"سجينة طهران" قصة تعذيب فتاة مسيحية داخل سجن "إيفين"

"سجينة طهران" قصة تعذيب فتاة مسيحية داخل سجن "إيفين"

منذ ما يقرب من 11 سنة

"سجينة طهران" قصة تعذيب فتاة مسيحية داخل سجن "إيفين"

صدر مؤخرًا عن دار كلمات للنشر والترجمه، بالتعاون مع دار هنداوي، الترجمه العربيه لروايه "سجينه طهران" للكاتبه الايرانيه "مارينا نعمت"، وقام بنقلها الي اللغة العربية سهي الشامي، وقدمت لها الشاعره والمترجمه فاطمه ناعوت.\nبطله الروايه هي هي الصبيه مارينا مرداي بخت، او مارينا نعمت؛ فتاه مسيحيه ايرانيه من طهران، كانت تلميذه في المرحله الثانويه حينما بدات رحله عذابها، بعدما انتزعت من دفء الاسره الي صقيع سجن "ايفين" ووحشته، لتجرب الوان التعذيب الوحشي، وتشهد كل يوم مقتل صبي او صبيه من ورود ايران النضره، لم يبرحها الشعور بالاثم طوال سنوات حياتها، لانها نجت حين مات كثيرون من رفقه الصبا وزملاء الدراسه في مدرستها، ممن تجاسروا ان يقولوا: "لا" حين قال الاخرون: "نعم" وتلك كانت جزيره وخطيئه في حكم الملالي الايراني.\nيضربها الوجع ويطاردها الشعور بالذنب كلما تذكرت انها كان يجب ان تموت معهم، حيث ماتوا وحين قصفوا في عمر الزهور البريئه، لولا شجره الاقدار البديله التي ترسم خيوط حياتنا علي نحو لا يخلو من مصادفات وعبثيه واعتباطيه وافتقار للمنطق في كثير من الاحيان، لهذا لم يبرحها يقينٌ بان حياتها تخص اولئك الموتي، اكثر مما تخصها هي، ولم يكن من سبيل الي تحررها الذاتي من الاسر وانعتاق روحها من الوزر، الا بتحرير تلك الذكريات من اسارها في سجن روحها وخبيئه ذاكرتها، ومن ثم اخراجها للنور الي حيث الذاكره الكونيه الجمعيه، ذاكرات الناس، عبر هذه الروايه الجميله، الموجعه؛ من اجل ان تطرحها امام الراي العالمي، فيعرف من لم يكن يعرف، ما يجب ان يعرف، من اسرار لم تخرج بعد من قلوب الذين قتلوا وعذبوا باسم الله.\nتدور قصه مارينا منذ قبض عليها عام 1982، لتسكن معتقل "ايفين" وتعاني الامرين عامين وشهرين عددًا، مرورًا بزواجها القسري من جلادها الاسلامي الذي احبها ولم تحبه، ثم اسلامها القسري ايضًا، ثم تحررها بمصرع الزوج علي يد جلاد اسلامي اخر، ثم اخيرًا، زواجها من خطيبها المسيحي القديم رفيق الصبا حبيبها الذي انتظرها وانتظرته، وحتي هروبها الي كندا مع زوجها وطفلها عام 1991، هي حكايه جيل الثورة الإسلامية الأيرانية بكل اوجاعها وجراحها وعصير ثمرها المر، والاحلام الموءوده لجيل من الشباب شاخ قبل الاوان؛ تضعها مارينا، سجينه طهران الصغيره امام المجتمع الدولي مخضبه بالدم النبيل الذي لا توقف قطره ضمادات العالم، مرهقه بالدموع التي لا تجففها الا يد السماء الحنون، هي الجزء غير المروي من حكايات طويله تناولتها الالسن والفضائيات والصحف والمجلدات وكتب التاريخ علي نحو اعلامي منقوص، علي نهج انتقائي غير موضوعي، هي الشطر المسكوت عنه من بيت شعري نازفٍ لا يعرف العالم عنه الا ما اراد له الشاعر، الفاشي، ان يعرفه من قصيدته الملحميه الداميه، مهما كان تقييمنا لادائه الشعري الموصوم بالظلم والقمع وسحق الاباده.\nقصه الصبيه والصبايا المراهقين في ايران، ممن بدا تشكل وعيهم بالحياه مع الامل في صوغ ايران اجمل وارقي واكثر تحضرًا، تظللها الحريه والديمقراطيه والسلام؛ فاذا بهم يعقون فرائس سهله تحت انياب التعذيب ومقاصل القتل والاغتصاب وسحق الكرامه، انها كواليس القصه التي راقبها العالم في صمت؛ اما عن جهل بما يدور في الغرف الخلفيه المغلقه، او عن خوف سماع انين المعذبين وراء قضبان السجون وظلامها، او ربما عن عدم اكتراث بارواح بريئه تكشف النقاب عن اليه سحق الارواح باسم الله، وتحت مسمي اعمال الخير والاصلاح في الارض، وهي فوق كل هذا روايه "التحرر" من الخوف، فان نحن "كتبنا" مخاوفنا "قتلناها"، لهذا تختم الكاتبه روايتها بهذه العباره "الخوف افظع السجون علي الاطلاق".\nوتلقي الكاتبه في هذا الروايه الضوء علي الثوره الشعبيه الايرانيه 1979 التي قام بها اليساريون والليبراليون والعلمانيون والمثقفون والعلماء والمدنيون في ايران، ونجحت في الاطاحه بشاه إيران المستبد، املاً في بناء ايران اكثر تحررًا وتحضرًا وديمقراطيه وتصديرًا للعلم، فقفزت التيارات الدينيه علي الثوره، كالعاده، وجاء آية الله الخميني ليركل بقدمه الديمقراطيه التي اجلسته علي الكرسي، مثل منديل ورقي بالٍ ادي وظيفته، وما عاد له الا صندوق القمامه. بعد توسله اياها، لُفظت الديمقراطيه، وحل محلها حكم الفرد، والتحدث باسم السماء، والتغلغل المتسارع في مفاصل الدوله من مؤسسات حيويه واعلام وتعليم وقضاء وجيش وشرطه، ثم التصفيه الجسديه للانتفاضات الشعبيه العديده التي ثارت علي القمع، ثم دهس القانون بالقدم، بعد اقصاء المعارضه بل اعتقالها وتعذبيها وقتلها في احد اشهر سجون التاريخ وابشعها؛ سجن ايفين، الذي لا تقل شهرته عن الباستيل الفرنسي، وابو غريب العراقي، وباجرام الافغاني، ومعتقل جوانتانامو الامريكي في كوبا، اما جلادو "ايفين" فهم الاسلاميون الذين ذاقوا الويل علي رجال "السافاك"؛ جهاز الاستخبارات الايراني المخصص لمراقبه معارضي الشاه وتعذيبهم وتصفيه قياداتهم بذات السجن، في عهد محمد رضا بهلوي، شاه ايران، وحينما ترفق بهم القدر وتمكنوا من السلطه خرجوا ليذيقوا الويل مضاعفًا للشعب الذي حررهم، والويلين لمعارضي الخميني من المدنيين والليبراليين والثوار، او كل من يفكر في لفظ كلمه "لا" للفاشيه باسم الدين.\nوجاء الحرس الثوري الإيراني "حراس الخميني ونظامه وليسوا حراس الثوره في الحقيقه الامر"وشرعوا في اعتقال كل من تسول له نفسه"الاماره بالسوء" ان يمارس حقه الذي فطر عليه في التفكير والتعبير والاعتراض، لدرجه تورطهم في اعتقال الصبيه الصغار بالمدارس اذا ما اعترضوا علي المعلمين الجدد، الذين بدلاً من ان يشرحوا المناهج التعليميه؛ من رياضيات وعلوم وتاريخ وكيمياء، راحوا يشرحون مزايا ثوره الخميني ووجوب طاعته التي هي من طاعه الله، وامتلات عنابر سجب ايفين بمئات الالاف من المواطنين يُجلدون بالسياط، ويذبحون ويشنقون علي مدار الساعه منذ الثمانينات من القرن الماضي وحتي اختفي تمامًا صوت اخر معارض لحكم الملالي.\nالطريف في الامر، كما توضح الروايه، ان الجلاد القاتل من الحرس الثوري كان يقتل مجاهرًا بانه يسدي معروفًا وجوديًا وتربوياً ونفسيًا للمقتول! كانوا يشنقون الناس في الشوارع قائلين: انما نخدمهم بقتلهم؛ كيلا يرتكبوا مزيدًا من الاثام، لانهم اعداء الله، ما داموا يعارضون ايه الله الخميني؛ وذلك عملاً باحد شعارات الامام التي كانت تملا شوارع طهران ميادينها وغيرها من المدن الايرانيه، حيث يقول نص الشعار "لو سمح للكافر بالاستمرار في الحياه، لاصبحا معاناته النفسيه اسوا كثيرًا، اما لو قتل المره ذلك الكافر، فيكون قد حال دون ارتكابه مزيدًا من الخطايا، وبهذا يكون الموت نعمه كبري له!".

الخبر من المصدر