مترجم.. محمد مدين أقوى شخصيات النظام الجزائري وأكثرها سرية وغموضًا

مترجم.. محمد مدين أقوى شخصيات النظام الجزائري وأكثرها سرية وغموضًا

منذ 9 سنوات

مترجم.. محمد مدين أقوى شخصيات النظام الجزائري وأكثرها سرية وغموضًا

مترجم عن Mohamed Mediène, l'homme le plus mystérieuxd'Algérie\nاحدي الصور النادره لمن يسميه الجزائريون الجنرال توفيق القائد المهاب لمديريه الامن والاستعلامات الجزائريه منذ خمسه عشر سنه والذي يخوض صراع نفوذ شرس مع الرئيس بوتفليقه.\nتاريخ من السريه و الغموض\nلقد اصبح غموض النظام الجزائري اهم سمه مميزه و ليس ادل عليها من ان الجزائريين غدًا سينتخبون رئيسًا لهم مرشحًا مختفيًا لم يظهر – لاسباب صحيه – طيله الحمله الانتخابيه.\nيعيش الجزائريون منذ الاستقلال تحت الوصايه الثقيله لجهاز المخابرات الذي لا يعرفون اسماء قادته ولا وجوههم. كان هذا الامر صحيحًا بالنسبه لـ”قاصدي مرباح” الرجل القوي للامن العسكري.\nالتسميه السابقه للمخابرات في ذلك الوقت، وقت الرئيس هواري بومدين الذي لم يتعرف الناس علي شخصه الا عشيه تكليفه برئاسه الوزاره اواسط الثمانينات.\nكما يبقي هذا الامر صحيحًا بالنسبه للجنرال محمد مدين المدعو توفيق الذي يقود منذ سبتمبر 1990 مديريه الامن والاستعلامات الذي خلف الأمن العسكري.\nشكل هذا الجهاز لمده طويله الحكومه الفعليه تحت واجهه الحكومات المدنيه المتعاقبه.\nغموض وسريه النظام الجزائري لم تكن يومًا رغبه شخصيه لافراده و انما تضرب جذورها في عمق تاريخه منذ الرئيس بومدين او بالاصح في حرب الاستقلال في معاقل المقاومه.\nكان يحلو لبومدين ثاني رئيس حكم البلاد ترديد عباره نظام لا يزول بزوال الرجال. من هنا نشا و بصوره مستدامه الغموض الذي يشوب اليات اتخاذ القرار السياسي الذي يكون في الغالب جماعيًا داخل المؤسسه العسكريه – قوات مسلحه و اجهزه استخبارات – لما يتعلق الامر بالقضايا الحيويه.\nطريقه العمل هذه حيرت في احيان كثيره المتابعين للشان الجزائري الذين يعجزون في غالب الاحيان عن الاجابه عن سؤال من يسير الجزائر، بهذا الصدد نقلت اسبوعيه جون افريك جواب وزير جزائري لنيكولا ساركوزي لما ساله لماذا يشوب بلدكم كل هذا الغموض؟ فكان رد الوزير لان الغموض تحديدًا هو ما يصنع قوه النظام.\nفي راس هرم هذا النظام الغريب يجلس محمد الامين مدين رئيس مديريه الامن والاستعلامات، انه اقوي رجل في الجزائر واقلهم شهره. الاحرف الثلاثه للجهاز الذي يحكمه تثير شتي انواع الاشاعات والاساطير.\nلا يوجد لدينا الا صوره او اثنتين للجنرال توفيق، وهو امر من شانه ان يزيد من غرابه هذه الشخصيه وهيبتها .\nقبل سنوات قليله كان الجزائريون يخفضون اصواتهم لما ياتون علي ذكر هذا الاسم، فماذا نعرف عنه؟\nولد سنه 1939 في منظقه القبائل الصغري في ولايه سطيف وقضي طفولته في حي بولوغين غرب الجزائر العاصمه.\nالتحق و هو شاب في فتره حرب الاستقلال بصفوف جيش التحرير، انه احد اخر اربع ضباط في الخدمه في الجيش الجزائري قاتلوا في حرب الاستقلال.\nبعد 1962 – سنه الاستقلال – بقي في الخدمه وكان ضمن من يسمون في الجزائر دفعه السجاد الاحمر وهم دفعه تخرجت في مدارس الكي جي بي ومختلف اجهزه الامن السوفييتيه.\nبعد عودته كان مستقبله مرسومًا، فشغل عده مهام:\n- رئيس شعبه الاستخبارات في الناحيه العسكريه الثانيه في الغرب الجزائري، والتي سيصبح رئيسها لاحقا رئيسا للجمهوريه الشاذلي بن جديد.\n- ملحق عسكري في ليبيا.\n- مسؤول الامن الرئاسي تحت الرئيس الشاذلي بن جديد\n- ثم شغل بعدها احد اهم المناصب في جهاز المخابرات وهو مدير امن الجيش لما كان علي راس الجهاز محمد بتشين.\nفي سبتمبر 1990 غادر محمد بتشين رئاسه الامن العسكري ليخلفه علي راسه برتبه جنرال محمد مدين بصوره مؤقته لكن بعد اربع وعشرين سنه لازال علي راس هذا الجهاز الذي غير اسمه الي مديريه الامن والاستعلامات و تم الحاقه مباشره برئاسه الجمهوريه.\nعند بدايه تاسيس الامن العسكري الذي كان يخشاه بومدين كما كان يخشي سلفه في حرب التحرير اراد صرفه عن سيطره قياده الاركان ليستطيع مراقبتهم جميعًا: الجيش والمخابرات.\nفي ديسمبر 1991 لما كانت الجبهه الاسلاميه للانقاذ علي وشك الفوز بالانتخابات البرلمانيه كان الجنرال مدين من ضمن مجموعه من القاده العسكريين ضمت قائد الاركان الجنرال خالد نزار ((الاستئصاليون)) – نسبه الي استئصال الحركه الاسلاميه – نظمت الانقلاب ضد الرئيس الشاذلي بن جديد. تم الغاء المرحله الثانيه من الانتخابات و تم اعتقال عشرات الالاف من الاسلاميين وتم تعيين واجهه مدنيه للنظام اطلق عليها المجلس الاعلي للدوله رئاسه جماعيه يتداول عليها بصوره دوريه اعضاء المجلس. امسك ((الاستئصاليون)) بخيوط القرار السياسي طيله سنوات الدم التي عرفتها البلاد.\nلم تنته الحرب الاهليه الا مع وصول عبد العزيز بوتفليقه الي سده الحكم، لقد طلب منه العسكريون الترشح ليصبح اول رئيس مدني يحكم البلاد.\nحيوان من ذوي الدم البارد\nخلال سنوات الحرب الاهليه حوّل توفيق مديريه الامن والاستعلامات الي دوله داخل الدوله. احتل الجهاز دورًا رائدًا في الحمله علي الاسلاميين خلال العشريه السوداء، في التسعينات قام الجهاز باختراق والتلاعب في عده جماعات اسلاميه مسلحه. كما عارض بشده كل محسوب علي النظام او المعارضه وسعي لحل تفاوضي مع الجبهه الاسلاميه للانقاذ.\nكما قام الجهاز بالتحكم في الاعلام و زرع اعضائه في مختلف المناصب العليا في الاداره والشركات الكبري وحتي الاحزاب السياسيه. حسب بعض الاحصائيات فان عدد منتسبي الجهاز يبلغ مئه الف عميل.\nيتمتع الجنرال مدين بشبكات في شتي الاوساط و في كافه انحاء البلاد. متابع نهم لكره القدم ومحب للسيجار قليل الكلام ونفور من المناسبات الاجتماعيه، مشهور عنه هدوؤه وانطوائيته. حيوان من ذوي الدم البارد محبوب لدي مساعديه الذين يدينون له بالوفاء. قوته و نفوذه جعلا علاقته بالرئيس عبد العزيز بوتفليقه معقده، رجل يريد استرجاع صلاحيات الرئاسه و الانفراد احيانًا بالقرار.\nبالنسبه لمديريه الامن و الاستعلام فان سلطه اول رئيس مدني يجب ان تبقي تحت رقابه المؤسسه العسكريه والا تتجاوز قصر المراديه – قصر الرئاسه – عده مرات قام عبد العزيز بوتفليقه بالحد من سلطه الجيش ورده الي ثكناته و فرض الرقابه السياسيه عليه.\nفي سنه 2004 لما اعترض رئيس اركان الجيش بصوره شبه علنيه علي ترشح بوتفليقه مجددًا و دعم منافسه علي بن فليس – حينها مثل يومنا هذا – طالب بوتفليقه باستقاله محمد العماري الذي تم استبداله برجل محل ثقه الجنرال محمد قايد صالح الذي مازال يشغل منصبه الي الان.\nبقيت مديريه الامن والاستعلامات، بقي الجنرال مدين محتفظًا بكل مظاهر الولاء للرئاسه. في المقابل حاول الرئيس عده مرات عزله عن مهامه لكن دون جدوي، وفي المقابل رد الجهاز بسلسله من التحريات بحجه مكافحه الفساد طالت المقربين من الرئيس مثل المدير العام السابق لشركه النفط الحكوميه ووزير الطاقه شكيب خليل. تم اعتقال بعض المسؤولين.\nلكن يبقي بوتفليقه وتوفيق يمسكان بعضهما بعضا في مواضع الالم، لا يمكن لاحدهما ان يستمر دون الثاني.\nسنه 2004 دعم توفيق ترشح بوتفليقه ثم بعدها في 2009 كما دعم في 2008 التعديل الدستوري الذي سمح له بالترشح مجددًا.\nفي الاشهر الاخيره – نهايه 2013 – كان يبدو ان الجنرال مدين لا يرغب في ترشح الرئيس في حالته الصحيه تلك لعهده رابعه. بدايه الصيف الماضي بدات حرب مبطنه بين مديريه الامن و قياده اركان الجيش المواليه للرئيس – ليس هذا حال كل الجيش – وحملت قياده الاركان المديريه مسؤوليه الفشل الذريع المتعلق بالتنبؤ و التعامل مع الهجوم الارهابي علي احدي اكبر المنشات الغازيه في عين امناس في الجنوب الجزائري.\nخلفت عمليه خطف الرهائن هذه موت العشرات من العمال. لقد اتهمت مديريه الامن و الاستعلام بعدم تتبع حركات الجماعات الارهابيه و التنبؤ بالهجوم.\nكان الجنرال قايد صالح يقصد بنقده هذا ان يركز الجهاز عمله في جوهر مهامه وهي الاستخبارات و امن البلاد و الا يتدخل في الاعيب السياسه.\nيلعب بوتفليقه علي المنافسه بين المؤسستين التين يهدف الي فرض الرقابه عليهما. في سبتمبر 2013 تمت اعاده هيكله الجهاز بحل بعض المصالح و نقل اخري الي وصايه قياده الاركان.\nفي يناير 2014 وصل الوضع لحافه الهاويه عندما كان الرئيس بوتفليقه يستعد للاعلان عن ترشحه لعهده رئاسيه رابعه اصدر الامين العام لحزب جبهه التحرير الوطني – الموالي للرئيس – تصريحات ناريه في الصحافه يتهم فيها مديريه الامن و الاستعلام بالحيده عن مهامها واشتغالها بالسياسه مع ذكر اسم رئيس الجهاز ومحملا اياه مسؤوليه اي عمل عدائي يطاله، امر لم يسبق له نظير في السياسة الجزائريه. انتشر الخوف و القلق بين الجزائريين الذين لم يتعودوا علي انتشار مثل هذا الجدل في هرم السلطه في الصحف.\nفي فبراير عقد اجتماع للضباط السامين للجيش تقرر بعده احاله عدد من مسؤولي مديريه الامن و الاستعلام للتقاعد، من بينهم اقرب مساعدي الجنرال توفيق، بعدها عادت المياه الي مجاريها.\nماذا سيحدث غدًا بين الرجال الثلاثه الاقوياء في النظام الجزائري؟ ثلاثتهم ينتمون لنفس الجيل، سبعينيون عليهم ان يسلموا مهامهم مهما طال الامد. سيتم اعاده انتخاب عبد العزيز بوتفليقه بينما تضج العاصمة الجزائر باشاعات مفادها تقاعد قايد صالح من علي راس الجيش الذي لا ينوي التقاعد بمفرده – نحن الان في اكتوبر 2014 لم تتحقق هذه الاشاعه – من سيذهب اولًا؟ من سيخلفهم؟ يريد الجزائريون ان يعلموا هل سينتج التغيير في الرجال تغييرًا في النظام؟ لكن لا يصدقون هذا كثيرًا.\nنظام لا يزول بزوال الرجال، هكذا كان يردد بومدين.

الخبر من المصدر