المحتوى الرئيسى

جريمة ازدراء الأديان فى القانون الدولى

10/01 20:56

د. السيد مصطفي ابو الخير يكتب:

في ظل التطاول المستمر من الغرب الملحد علي الاسلام والمسلمين وعلي رسول الله صلي الله عليه وسلم، سواء بالقول او بالرسم او بانتاج فيلم، وهو ما تزايد في الغرب نتيجه الاقبإل آلمتزايد علي الاسلام من اهل الغرب، مما دفع احد القساوسه في اوروبا ان ينتحر حرقا اعتراضا علي انتشار الإسلام في أوروبا، وقد زاد هذا التطاول بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، التي زادت من معدلات اعتناق الاسلام في الغرب شرقه وغربه، علما بان القانون الدولي فرض حمايته علي حريه العباده والاماكن المقدسه والرموز الدينيه وقت السلم واثناء النزاعات المسلحه الدوليه وغير الدوليه، وايد ذلك ايضا القضاء الدولي وخاصه في محكمه نورمبرج، ولكن عدم تفعيل هذه الاليات وتطبيق هذه الاتفاقيات جعل الكثير يقول بعدم وجود حمايه للاديان والاماكن والرموز الدينيه في القانون الدولي، ومع ان القانون الدولي لم ينص صراحه علي هذه الحمايه الا انه اقر حرمه الاماكن المقدسه والاديان والرموز الدينيه ضمنا في اعلانات ومواثيق واتفاقيات حقوق الانسان وايضا اتفاقيات جنيف الاربعه لعام 1949م والبروتوكولان الاضافيان لعام 1977م، كما انها جريمه حرب وجريمه ضد الانسانيه طبقا للنظام الاساسي للمحكمه الجنائيه الدوليه.

ففي اثناء السلم جاءت الحمايه في اتفاقيات واعلانات ومواثيق حقوق الانسان العالميه والاقليميه، وجاءت الحمايه هنا من خلال تاكيد حريه العباده ومنع التمييز بسبب الدين، فقد نص البيان العالمي لحقوق الانسان علي حق الحرية الدينيه (لكل شخص حريه الاعتقاد وحريه العقيده وفقا لمعتقده ( لكم دينكم ولي دين) وقد حرم الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948م في مادته الثانيه التمييز بسبب الدين، واكدت الماده (18) علي حريه اختيار الدين وحريه الانسان بممارسه العباده واقامه شعائره ويجب احترام ذلك ومراعاته في السر والعلن، واكدت ذلك ايضا (18/1) من الاتفاقيه الدوليه الخاصه بشان الحقوق المدنية والسياسية لعام 1966م، واكد الميثاق العربي لحقوق الانسان الصادر عن جامعة الدول العربية عام 1945م في مادتيه (22 و23) ذلك، وايضا الميثاق العربي الصادر في 1997م في مادتيه (26 و27)، وكذلك الميثاق الافريقي الصادر عام 1979م في المادتين الثانيه والثامنه، والاتفاقيه الاوروبيه لحقوق الانسان لعام 1950م في الماده التاسعه، وايضا ميثاق الحقوق الاساسيه للاتحاد الاوروبي لعام 2000م في الماده العاشره، والماده (22) التي فرضت احترام الاختلاف الثقافي والديني واللغوي، والاعلان الامريكي لحقوق وواجبات الانسان لعام 1948م في الماده الثالثه، وايضا البروتوكول الاضافي للاتفاقيه الامريكيه لحقوق الانسان في مجال الحقوق الاقتصاديه والاجتماعيه والثقافيه لعام 1999م منعت التمييز بسبب الدين في الماده الثالثه، والاتفاقيه الامريكيه لحقوق الانسان سان خوسيه لعام 1969م في الماده الـ(12) اكدت كل ما سلف.

وفي اثناء النزاعات المسلحه سواء الدوليه او غير الدوليه فرض القانون الدولي الانساني حمايته علي الاماكن المقدسه، فقد نصت الماده الـ27 من اتفاقيه لاهاي لعام 1907 انه في حاله الحصار والضرب بالقنابل يجب اتخاذ كل ما يمكن اتخاذه من الوسائل لعدم المساس بالمباني المعده للعباده، والماده الـ(27) من اتفاقية جنيف الرابعة لسنه 1949م الخاصه بحمايه السكان المدنيين تنص علي حق السكان في المناطق المحتله ممارس شعائرهم الدينيه حسب عاداتهم وتقاليدهم، فقد نصت الماده الـ(53) من الملحق الاضافي الاول لاتفاقيات جنيف لعام 1949م علي حظر ارتكاب اي من الأعمال العدائيه الموجهه ضد الاثار التاريخيه او الاعمال الفنيه او اماكن العباده التي تشكل التراث الثقافي او الروحي للشعوب، كما تضمنت المعني نفسه الماده الـ(53) من اتفاقيه لاهاي لعام 1954 الخاصه بحمايه الممتلكات الثقافيه وقت النزاع المسلح، واورد البروتوكول الثاني لعام 1977م الخاص بالنزاعات المسلحه غير ذات الطابع الدولي في الماده الـ(14) ما نصه (يحظر ارتكاب ايه اعمال عدائيه موجهه ضد الاثار التاريخيه، او الاعمال الفنيه، او اماكن العباده التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب واستخدامها في دعم المجهود الحربي).

وقد فرض القانون الدولي الجنائي حمايته علي الاماكن المقدسه فجرمها وجعلها جريمه حرب طبقا لاتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949م والبروتوكولين الملحقين لها لعام 1977م، حيث اعتبر مخالفه الاتفاقيات سالفه الذكر جريمه حرب، وهذا ما نصت عليه الماده الثامنه الفقره الثانيه (ا) والفقره التاسعه من ذات الماده من النظام الاساسي للمحكمه الجنائيه الدوليه، كما اعتبرتها الماده السابعه من النظام الاساسي للمحكمه الجنائيه الدوليه جريمه ضد الانسانيه، لانها تعبر عن اضطهاد وتمييز بسبب الدين، ويمكن عن طريق جمعيه الدول الاطراف للمحكمه الجنائيه الدوليه المنصوص عليها في الماده (112/ز) من النظام الاساسي للمحكمه الجنائيه الدوليه، اعتبار ازدراء الاديان جريمه ضد الانسانيه؛ لانها تمثل اعتداء علي البشريه، كما يمكن ادخالها ضمن الركن المادي من جريمه الإضطهاد الديني والتمييز بسبب الدين.

 ان الدول الإسلامية تستطيع اصدار تشريع عالمي بمنع ازدراء الاديان، فالتوصيه الصادره من الامم المتحده عامي 2005 و2008م منعت ازدراء الاديان وصدرت بموافقه 85 دوله وامتناع 42 ومعارضه 50، وبالتالي تستطيع وفقا لهذه التوصيه التقدم بتشريع ملزم تتبناه الامم المتحده او التوصل لاتفاقية دولية بين الدول الاعضاء، كما ان الماده الـ(36) من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية تجعل من اختصاصها الفصل في الخلاف في تطبيق ايه اتفاقيه وتفسير مضمونها، وبالتالي ينبغي علي الدول الاسلاميه اللجوء للمحكمه لتوضيح ان الفيلم المسيء للرسول هو من الوان التعصب الديني والتمييز، والفت النظر الي ان الدول الاسلاميه تستطيع رفع دعوي قضائية امام المحكمه الجنائيه الدوليه باعتبار ان الفيلم المسيء هو جريمه ضد الانسانيه وجريمه حرب، وطبقا للنظام الاساسي للمحكمه يحق لها اتخاذ الاجراءات اللازمه لمعاقبه المتورطين في هذه الجرائم، وهناك اكثر من عشر دول إسلامية مصدقه علي النظام الاساسي للمحكمه تستطيع رفع دعوي، ولكن مصر ليست من هذه الدول، ولكنها تستطيع رفع دعوي اذا صدقت علي ما يتعلق بهذه الجريمه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل