تقارير: ليس بالضرورة أن يكون الربيع الإيراني نسخة من الربيع العربي

تقارير: ليس بالضرورة أن يكون الربيع الإيراني نسخة من الربيع العربي

منذ 11 سنة

تقارير: ليس بالضرورة أن يكون الربيع الإيراني نسخة من الربيع العربي

أجمع الكثير من الخبراء والمراقبين على أن شهرة سجن (ايفين) الإيراني لا تعادلها سوى شهرة سجن (الكتراز) الأمريكي، لكن الفرق شاسع بين السجنين: فالثاني اقفل عام 1962 لأن تكاليفه كانت ضخمة، والهدف منه لم يعد يتناسب مع مفاهيم الجريمة والعقاب، ولأن موقعه سياحي من الدرجة الأولى فهو في جزيرة تطل على خليج سان فرانسيسكو من جميع الجهات.\nأما سجن ايفين ـ حسب تقرير من لندن ـ فإنه ما زال يكتظ بالسجناء وصيته اليوم أسوأ بكثير من أيام الشاه، خصوصًا وأن كل السجناء السياسيين والمدافعين عن حرية الرأي مروا فيه أو ما زالوا مقيمين فيه.\nوجاء فى التقرير أن الرئيس أحمدي نجاد منع، بقرار من رئيس القضاء آية الله صادق لايجاني، من زيارة سجن ايفين للاطلاع على وضع مساعده للشئون الصحافية علي أكبر جوانكر والمشرف العام على وكالة الأنباء الإيرانية وعدة صخف رسمية بينها صحيفة الوفاق بالعربية.\nوبرر النائب العام القرار بقوله: "إذا كنا نفكر في مصلحة البلاد فإن زيارة سجن في هذه الظروف ليست ملائمة"، هذا العذر لا يعني شيئًا، لأن جوانكر حكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر بتهمة كتابة مقال "مسيء للذوق العام" ولم يتم تحديد متى صدر المقال ولا أين.\nويمضى التقرير: "إنه من الواضح أن كل ذلك ليس إلا فصلاً جديدًا من فصول الصراع الدائر حول خلافة نجاد، خصوصًا بعد رفض الأخير للشروط الجديدة لقبول المرشحين للرئاسة والتي اعتبرها "مخالفة للدستور"، وبعد ما وصف العمل مع اسفانديار رحيم مشائي بأنها "هبة آلهية وشرف عظيم لأنه من الملتزمين الحقيقيين بالثقافة المهدوية والعدالة وحب الحرية والإدارة المشتركة"، والمعروف أنه في الوقت الذي يصف فيه خصوم نجاد مشائي برأس "تيار الفتنة" فان نجاد يعمل على ترشيحه للرئاسة فيما أصبح يعرف بنسخ عملية بوتين ومديفيف في روسيا أي أن يخلف نجاد؛ مشائي بعد أربع سنوات.\nوالمعركة المفتوحة على الانتخابات الرئاسية ليست محصورة بنجاد وأنصاره، ولا في استمرار سجن قادة الإصلاحيين وفي مقدمتهم مير حسين موسوي والشيخ كروبي، وإنما تجاوزت ذلك لتطال الإعلاميين وشرائح واسعة من الناشطين في المجتمع المدني ويبقى سجن ايفين عقدة الربط والفصل في كل المشهد الإيراني في ظل الوقائع التالية:\n*المدون عبد الستار بهئشتي وعمره 35 عام اعتقل وادخل سجن ايفين وكانت صحته ممتازة؛ وبعد عدة أيام أخبرت عائلته بأن عليها شراء قبر له ودفنه دون أي ضجة أو إعلام لكن يبدو أن والدته التي ليس لديها ما تخسره، بعد أن خسرت ابنها، رفضت ذلك وأثارت القضية مما اقتضى تدخل عدد من النواب للتحقيق في أسباب وفاته.\nنسرين سنودة المحامية المعروفة في إيران التي رافعت عن حاملة جائزة نوبل لحقوق الإنسان حكم عليها بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة الدعاية ضد النظام.\nأضربت عن الطعام في سجن ايفين لاكثر من ستين يوما حتى سمح لابنتها بمغادرة إيران ولتخفيف القيود عن عائلتها وتحسين شروط سجنها.\n*أضربت تسع نساء سجينات في ايفين عن الطعام بسبب سوء معاملتهن، علمًا بأن التهم الموجه اليهن تتراوح بين "الإساءة إلى الرئيس" و"توجيه الإهانة إلى المرشد".\nوقد نالت بهارة هدايت عشر سنوات سجن على ذلك، أما جيلا بني يعقوب وهي صحفية، فقد حكم عليها بالسجن لمدة سنة ومنعت من العمل الإعلامي لمدة 30 سنة فقط لأنها "نشرت دعاية مغرضة ضد النظام"، أما الحقيقة فهي أنها طالبت بحقوق المرأة.\nوقد ارتفعت الضجة بعد ان رفضت 86 جامعة موجودة في ايران تسجيل الفتيات في 77 اختصاص من بينها: علوم الكومبيوتر والفيزياء النووية والأدب الإنجليزي والاقتصاد والهندسة والكيمياء والاستشارات القانونية.\nولم تحدد الجامعات أسباب هذه القرارات التي لم تعارضها الوزارات المعنية، ولم يجد أحد تفسيرًا لذلك سوى محاولة جدية لتخفيف المزاحمة في سوق العمل، إذ تجاوزت نسبة البطالة أكثر من 20\% من جهة، وابعاد النساء عن الحركة الشعبية، من جهة ثانية، حيث للمرأة الإيرانية دورًا فاعلاً ومؤثرًا.\nأصدر أكثر من 80 كاتب وشاعر بيان جريئ جدًا؛ ضد قرار وزارة الثقافة فرضت فيه الرقابة المسبقة على كل المؤلفات الأدبية، ووضعت قيودًا وصلت إلى أن الشاعر علي صالحي امتنع عن طباعة ديوانه الجديد بعد أن حذفت الرقابة 120 صفحة منه من أصل 150 صفحة.\nواعتبر البيان أن قرار وزارة الثقافة "يأخذ حرية التعبير رهينة ومنع الكتاب من التفكير بحرية"، بعدما وضعت الرقابة ما اسمته مفاتيح من بينها: الجسد- التقاليد- الخمرة- الرغبات إلخ...\n* أصدرت وزارة الثقافة قرارًا ألزم مختلف وكالات الأنباء المحلية ذكر مصادرها وعدم استخدام ما هو متعارف عليه في الصحافة من مصطلحات مثل "مصادر موثوقة أو سياسية أو برلمانية"، علمًا بأنه يوجد في إيران 21 وكالة محلية، من الواضح أن الهدف من هذا القرار هو الحد من تدفق المعلومات قبل الانتخابات وفي الأزمات حتى يتم تمرير المرحلة حتى ولو كان القرار مخالفًا للمادة الرابعة لقانون المطبوعات.\n* إقفال الصحف خصوصًا التي تحمل توجهًا إصلاحيًا لأسباب واهية مثلما حدث أخيرًا مع صحيفة "مغرب" لأنها نشرت كاريكاتورًا اعتبر مسيئًا للرئيس، كما أن 23 صحيفة مهددة بالتوقف بسبب ارتفاع سعر الورق نتيجة المقاطعة الاقتصادية.\nوتكتمل الصورة مع منع الصحفيين من العمل والكتابة، وأبرز مثل على ذلك ما يحدث مع أحد أبرز الصحفيين في الشرق الأوسط والمعهم، ما شاء الله شمس الواعظين، الذي كان قد أصدر ثلاث من أنجح الصحف الإيرانية، أقفلت جميعها، وأجبر بعد خروجه من السجن على التزام الصمت وإلا أعيد إلى السجن لسنوات طويلة.\nالانتخابات الرئاسية في أواسط حزيران من العام القادم، ليس بالضرورة أن يكون الربيع الإيراني نسخة عن الربيع العربي ولكن من الواضح أن إيران دخلت مرحلة جديدة حبلى بالأحداث والمتغيرات.

الخبر من المصدر