تعرف على ثواب التبسم في وجه الآخر

تعرف على ثواب التبسم في وجه الآخر

منذ 9 سنوات

تعرف على ثواب التبسم في وجه الآخر

رسولنا ـ صلي الله عليه وسلم ـ هو اعظم الناس قدرا، واعلاهم شرفا، واشرحهم صدرا، وكان يملك قلوب اصحابه-رضي الله عنهم- بوجهه البسَّام، وابتسامته المشرقه، وكلماته الطيبه، وقد قال الله تعالي عن حاله مع اصحابه: "فَبِمَا رَحْمَهٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْاَمْرِ" (ال عمران من الايه: 159).\nوقال هند بن ابي هاله -رضي الله عنه-: " كان رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ دائم الْبِشْرِ، سهل الخُلُق، لَيِّنَ الجانب ". قال ابن عيينة: " البَشَاشَه مصيده المودَّه، و البِرُّ شيء هيِّن، وجه طليق، وكلام ليِّن".\nاخو البِشْرِ محبوبٌ علي حُسْنِ بِشْرِهِ ولن يعدم البغضاءَ منْ كان عابسا\nالابتسامه في الوجوه اسرع طريق الي القلوب، واقرب باب الي النفوس، وهي من الخصال المتفق علي استحسانها وامتداح صاحبها، وقد فطر الله الخَلْقَ علي محبه صاحب الوجه المشرق البسَّام، وكان نبينا ـ صلي الله عليه وسلم ـ اكثر الناس تبسُّمًا، وطلاقه وجهٍ في لقاء من يلقاه، وكانت البسمه احدي صفاته التي تحلّي بها، حتي صارت عنواناً له وعلامهً عليه، وكان لا يُفَرِّق في حُسْن لقائه وبشاشته بين الغنيّ والفقير، والاسود والابيض، حتي الاطفال كان يبتسم في وجوههم ويُحسِن لقاءهم، يعرف ذلك كل من صاحبه وخالطه، كما قال عبد الله بن الحارث ـ رضي الله عنه ـ: ( ما رايت احدا اكثر تبسّما من رسول الله - صلي الله عليه وسلم ـ ) رواه الترمذي وصححه الالباني.\nوتصف عائشه ـ رضي الله عنها ـ رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فتقول: ( كان الين الناس، واكرم الناس، وكان رجلاً من رجالكم الا انه كان ضحاكًا بسّامًا ).\nوالبعض تراه عابساً دائماً، يظن ان التبسم فيه انزال من مكانته، ونقص من هيبته امام الاخرين، فهؤلاء واهمون ينفرون اكثر مما هم يقربون، لان التبسم في وجه اخيك مع كونه مفتاحاً للقلوب، وتاليفاً للنفوس فهو سنه نبويه، فعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: ( ما حجبني رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ منذُ اسلمتُ، ولا راني الا تبسمَ في وجهي ) رواه مسلم.\nولم يكتفِ النبي -صلي الله عليه وسلم- بان يكون قدوه عمليه في الابتسامه، بل انه دعا اليها وحثَّ عليها بقوله، فعن ابي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ: ( تَبَسُّمُك في وَجْه اَخِيك لك صدقه ) رواه الترمذي .\nقال المناوي: ( تبسُّمك في وجه اخيك ) اي في الاسلام، ( لك صدقه ) يعني: اظهارك له البَشَاشَه، والبِشْر اذا لقيته، تؤجر عليه كما تؤجر علي الصَّدقه".\nوقال ابن بطَّال: "فيه انَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقه الوجه، من اخلاق النُّبوه، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّه "، وقد جمع الامام البخاري احاديث كثيره للنبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وبوَّب لها : (باب التبسم والضحك)، وفي ذلك دليل علي الابتسامه التي كان يحرص عليها النبي - صلي الله عليه وسلم-، وكذلك جمع الامام مسلم في صحيحه احاديث بوب لها الامام النووي فقال في كتاب الفضائل: (باب تبسمه وحسن عشرته ـ صلي الله عليه وسلم).\nالتبسم في الوجوه عمل بسيط ويسير، غير مكلف ولا مجهد، ولكن له الاثر الكبير في نشر الالفه والمحبه بين الناس، وهو في سنه النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ من المعروف الذي يؤدي الي مرضاه الله ـ عز وجل ـ، فعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ: ( كلُّ معروف صدقه، وانَّ من المعروف ان تلقي اخاك بوجهٍ طَلْق ) رواه الترمذي .\nوعن ابي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال لي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ: ( لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْـمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ اَنْ تَلْقَي اَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ) رواه الترمذي وصححه الالباني .\nقوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ: ( ولو ان تلقي اخاك بوجه طَلْق )، روي ( طَلْق ) علي ثلاثه اوجه: اسكان اللام، وكسرها، وطليق بزياده ياء، ومعناه: سهل منبسط، وفيه الحثُّ علي فضل المعروف، وما تيسَّر منه وان قلَّ، حتي طلاقه الوجه عند اللِّقاء .\nقال المباركفوري: ( وانَّ من المعروف ) اي: من جمله افراده، ( ان تلقي اخاك ) اي: المسلم، ( بوجهٍ ) بالتنوين، ( طَلْق ) معناه: تلقاه منبسط الوجه متهلِّله ".\nوقال ابن علان في دليل الفالحين: " اي بوجه ضاحك مستبشر، وذلك لما فيه من ايناس الاخ المؤمن، ودفع الايحاش عنه، وجبر خاطره، وبذلك يحصل التَّاليف المطلوب بين المؤمنين ".\nوقال ايضًا: "اي: متهلِّلٌ بالبِشْر والابتسام، لانَّ الظَّاهر عنوان الباطن، فلُقْيَاه بذلك يشعر لمحبَّتك له، وفرحك بلُقْيَاه، والمطلوب من المؤمنين التوادُّ والتحابُّ " .\nومما ثبت ايضا في استحباب البشاشه وطلاقه الوجه عند اللقاء قوله - صلي الله عليه وسلم-: ( اِنَّكُمْ لا تَسَعون النَّاسَ بِاَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْط الْوَجْه، وَحُسْنُ الْخُلُق ) رواه البيهقي في شعب الايمان، وقال الالباني: حسن لغيره .\nوعن جابر بن سليم الْهُجَيْمِيُّ - رضي الله عنه - قال: قلت: ( يا رسول الله اِنَّا قَوْمٌ مِنْ اَهْلِ الْبَادِيَه، فَعَلِّمْنَا شَيْئاً يَنْفَعُنَا الله ـ تبارك وتعالي ـ بِه، قال: لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوف شَيْئاً وَلَوْ اَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي اناء الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ اَنْ تُكَلِّمَ اَخَاك ووجْهُك اليه مُنْبَسِط ) رواه ابن حبان وصححه الالباني.\nقوله - صلي الله عليه وسلم -: ( مُنْبَسِط ) اي: منطلق بالسرور والانشراح، قال حبيب بن ثابت: " من حسن خلق الرجل ان يحدث صاحبه وهو مقبل عليه بوجهه ".\nوقال الامام الغزالي:" فيه رد علي كل عالم او عابد عبس وجهه، وقطب جبينه كانه مستقذر للناس، او غضبان عليهم، او منزه عنهم، ولا يعلم المسكين ان الورع ليس في الجبهه حتي تُقطَّب، ولا في الخد حتي يُصَعَّر، ولا في الظهر حتي ينحني، ولا في الرقبه حتي تُطاطا، ولا في الذيل حتي يضم، انما الورع في القلب ".\nالابتسامه احدي وسائل غرس الالفه والمحبه بين الناس، وهي سنه نبويه ووسيله دعويه، ومفتاح للقلوب، وكنز تنفق منه مع اهلك واخوانك وجيرانك وكل من تقابله وتدعوه، وصدقه لا تكلفك ديناراً ولا درهماً، فعن ابي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم -: "تبسمك في وجه اخيك لك صدقه" رواه الترمذي.

الخبر من المصدر