لنستمع إلى الأستاذ هيكل وننصت

لنستمع إلى الأستاذ هيكل وننصت

منذ 12 سنة

لنستمع إلى الأستاذ هيكل وننصت

عندما يتحدث الأستاذ فلا بد لنا أن ننصت جيدا إلى كلماته، فالرجل عبر عمره المجيد يمتلك الكثير من الخبرة التى تجعلنا نقف أمامه تلاميذ، يمثل الأستاذ هيكل فى حياتنا مثالا هاما على التميز والموهبة.. الحقيقة أننى دائما ضعيف أمام كلماته وتحليلاته.. إننى أرى فيها الكثير من العقل والمنطق والموهبة الصحفية الكبيرة، عبر أيام ثلاثة قدم الأستاذ هيكل من خلال جريدة «الأخبار» إلينا الكثير من التحليل لأزمتنا المصرية الحالية، تحدث برؤية ثاقبة عن الأوضاع، لكن كعادته رفض أن يتحدث عن الحلول، لأنه يرى أن الأجيال الجديدة التى قامت بالثورة ومع من يملك السلطة الآن وأيضا القوة الوطنية، هم القادرون على تقديم الحلول. الرجل يحلل ويترك لمن يمتلك المعلومات والحقائق على الأرض، لأنه جزء منها لذلك فهو قادر على تقديم الحلول عن غيره، لكن ما يهمنى أن أعرضه من بعض ما كتب أستاذنا العظيم بعض النقاط، أرى أنه من المهم أن نتفحصها جيدا، لأنه لا يقول شيئا بسيطا، فمثلا وهو يتحدث عن شباب الثورة فيقول «إن سوء الفهم وقع وترك جرحا (يقصد ما بين شباب الثورة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة) وعلى النقيض فقد جرى توسيع الجراح باتهامات بغير سند، وبالطبع فإن أحدا لم يتصور أن حالة ثورية كتلك الحالة التى وقعت فى مصر يمكن أن تجىء بكل عوارضها وظروفها دون أن تحاول بعض القوى من قريب أو من بعيد أن تتداخل فيها، وأن تحاول توجيهها فمثل ذلك جرى وهو طبيعى، بمعنى أنه مما يجوز حدوثه، لكن إرادة البلد فى حالة ثورية تقتضى رؤية أكثر فى توصيف الأعراض وفى علاجها وفى فهم الأوضاع وتدقيق الوقائع»، واستطرد قائلا: «الشباب لا يتصورون نسيان حق الشهداء، وقلت إن هذا مشروع وهو واجب وهو حق مقدس وهو ليس قضية تعويضات مالية فحسب، إنما أكثر بكثير مع الحذر أن يتحول الحق المقدس إلى ثارات قبائل عقيمة تطلب الثأر وتقتص الدم بالدم»، ويختتم تلك النقطة قائلا: «ما أريد قوله إن حالة الارتطدام بالقدر لا يمكن الاستسلام لها فى العلاقة بين المجلس الأعلى وجماعات الشباب ولا حتى بعد الموعد المقرر لتسليم السلطة، بعدها سوف تظل فى هذا البلد قوات مسلحة وشباب يريد أن يطمئن إلى الحرية حتى يستطيع أن يثق أنها تأكدت ويخطو إلى مطلب العدل ومطلب التقدم». هدوء الأستاذ هيكل فى التحليل يؤكد لنا أننا لا بد أن نسعى بكل قوة فينا أن نلئم الجراح الموجودة بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبين الشباب، لأننا مع كل ما حدث من أخطاء من المجلس الأعلى فى حق الشباب ومع ذلك لا يمكن فعلا أن نؤكد أن دور القوات المسلحة فى أثناء الثورة وما بعدها مطلوب أن يدعم تدعيما فعليا. ويتحدث الأستاذ هيكل عن موقف الإخوان المسلمين فى الفترة الحالية، فيقول على الجميع أن يعلم أن هناك اعتبارات جديدة ظهرت على الساحة المصرية بوجود الإخوان المسلمين ونجاحهم فى الانتخابات، ولا بد لهذه الاعتبارات أن تراعى وواجب الجميع يحتم عليهم أن يقبلوا برضا طوعى حقيقى دون مناورة ودون عراقيل ودون تحيل الفرص للذرائع، لأن التيار الإسلامى له حق الفرصة كاملة غير مشوب بشائبة، بحيث يمكن تقييم أدائه تقييما عادلا ونزيها.. وتأملوا معى الكلمات القادمة التى يتحدث بها أستاذنا الأستاذ هيكل فيقول: «إذا نجح التيار الدينى فإن نجاحه إضافة، وإذا لم ينجح فإن فشله راحة، حيث إنه يستبعد احتمالا معلقا بظنون مسبقة لم تتعرض لاختبار التجربة»، ثم نصل إلى نقطة هامة تكلم فيها الأستاذ هيكل، وهى عن الحالة الاقتصادية المتردية التى تعيش فيها مصر الآن، وهل هى من نتاج الثورة أم من نتاج ما قبل الثورة، فيدهشنا كعادته دائما فى وصفه الحالة المصرية قبل الثورة بأنها أشبه بسياسة بيوت توظيف الأموال ويستشهد بقصة شهيرة فى أمريكا وهى قصة (برنارد مادوف)، التى تشبه أصحاب بيوت توظيف الأموال فى مصر وتلاعبهم فى الملايين، فقد تلاعب الرجل بعشرات البلايين من الدولارات.. تجربة بيوت توظيف الأموال فى مصر قبل الثورة يمكن طرحها كالتالى «ثورة وطن تحت تصرف وأجواء موحية بالاطمئنان إلى الاستقرار والساقية تدور والمياه تدفق والتصرف فى فيضها لا يتوقف سواء إلى (مادوف المصرى) أو أسرته أو أعوانه المقربين، وظلت الساقية تدور فى عمليات نقل تغطيها مساعدات خارجية تجىء ويجرى إنفاقها وعمليات تبديد تغطيها تدفقات مالية وفوائد كبيرة، خصوصا بعد حرب الخليج والكل يتحول إلى تدفقات وديون تسددها تدفقات وديون». انتهى كلام الأستاذ هيكل، وأتمنى أن نتفحص كلماته جيدا عن الوطن «اللى تحت التصرف» وعن الاستقرار المزعوم وعن الساقية التى تدور وعن المياه المتدفقة وعن التسرب فى فيضها وعن التبديد وعن النهب وبالذات المساعدات الخارجية وعن الخصخصة التى تم فيها نهب مصر كما وصفه هيكل نهبا صريحا وما جرى فيها من عمليات نهب وصلت إلى أراضى الدولة مبددة الموارد فى نهب منظم أكد الأستاذ هيكل أنه لا بد أن ينكشف مهما طال الزمن، ويكشف لنا أستاذنا كيف يمكن أن نفهم لغز البترول فى مصر، وكيف أننا بلد منتج للبترول، وفى نفس الوقت ومصدر له، ومع ذلك تستلف وزارة البترول من البنوك لكى تغطى نفقاتها. اتصل بنا | شروط الاستخدام | عن الموقع موقع جريدة التحرير الإليكتروني © 2012 - جميع الحقوق محفوظة

الخبر من المصدر