د. أحمد خالد توفيق يكتب.. "رسائل المحبة" (2)

د. أحمد خالد توفيق يكتب.. "رسائل المحبة" (2)

منذ 11 سنة

د. أحمد خالد توفيق يكتب.. "رسائل المحبة" (2)

فرغ مصطفى من تصوير آخر صفحة في المذكرة التي تركتها له طالبة كلية التجارة الحسناء.. هذه الفتاة الرشيقة التي لا يعرف لها اسمًا تأتي كل بضعة أيام لتصوّر بعض تلك المقررات الكئيبة، ولطالما تمنى أن يعرف اسمها.. قرأه ذات مرة على المذكرة "نجوى السيد".. وراح يتنهد مفكرًا في نجوى وحلم كثيرًا بنجوى، ثم فطن إلى أن هذا حمق.. بالتأكيد نجوى هو اسم صديقتها صاحبة المذكرة لا اسمها هي.. وبرغم هذا ارتاح للاسم، وبالنسبة له ظلت الفتاة نجوى..\nكان يصوّر الورق برفق وحنان وعناية، حتى إنه تذكر باسمًا إسماعيل يس عندما كان يصف لهند رستم الفطيرة التي سيصنعها لها عندما كان اسمه (حسونة الفطاطري).. نجوى لا تنتظر وإنما تترك له المذكرة وتنصرف باسمة.. ثم تعود بعد ساعات لتأخذ الأصل والصور..\nاليوم جلبت له تلك المذكرة التي تحمل اسم (إدارة أعمال) وابتسمت وانصرفت كالعادة.. نسخة واحدة.. تغليف بلاستيك..\nفكّر في الأمر.. مستحيل أن يتمادى خطوة واحدة أو يفكر فيما هو أبعد.. هو "ورّاق".. ليس سوى هذا، ولا أمل في النمو أو التقدم.. لا يجسر على دخول بيت ليقول إنه "وراق".. ليس صاحب مكتبة ولا يملك آلة نسخ المستندات.. هو فقط يجيد التعامل معها وتنظيفها، وهذا معناه أن نجوى ليست له ولن تكون..\nمن المذكرة سقط مظروف أنيق.\nهل يجرؤ على الاعتقاد بأن....؟\nبالطبع لا يجرؤ.. الأحلام لا تتحقق بهذه السهولة ولا هذه الروعة..\nالخطاب يخصّها، لكن الفضول دفعه دفعا إلى أن يفتحه.. فيما بعد سوف يحاول أن يغفر لنفسه هذه الزلة الأخلاقية البسيطة.. ما معنى هذا؟\nاستعدّ للموت في الثامنة مساء..\nهذا كلام عجيب.. والأعجب أن الصيغة موجّهة لذكر.. أي أن الخطاب لا يخصّها بالذات، لكن لماذا تحمل فتاة خطابًا فيه هذه الصيغة الغريبة؟\nابتلع ريقه.. لن يسألها بالطبع.. لا يستطيع..\nأعاد الخطاب لموضعه في المذكرة، لكن شعورًا مريرًا غمر مؤخرة حلقه.. كان يعتقد بأنها أرادت أن يرى الخطاب.. فتاة ذكية دقيقة مثلها لا تنسى خطابًا في مذكرة إلا لو أرادت أن يراه, ولسبب لا يفهمه قام بعمل نسخة من الخطاب ليدرسه فيما بعد..\nكان هذا في الوقت المناسب؛ لأنه شمّ عطرها.\nوعندما نظر للخلف رأى أنها تقف هناك، وعلى شفتيها ابتسامة راضية غريبة..\nأما عن عماد فقد فرغ من تمرينات الإحماء في الاستاد.\nكان الطقس باردًا في الصباح، ولم تكن لياقته على ما يرام.. المدرب يرمقه في كراهية ومقت.. المدرب لا يرى في الكون سواه هذه الأيام، ولو حدث زلزال في شيلي لاتهمه بأنه السبب!\nلم يكن راضيًا عن جسده.. جسده يخذله ويتخلى عنه، وقد بدأ الشحم يتجمع حول الخصر..\nبعد الجري لعشر دقائق في المضمار بدأ يشعر بأن صدره يضيق، وأن عضلاته تؤلمه وسال عرق غزير على جبينه وبلل الفانلة..\nثم جاءت الطامة الكبرى عندما تقلّصت عضلة ساقه.. شعور بسكين حادة تنغرس في السمانة، وهكذا راح يتواثب كاللقلق..\nفي النهاية جلس على الأرض وراح يعوي..\nنظر له المدرب في غلّ ثم أمره بأن ينصرف..\nـ "لا أريدك هنا اليوم.. عُدْ لأمك ونمْ"\nشاعرًا بالإهانة عرّج عماد حتى بلغ غرفة استبدال الثياب بالنادي. هو وحيد هنا.. الخائب الوحيد الذي لم يكمل التدريب.. فتح خزانة الثياب.. هنا فوجئ بمظروف أنيق.. من أين جاء ومَن وضعه هنا؟\nكانت في المظروف رسالة تقول:\nاستعدّ لقتل رجل في الثامنة مساء..\nما معنى هذا؟ هل سيقتل أحدًا؟ من هو؟ كيف؟ من كتب هذا الكلام؟\nمقلب.. لكنه لم يستطع أن يقبله ببساطة.. الأمر غير مريح ومقبض إلى حد ما.. لكن على الأقل لا توجد تفاصيل أخرى..\nجفَّف عرقه وراح يرمق الخطاب في غباء..\nأحدهم يمزح مزاحًا سخيفًا، ولسوف يدفع الثمن..\nمن يدري؟ لربما كان صاحب هذه الدعابة هو الشخص الذي سيقتله؛ لأنه سيفقد أعصابه بالتأكيد!\nنعم.. كان عماد قصير الفتيل يتشاجر بسهولة جدًا.. وهذا يناسب صورته تمامًا: رياضي سيئ وخالٍ من الروح الرياضية..\nفي الاجتماع العاشر للجمعية الروحانية المصرية..\nكان الاجتماع ناجحًا، وقد تم استعراض عدد من الأبحاث المهمة، وتفنيد بعض الشائعات التي اجتاحت المجتمع في الفترة الأخيرة.. بدأت الجلسة الخامسة.. لم يكن مؤتمرًا كالمؤتمرات التي نعرفها، بل هو أقرب إلى جلسة أصدقاء استأجروا قاعة في نادٍ خاص..\nالدكتور فكرون هو شيخ في الستين له لحية قصيرة مشذبة ونظارة سميكة، ويضع بابيون كاروهات عملاقًا.. قال وهو يقلب في أوراقه:\nـ "قد يبدو كلامي سخيفًا... قد يبدو غير متوقع.. لكني أطلب من السادة الجالسين أن يصغوا لي بعناية..".\nمقدمة جعلت الجميع يصغون له بعناية فعلاً.. بينما أردف:\nـ "هناك مجموعة من الخطابات تتسرب بين الناس في مجتمعنا.. خطابات تدعوهم للفتك ببعضهم.. وأنا أعتقد أن هناك شيئًا ما في الخطابات ذاتها.. شيئًا يشلّ الإرادة.. والسؤال المنطقي هو: ما مصدر هذه الخطابات الغريبة؟".\nتساءل أحد الجالسين في ذكاء:\nـ "فعلا.. ما مصدر هذه الخطابات الغريبة؟".\nـ "حقًا.. ما مصدر هذه الخطابات الغريبة؟".\nابتسم د. فكرون في مكر، وقال:\nـ "نظريتي تقول إن من يرسل هذه الخطابات هو لوسيفر.. الشيطان ذاته!".\nالحق إن هذا قد يكون مسليًا، لكنه السخف ذاته.. والسخف لا يتعارض مع التسلية على كل حال..\nـ "سيدي.. إن لم تكن تمزح فأنت قد جننت!"\nفي عصبية شرب فكرون جرعة من الماء، وقال:\nـ "من حقكم اتهامي بالجنون.. لكني سوف أقدّم لكم الدليل حالاً".\nاخيرا يادووك اين انت ولماذا تركتنا هكذا يكاد الأنتظار يقتلنا فى انتظار الحلقة الثانية رفقا بنا ارجووك خاصة ان القصة مشوقة جدا كالعادة.\nوانا سوف اكون مهزبه ولن اتكلم عن النهاية العجيبة ايضا كالعادة .

الخبر من المصدر