في «نوادر الكتب»: سيبويه المصري أعقل مجانين التاريخ!

في «نوادر الكتب»: سيبويه المصري أعقل مجانين التاريخ!

منذ ما يقرب من 10 سنوات

في «نوادر الكتب»: سيبويه المصري أعقل مجانين التاريخ!

كان حافظاً للقران وعلوم الحديث وبسبب شربه الدواء خفّ عقله! خافه الامراء والوزراء وخشيوا تجريحه لهم! كان يهيج اذا اكل اللحم...ويسكن اذا ذاق شيئاً دسما!\nيعرض كتاب “نوادر الكتب”، لـ محمد خير يوسف، لنوادر الكتب التي لم تنل شهره، ولم تسلط عليها الاضواء، واليوم نتوقف عند كتاب المؤرخ المعروف “ابن زولاق” وكتابه “”اخبار سيبويه المصري”.\nربما لا تعرف ان هناك شخصاُ اخر مشهوراً يقال له “سيبويه”! لكن شهرته تعود الي انه من اشهر “عقلاء المجانين” الذي استفاضت اخباره مع الامراء والوزراء والعلماء في مصر في القرن الرابع الهجري.\nوقد انبري المؤرخ ابن زولاق، لتاليف كتاب في حياته واخباره، نظراً لان الكُتَّاب لم يشيروا اليه من بين ما كتبوا في “عقلاء المجانين” وكان هو معاصراً له.. وسمي كتابه “اخبار سيبويه المصري”.\nوالعجيب ان هذا العاقل – المجنون كان من كبار اهل العلم واللغه. وقد لقب بـ”سيبويه” لاستحقاقه ذلك عن جداره!. كما كان حافظاً للقران الكريم، عارفاً بغريبه واحكامه، وعالماً بالحديث وغريبه ومعانيه، وبالرواه!. لكنه كان معتزلياً متعصباً!.\nوقد ذُكر انه اصيب بالجنون؛ لانه شرب دواء معيناً!. وذكرت زوجته انه انما كان يهيج اذا لم ياكل اللحم، فاذا اكل شيئاً دسماً سكن!. وسيبويه المصري هو محمد بن موسي بن عبد العزيز الكندي الصيرفي، المعروف بسيبويه. وكنيته ابو بكر.\nولد بمصر سنه 284هـ، وتوفي بها سنه 358 هـ قبل دخول القائد جوهر الي مصر بسته اشهر.وكان ابوه شيخاً صيرفياً يكني ابو عمران. وهو غير سيبويه النحوي.\nوقد ذكر ابن زولاق ان سيبويه هذا يحفظ القران الكريم، ويعلم كثيراً من معانيه وقراءاته وغريبه واعرابه واحكامه. وكان عالماً بالحديث وبغريبه ومعانيه وبالرواه. ويعرف من النحو وغرائب اللغه ما كان سبباً في ان يلقب بـ”سيبويه”.\nولم يكن اختلاط عقله قبيحاً، كما قال ابن زولاق، فلم يكن يستعمل الالفاظ النابيه، انما كان انتهاراً وسجعاً يولده، فيه قسوه وجرح. وكان المسئولون يخافون من تجريحه خشيه ان تنتشر الفاظه السجعيه بين الناس!.\nقال المؤلف: سمعتُ من يخبر عن سيبويه ان زوجته قالت: انما كان يهيج اذا اكل اللحم، والا فاذا اكل شيئاً دسماً سكن، وقل كلامه. وقال: انما كان يظهر جوهر سيبويه ويحسن سجعه اذا حمي وكثر صياحه!.\nقال: وكان يقابل منزله رجل يكني ابا عبدالله، وكان سيبويه يخاطبه من النافذه ويصيح، ويقف الناس يسمعون الكلام ويكتبون! ولو كان ابو عبد الله يكتب ويحفظ ما خاطبه به، لحصل له علم عظيم.\nوكانت له جاريه تخدمه اسمه “مختاره”. فجلس في منزله ياكل، فجاءت فراريخ للجاريه، فلقطت مما بين يديه، وجاءت حمامات، فلقطت مما بين يديه، وجاءت سنانير تموء من حوله، فصاح سيبويه: يا مختاره، نحي فراريخك النقاره، وحماماتك الطياره، وقططك الهراره، يا غياره يا دواره!.\nوكان يطوف علي حماره يوم الجمعه – وكان اعرج – فراي انه قد فسح مكان واسع للاخشيد لينزل الي صلاه الجمعه، وقد اجتمع له الناس، والزحمه في كل مكان، فصاح سيبويه: ما هذه الاشباح الواقفه، والتماثيل العاكفه، سلط عليهم قاصفه، يوم ترجف الراجفه، تتبعها الرادفه، وتغلي قلوبهم واجفه.\nفقال له رجل: هو الاخشيد ينزل الي الصلاه. فقال: هذا للاصلع البطين؟ المسمن البدين؟ قطع الله منه الوتين، ولا سلك به ذات اليمين، اما كان يكفيه صاحب ولا صاحبان، ولا حاجب ولا حاجبان، ولا تابع ولا تابعان؟ لا قبل الله له صلاه، ولا قرّب له زكاه، وعُمِّر بجثته الفلاه!.\nوكان سائراً علي حماره حتي لقي المحتسب – مراقب في الاسواق – والحرس بين يديه، فقال: مما هذه الاحراس يا انجاس؟ والله ما ثم حق اقمتموه، ولا سعر اصلحتموه، ولا جان ادبتموه، ولا ذو حسب وقرتموه، وما هي الا اجراس تسمع، لباطل توضع، واقفاء تصفع..لا حفظ الله من جعلك محتسباً، ولا رحم لك ولا له اماً ولا اباً، وسلّط عليك وعليه من يوجعكما ادباً.\nوممن يورد بالكتاب من اخبار سيبويه، انه كان بمصر رجل من التجار يعرف بابي نعيم الجرجاني، وكان يسكن في زقاق “عفن” فركب اليه فاتك الاخشيدي – المعروف بالمجنون – في موكب.\nوانصرف وبين يديه حجّابه، وبين يديه رجالته، وخلفه اخوه مبشر، وكاتبه بن العزمزم وجماعه، فراه سيبويه فصاح: طرق متضايقه متطابقه، وخيل متسابقه، عليها عمالقه، فارسل الله عليهم صاعقه.\nومر باحد الازقه – ويبدو انه لم يكن يحب اهله – فراي البنّائين فيه فقال: ما هذا؟ لا عمّر الله لهم داراً، ولا ثبت لهم قراراً، واشعلها ناراً، ولا اطول لهم اعماراً، وحفها بالدمار والعار والنار وسوء الجوار!.\nولما مات كافور، وبويع لاحمد بن علي بن الاخشيد، قيل لسيبويه في اليوم الذي جلس احمد بن علي بذلك – وهو طفل ابن احدي عشره سنه – فقال: اما هذا من العجائب، ومن عظام المصائب، ان يقعد في اعلي المراتب، ويؤهل للنوائب، صبي غير بالغ ولا ايب، ولا قارئ ولا كاتب، ولا حامل سيف ولا ضارب، لقد خسّ هذا الامر وهان، حتي تلاعب به النسوان، وندب له الصبيان، فالله علي كل حال المستعان.\nوراي سيبويه جعفر بن الفضل بن الفرات بعد موت كافور وقد ركب موكب عظيم فقال: ما بال ابي الفضل قد جمع كتابه، ولفق اصحابه، وحشد بين يديه حجابه، وشمر انفه، وساق العساكر خلفه؟! ابلغه ان الاسلام طُرق فخرج ينصره؟ او ان ركن الكعبه سُرق فخرج لهذا الامر ينكره؟.\nفقال له رجل: هو اليوم صاحب الامر، ومدبر الدوله.\nفقال: يا عجباه! اليس بالامس نهب الاتراك داره، ودكدكوا قراره، واظهروا عواره، حتي اصبح عنهم مستتراً، ومنهم متحجراً، وهم اذ ذاك يدعونه وزيراً، صيَّروه اليوم عليهم اميراً؟!، واعجبي فيهم! كيف رضوه ونصبوه؟ بل عجبي منه كيف تولي امرهم، وامن غدرهم؟!.

الخبر من المصدر