باريس، مدينة تزهو بدوامات الخيل

باريس، مدينة تزهو بدوامات الخيل

منذ 11 سنة

باريس، مدينة تزهو بدوامات الخيل

كان الوقت ظهرا، من يوم الاحد. في حدائق "شان دومارس" المؤديه الي برج إيفل، اشعه الشمس الدافئه تضيئ السماء الزرقاء الصافيه.\nالباريسيون يقصدون الحدائق، يتنزهون بكلابهم.\nوهذه سيده تطعم عصافير الدوري قطعا من الخبز الفرنسي. ومن ذلك الركن الصغير هناك ينبعث رنين الاجراس.\nوتتحرك عشرون دوامه خيل، علي كل حصان فيها طفل مثبت علي السرج، في دوران يشبه ركض الخيول، وهي ترفع اقدامها وتحدق باعينها اللامعه المتحديه.\nتدور الدوامه بخيولها، تدور وتدور، فتثير بهجه الاطفال، وتعطي القوه لدانيال، الرجل الذي يدفعها بيده اليسري، دون كلل.\nيذكر لنا دانيال، وهو يضحك، ان هذه الدوامه ستبلغ مئه عام، الشهر المقبل.\nيمسك الاطفال عصوات خشبيه باليد اليمني، بينما ايديهم اليسري ممسكه باعمده الدوامه الملونه بالاحمر والاصفر.\nانهم يلعبون "لعبه الخاتم". يقلدون فرسان القرون الوسطى وهم يرفعون الخاتم برماحهم.\nالدوامه تدور، والخواتم ترن، والمتفرجون يمرحون، والنتيجه ترتفع.\nطفل يصيح: "حصلت علي ثمانيه"\nوترد عليه طفله: "انا حصلت علي عشره"\nلقد اثارت لعبه الخاتم اعجاب الشاعر الالماني راينر ماريا ريلكه، عندما كان يقيم في باريس في بدايه العام 1900. فكان يجلس ساعات طويله، في حديقه لوكسمبورغ، يشاهد الدوامه وهي تدور، بخيولها، والفيل المفضل لديه، تحمل الاطفال، وهم يلعبون لعبه الخاتم.\nولذلك كتب قصيدته الشهيره "دوامه الخيل"، في العام 1905\nتعد هذه الدوامه الاقدم في باريس. ولكنها لا تزال تدور بخيولها كل يوم، ولا يزال الاطفال يلعبون عليها.\nالفيل المفضل للشاعر الالماني راينر\nاما الفيل الابيض الناصع، الذي كان يحبه ريلكه، فقد تحول لونه الي الرمادي.\nوالي يسار برج ايفل، وعلي ضفه نهر السين، تدور احدث دوامه خيل في المدينة. وقد صنعت بطابقين ولونت بالازرق الفرنسي والاحمر والذهبي. وروعي في تصميمها الاسلوب التقليدي القديم، بالخيول والحيوانات والعربات السحريه والكؤوس الدواره.\nالدوامه عمرها 18 شهرا فقط، وصممت لتشتغل بالطاقه المتجدده. حيث وضعت، تحت اقدام الخيول الخلفيه، عجلات يمكن للركاب تدويرها لتوليد الطاقه.\nوفي اعلي الخيمه، التي تحمل الواحا شمسيه، وضعت طاحونه هوائيه، تلتقط ذرات الطاقه التي تحملها نسمات نهر السين.\nالفرق كبير بينها وبين الدوامه التقليديه التي تدفعها الايادي.\nيقول جون بول فافاند، المالك والمشرف علي واحد من اهم متاحف ملاهي الاطفال في العالم: "دوامات الخيول كانت دائما مرتبطه باحدث التكنولوجيا".\nفقد كانت تحرك بالبخار، ثم بالكهرباء". وكانت دائما تستخدم احدث الاختراعات، لامتاع الجماهير.\nففي الدوامات كان الناس يركبون الدراجه في 1848، والسياره في 1890، والطائره في 1905.\nويجمع فافاند ويصلح ويعرض مقتنياته الرائعه في متحفه. ويمكن لك في المتحف ان تلمس وتلعب بالدوامات.\nاسحب الستار المخملي الفاخر، الذي يغطي ابواب المتحف، وادلف عالمه الساحر، الحافل بجمال وفتنه عصر الرفاهيه والمتعه، حيث كان المئات يتجمعون في الملاهي، للرقص والشرب، وركوب الدوامات، لتذهب بهم بعيدا عن انشغالاتهم اليوميه.\nيفتح المتحف ابوابه للجميع في فتره اعياد الميلاد، حيث تتدفق علي الدوامات العتيقه حشود الزائرين الفضوليين.\nولعل اكثرها جذبا للزائرين دوامه عجلات تعود الي العام 1885، تدور بعناء كيبر، يقطع انفاس راكبها، وهو يضغط علي الدواسات.\nاما عالم فافاند ومتعته ففي مدينه باريس نفسها.\nفالي جانب مئات الاف الاضواء التي تنير المدينه، والعجله العملاقه البراقه في ساحه لاكونكورد، اضافت باريس مؤخرا، 20 دوامه خيل جديده الي الدوامات الـ35 المنتشره في ارجائها.\nانها هديه اعياد الميلاد من عمده باريس الي سكانها وزائريها.\nفالتسليه مفتوحه مجانا من بزوغ فجر ايام الشتاء البارده الي غايه حلول الظلام، للبالغين والاطفال علي السواء.\nانها 55 دوامه تدور مثل الجواهر عبر ارجاء المدينه، كل واحده منها حافله بالغبطه والخيال.

الخبر من المصدر