رؤية فنية: لماذا تخشى كوريا الشمالية فيلم «المقابلة»؟

رؤية فنية: لماذا تخشى كوريا الشمالية فيلم «المقابلة»؟

منذ 9 سنوات

رؤية فنية: لماذا تخشى كوريا الشمالية فيلم «المقابلة»؟

الدوله التي تحيط نفسها بالسريه تعد "بالانتقام بلا رحمه" من مخرجي هذا الفيلم الكوميدي الجديد. لكن ما هو التهديد الذي يمثله هذا الفيلم؟ الصحفي سايمون فاولر يبحث هذا الامر.\nفي الاسابيع الاخيره، تمت الاجابه بشكل لا لبس فيه علي السؤال بشان ما اذا ما كان زعيم كوريا الشماليه كيم جونغ أون لديه حس الفكاهه ام لا.\nالنكته التي لا يبدو انها اظهرت اوضح صور التكلف لزعيم (مملكه النساك) هو الاصدار القادم من فيلم "المقابله" لجيمز فران، وسيث روجين.\nفي الفيلم الكوميدي نري زوجين يعملان كمقدمي برامج في التلفزيون، بينما المنتج تم تجنيده من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لاغتيال كيم جونغ-اون (وهو الدور الذي قام به الممثل الامريكي من اصل كوري راندال بارك).\nالاشارات الاولي لاستياء كوريا الشماليه من الفيلم الذي اخرجه ايفان غولدبيرغ ظهرت بعد اسبوعين من نشر الفيديو الترويجي للفيلم علي الانترنت في 11 يونيو/حزيران.\nاذ كتبت وزاره الخارجيه في كوريا الشماليه رساله الي البيت الابيض تشجب الفيلم وتصفه بالارهاب وانه يمثل "عملاً حربياً"، وهي تهمه جري تصعيدها لتصبح شكوي قدمت الي الامم المتحده اواخر ذلك الشهر.\nوقال وزير خارجيه كوريا الشماليه: "اذا رعت الولايات المتحده عرض الفيلم فعليها تحمل النتائج. هؤلاء المجرمون الذين اساؤوا لشخصيه قائدنا واقترفوا جرائم معاديه ضد جمهوريه شعبنا سيعاقبون طبقاً للقانون حيثما كانوا علي سطح الارض".\nوبينما يستمر التحقيق فيما اذا كانت كوريا الشماليه قد ساهمت رسمياً في الهجوم علي استوديوهات هوليوود، فان هذا العمل يطرح سؤالاً عن السبب الذي حدا بكوريا الشماليه الي هذا الخطاب الملتهب وهذا العمل الهجومي.\nشركه كولومبيا بيكتشرز الموزعه للفيلم لا شك انها تشعر بالسعاده لان الفيلم ذاع صيته قبل ان يحين موعد عرضه في 25 ديسمبر. لكن الامور اتخذت منحي اخر في نهايه نوفمبر/تشرين الثاني حين تم اختراق سيرفرات شركه سوني، وهو ما ادي الي تسرب معلومات حساسه كثيره فيما يعتقد انه رد مقصود من كوريا الشماليه.\nكل شيء من الرواتب التي حصل عليها فرانكو و روجين الي السجلات الشخصيه ل 47 الف موظف في سوني تم تسريبها مع رساله تهديد تقول "المزيد سيتبع" اذا تم عرض الفيلم.\n"المقابله" ليست هي المره الاولي التي تستخدم فيها هوليوود دوله شيوعيه كموضوع تدور حوله احداث الفيلم. ففي السنوات الثلاث الماضيه شاهدنا الكوريين الشماليين يسيطرون علي البيت الابيض في هجوم ارهابي في فيلم (سقوط اوليمبوس، عام 2013) وسيطروا علي الولايات المتحده بالكامل في فيلم (الفجر الاحمر، 2012).\nبدا الاستياء الكوري الشمالي بعد نشر الفيديو الترويجي للفيلم علي الانترنت في 11 يونيو/حزيران.\nتصوير كوريا الشماليه كدوله "مارقه" ورد في صناعه افلام هوليوود قبل ذلك. شركه تتش ستون، (وهي شركه تابعه لشركه ديزني) انتجت عام 1988 فيلم (الانقاذ) الذي يتحدث عن مجموعه من العسكريين ينفذون مهمه داخل كوريا الشماليه لتحرير ابائهم الاسري. ولم يثر الفيلم اي احتجاج من كوريا الشماليه، ربما لانه صدر في وقت لم يكن العالم فيه يعرف الكثير عن هذه الدوله المنعزله.\nالمحاكاه الساخره لكوريا الشماليه في السينما لم تتسبب رغم ذلك في اكثر من زوبعه من السخط الدبلوماسي. فيلم (فريق امريكا: شرطي العالم) لتيري باركر ومات ستون صورا والد كيم يونغ-اون كمغرور يعتزم السيطره علي العالم، وبالنسبه للكثيرين سيكون هذا الفيلم المعالجه السينمائيه المميزه للراحل كيم جونغ-ايل.\nلكن الزوبعه الدبلوماسيه الوحيده التي تسبب بها الفيلم هي طلب الغاء العرض في جمهوريه التشيك. لابد ان باركر وستون يشعران بالسعاده لعدم تاثرهما كثيراً بذلك، بينما روجن وفرانكو يشعران بالقلق من معلومات تخصهما تسربت نتيجه القرصنه الالكترونيه سالفه الذكر.\nالاكثر من الولايات المتحده هي جاره كوريا الشماليه في شبه الجزيره الكوريه الذين تشكل كوريا الشيوعيه مصدر قلق دائم لها. وبمجرد ان دخلت كوريا الجنوبية عصر صناعه السينما علي مستوي تجاري اواخر التسعينات، كان المخرجون الذين ازدهروا هم اولئك الذين استخدموا الخوف من الشمال موضوعاً تدور حوله افلامهم.\nفيلم شيري، عام 1999 جاء علي طريقه افلام الاكشن التي تصدرها هونغ كونغ وعالج مخاوف كوريا الجنوبيه من وجود خلايا نائمه لكوريا الشماليه بين مواطنيها، وذلك في الوقت الذي مازالت فيه اخبار محاولات الاغتيال ضد رئيس كوريا الجنوبيه شون دو-هوان حاضره في الاذهان.\nكثافه الاحداث وتناسقها في فيلم شيري جعله اكثر الافلام التي حققت ارباحاً علي المستوي الداخلي، واشعل المخاوف من ان القوي الايديولوجيه المتحمسه في شمال كوريا يمكن ان تكون جاهزه لشن هجوم في اي لحظه.\nمساله توحيد الكوريتين وحتي مساله الهويه الكوريه، شكل كلاهما موضوعاً جذاباً لدرجه دفعت المخرج بارك تشان-ووك في العام التالي الي مناقشه التوتر بين الكوريتين في فيلمه "جيه اس ايه" عام 2000.\nوقد تم تصوير الفيلم بكامله في المنطقه منزوعه السلاح بين الكوريتين علي طول خط العرض 38 الذي يفصل كوريا الشماليه عن الجنوبيه.\nوقد القي الفيلم الضوء (وان كان بطريقه اكثر هدوءاً من فيلم شيري)، علي العلاقات المستبعد وجودها بين الجنود علي جانبي الحدود.\nومنها التسلل الي الارض الحرام، وتبادل الاطعمه الخفيفه، وتدخين السجائر، والحديث عن الالام المشتركه للحاله الانسانيه، يجعل من الصعب التمييز بين الجنود الذين فرقت بينهم الجغرافيا بطريقه بشعه. الامر المحزن ان هذه العلاقات الاخويه لم تكن كافيه لعدم اقحام السياسه بعنف في قصتهم.\nوبينما توجه كل من الولايات المتحده وكوريا الجنوبيه عدسات الكاميرا التابعه لهما نحو كوريا الشماليه للبحث عن الكوميديا والدراما، من المناسب ايضا الاخذ بعين الاعتبار كيف تري كوريا الشماليه نفسها والعالم الخارجي من خلال افلامها.\nتخشي سلطات كوريا الشماليه من تسرب التاثير الخارجي الي البلاد من خلال اجهزه الهواتف النقاله وموجات البث الاذاعيه، و اسطوانات الدي في دي.\nقبل وفاته عام 2011، جمع كيم جونغ-ايل اكبر مجموعه شخصيه من الافلام في العالم. وكان ايضاً منتجاً للافلام وحاول في شبابه ان يدفع صناعه السينما في كوريا الشماليه الي مستويات جديده لاثاره اعجاب والده الحاكم انذاك كيم ايل-سونغ.\nولتحقيق ذلك كتب كيم جونغ-ايل كتاباً عن فن السينما، وارسل فنيين الي الخارج الي بلاد شيوعيه صديقه لتعلم مهارات صناعه السينما، بل ذهب الي ابعد من ذلك الي حد اختطاف مخرج افلام شهير من كوريا الجنوبيه وارغامه علي اخراج افلام في كوريا الشماليه.\nوبينما يوجد في كل من الولايات المتحده وكوريا الجنوبيه ممثلون ينحدرون من اصل كوري يمكنهم لعب ادوار شخصيات كوريه، تعين علي كوريا الشماليه ان تلجا الي استخدام جنود امريكيين قبض عليهم اثناء محاولتهم الانشقاق ليقوموا بادوار تمثيليه في الافلام التي تنتجها.\nففي عام 1962 ظن كل من جيمز جوزيف دريسنوك وتشارلز جينكينز انهما يستطيعان الهرب من الخدمه العسكريه في كوريا الجنوبيه اذا فرا باتجاه الشمال. لكن بدلاً من ذلك، وجدا نفسيهما في قبضه القوات الشيوعيه، التي طلبت منهما من بين عده مهام اخري الظهور في الافلام للعب دور الاجانب كما حدث في فيلم (من 9 مساء الي 9 صباحاً) وفيلم (امه المصير).\nوقد تم تصوير الغربيين في تلك الافلام كمخمورين، وذوي انوف اصطناعيه، ولكن بالنسبه لجمهور كوريا الشماليه المغرم بالافلام، حيث تقوم دور السينما بدور مركزي في المجتمع لا يوجد تمييز بين الفيلم والحقيقه.\nلذا فان رده الفعل علي فيلم المقابله ربما تكون تعبيراً عن الخوف من قبل سلطات كوريا الشماليه، التي تعتقد انه كلما زاد تسرب التاثير الخارجي الي كوريا الشماليه من خلال اجهزه الهواتف النقاله وموجات البث الاذاعيه، و اسطوانات الدي في دي، فان صوره الدوله المثاليه ستهتز كثيراً.\nوبما ان فيلم المقابله يحاول اظهار كيم جونغ-اون وسلالته كاشخاص غير معصومين، فان هذا امر يستحق ان يحارب باقوي الوسائل الممكنه.

الخبر من المصدر