عويل أولاد المحظوظة | المصري اليوم

عويل أولاد المحظوظة | المصري اليوم

منذ 9 سنوات

عويل أولاد المحظوظة | المصري اليوم

كل مهنه لها متاعبها، ورغم ذلك فان معظم الناس يتصورون ان مهنتهم هم بالذات اكثر مشقه من غيرها. لو سالت ممثلاً مشهوراً لقال لك انه لا يحب ان يمتهن ابنه مهنه التمثيل بعد ما لاقاه في مشوار الفن، ولو سالت طبيباً كبيراً لحدثك عن سهر الليالى في الدراسه والتعلم وصعوبه التعامل مع المرضي، لهذا يريد لابنه حياه اقل صعوبه. ولو سالت محامياً ذا صيت لاشتكي من السهر علي القضايا وطبيعه المتقاضين والتعامل مع ارباب الجريمه.. وهكذا كل واحد من هؤلاء لديه قناعه ان ما يقوم به هو عمل مضن لا يتمناه لاولاده. والغريب ان معظمهم لا يجد تناقضاً بين قوله هذا وبين حقيقه ان ابنه قد امتهن مهنته!. كلهم يرونها مهناً شاقه ومع ذلك يورثونها لابنائهم بدون جداره في معظم الاحوال وعلي حساب اخرين اكثر تفوقاً واستحقاقاً.. وفي اثناء ذلك لا يكفون عن التبرم واعلان الغضب من المهنه المتعبه!\nفي الحقيقه ان الناس لا تكذب عندما تتحدث عن متاعب مهنهم المختلفه، فالممثل طريقه ليس مفروشاً بالورود، لكن يدفع من جهازه العصبي ثمن شهرته، وقد يقوم باعاده تمثيل المشهد الذي يراه المشاهد لمده ثوان علي الشاشه لثلاثه ايام متصله. والطبيب الذي يريد النجاح يعيش تلميذاً طوال العمر حتي يحافظ علي لياقته ويتعرف علي الجديد في دنيا الطب، وهو يتنقل من مستشفي لعياده ويتعرض احياناً للعدوي ويواجه في كثير من الاحيان غضب اهالي المرضي الذين يموتون رغم علاجه او بسبب علاجه!.. وضابط الشرطه لا تخلو حياته من الاخطار، وقد يعمل لساعات وايام طويله دون توقف، وكثيراً ما يتعرض لمواجهات مع الاشقياء قد تكلفه حياته. كل هذا صحيح، لكن اصحاب المهن سالفه الذكر وغيرها يخبئون جانباً من الصوره عندما يركزون علي متاعب المهنه دون مزاياها وبريقها وفلوسها، لهذا لا نسمع منهم الا اصوات الشكوي في الوقت الذي يستميتون فيه لالحاق ابنائهم بنفس المهنه التي يشكون منها!.. لا يحكي الممثل النجم عن الاموال الطائله التي يجنيها ولا عن الشهره والمعجبات والسفر والرحلات والجوائز، ولا يتحدث الطبيب عن ثمن الكشف الذي يتقاضاه عن خمس دقائق عمل والذي يزيد علي مرتب بعض الموظفين في شهر! ولا يقول الضابط عن رتبه الباشويه التي تجلب النفوذ والخدمات والتي حصل عليها من قبل ان يتخرج!\nوقد يكون السبب في هذا هو افه المجتمع كله (الخوف من الحسد) الذي يجعل الناس تتوسع في الحكي عن الفشل والمصائب والمشاكل والمنغصات وتختصر الي اقصي حد عند الحديث عن السعاده والثراء والنجاح.\nلهذا فانني تعودت الا اصدق هؤلاء واتعامل مع حكيهم عن انفسهم ومتاعبهم علي انه ثرثره فارغه رغم ان بعضه حقيقي، لكني قد اصدق عاملا بسيطا او فلاحا اجيرا او صنايعيا باليوميه عندما يتحدث عن امنياته في ان يري ابنه طبيباً او ضابطاً او استاذاً جامعياً.. اصدقهم دون ان يضطر اي منهم لان يحكي عن متاعب مهنته ومصاعب عالمه، ذلك انني اراها بوضوح علي الرغم من انهم في الغالب لا يشتكون ولا يملاون الدنيا صياحاً وندباً للحظ.. علي العكس من الساده اولاد المحظوظه!

الخبر من المصدر