علي الحكومه اكتشاف قاده السوق بين الشركات الصغيره.\nوعلي الرغم من هذه التحدّيات، فانّ امكانيه احداث التغيير من خلال العمل مع الحكومه ما زال يجتذب شركات التكنولوجيا الصاعده في مصر.\nيُذكَر انّ "فوري" وقّعَت للتوّ صفقهً مع صندوق التضامن الاجتماعيّ الذي سيوفّر قروضاً صغيرهً للناس في القري الريفيه، بهدف شراء خدمات "فوري" وانشاء شركاتٍ صغيره وتعزيز امتداد الشركه في الوقت نفسه. كما يتحدّث الفريق ايضاً الي وزارَتَي الاستثمار والتخطيط حول انشاء بوابّات دفعٍ الكترونيه لتسديد الضرائب عبر الانترنت.\nامّا مرجان، فهو يسعي من خلال "نت كير" للوصول الي المستشفيات العامه. وبدورها، تقوم "اي سبايس" ببناء موقعٍ علي شبكه الانترنت لوزاره الشباب والرياضه، بهدف تشجيع الشباب علي التصويت في الانتخابات المقبله.\nرايتشل ويليامسون، صحافيه مستقله في قطاع الاعمال تعيش في القاهره. تغطّي مواضيع تتعلق بالرياده في الشرق الاوسط والطاقه ومسائل خاصه بالتنميه. تابعوها علي تويتر علي @rwilliamson_.

الخبر من المصدر