حتى لا يكون صيفًا داميًا

حتى لا يكون صيفًا داميًا

منذ ما يقرب من 13 سنة

حتى لا يكون صيفًا داميًا

بقلم: دافيد إجناشيوس 26 يونيو 2011 10:05:44 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; حتى لا يكون صيفًا داميًا السلام فى متناول اليد»، كان هذا إعلان هنرى كيسنجر الشهير فى أكتوبر 1972، بعدما بدت بوادر انفراج فى مفاوضات فيتنام، غير أنه لم يكن فى متناول اليد. فقد استغرق الأمر ثلاثة أشهر أخرى من أجل استكمال اتفاقات باريس للسلام، التى انهارت فى 1975 عندما اجتاحت قوات فيتنام الشمالية سايجون.ويعتبر هذا التاريخ الفيتنامى درسا يحذر من التفاؤل السابق لأوانه بشأن الحلول الدبلوماسية للصراعات الحادة المتأصلة، مثل الصراع فى أفغانستان. ولكن تبقى الحقيقة، كما يقال كثيرا، إنه لا يوجد حل عسكرى لمثل هذه النزاعات. ويتمثل التحدى فى خلق حوار بين أولئك الذين لا يثق أحدهم فى الآخر، وتفادى حرب أهلية متهورة.وفى خطاب الرئيس أوباما الأخير، تبنى منطق التسوية السياسية لأفغانستان. حيث يمكن لأوباما، بعد مقتل أسامة بن لادن، الادعاء بنجاح المهمة الجوهرية فى محاربة القاعدة. فهو يستطيع إعادة بعض القوات إلى الوطن، ويستهل مفاوضات دبلوماسية مع طالبان للتوصل إلى اتفاق سلام واضح بحلول 2014. وتسلط استراتيجية أوباما للمفاوضات الأفغانية الضوء على عاملين يمكن أيضا أن ينطبقا على الصراعات متزايدة الفوضوية فى ليبيا وسوريا. أولا: يجب أن يكون رعاة الحوار أناسا من داخل البلد الذى يواجه صراعا داخليا. وربما تشجع الولايات المتحدة الاتصالات، غير أن العملية ينبغى أن تكون «بقيادة أفغانية»، أو «بقيادة ليبية»، أو «بقيادة سورية». وثانيا: يتطلب هذا الحوار إطارا إقليميا، حتى لا يتحول المتقاتلون إلى الدول المجاورة طالبين المساعدة فى القتال.وقد حققت الاتصالات الأمريكية السرية مع طالبان تقدما فيما يرجع جزئيا إلى رغبة الرئيس حامد كرزاى فى نجاحها، وربما الأكثر أهمية، أن الهند وباكستان وروسيا والصين تدعم أيضا عملية الاتصا، مع موافقة صامتة من إيران كذلك. ويعتبر هذا الإطار الإقليمى هو المخرج الحقيقى الذى سيتيح للقوات الأمريكية الانسحاب.●●●وعلينا أن نفكر فى كيفية تطبيق هذا النموذج الدبلوماسى على ليبيا وسوريا. ففى الحالتين ينظر الغرب إلى المتمردين باعتبارهم «الأخيار» الذين يكافحون الحكام الفاسدين المستبدين. وأنا شخصيا أتمنى لو يتخلى كل من معمر القذافى وبشار الأسد عن السلطة غدا. لكن ذلك لا يبدو متوقعا: فكلا الزعيمين أظهرا استعدادهما لقتل الآلاف فى سبيل بقائهما، وحركتا التمرد فى البلدين تبدوان أضعف من أن تستطيعا الإطاحة بالديكتاتوريين بالقوة. وربما يبدو التدخل الخارجى مغريا، لكنه لا يحقق نجاحا فى ليبيا، وربما يكون أسوأ فى سوريا.ويعتبر الهدف الصحيح فى ليبيا وسوريا (كما فى أفغانستان) هو الانتقال إلى حكومة ديمقراطية بالكامل ــ بأقل قدر ممكن من نزيف الدماء فى الطريق. والبديل لمثل هذه التسوية هو نزاع طويل الأمد قد يعنى مذابح للمدنيين وجمودا دمويا سوف يزيد من زعزعة استقرار المنطقة، وفقا للدلائل الواضحة الآن.ومن غير المستساغ التفكير فى حوار مع زعماء مثل القذافى والأسد، أيديهما ــ بصراحة ــ ملوثة بالدماء. لكن يجدر استكشاف ما إذا كان هذا النهج يمكنه رعاية الانتقال إلى حكومة ديمقراطية ــ حيث يتنازل كل من المستبدين عن السلطة لائتلاف يشمل عناصر إصلاحية من النظام القديم والمعارضة.وقد طرح مبعوث مقرب من القذافى فى مقابلات أجريت حديثا صيغة ليبية للانتقال. فقد اقترح انتقالا تدريجيا للسلطة إلى حكومة جديدة يمكنها أن توحد المجلس الوطنى الانتقالى المنشق مع أعضاء «توافقيين» من النظام. وأن يغادر القذافى نفسه طرابلس ويتخلى عن السلطة، على أن يكون ذلك نتيجة مفاوضات، وليس شرطا مسبقا. ويتشكك مسئولو وزارة الخارجية الأمريكية فى ذلك، ولكن عليهم اختبار قدرة المبعوث على الوفاء بتعهده.كما أن الحالة السورية أيضا معقدة بفعل تاريخ النظام الملطخ بالدماء. وقد اقترح الأسد فى خطابه يوم الاثنين حوارا وطنيا تختار فيه المعارضة الديمقراطية مائة مشارك للاجتماع بممثلى الحكومة، والإعداد لانتخابات ودستور جديد. ونظرا لسجل الأسد المخيب للآمال، توجد شكوك فى قدرته على الوفاء بذلك أو رغبته فى هذا. ولكن من المفيد اختبار عرضه، لأسباب ليس أقلها بث الرعب فى قلوب رعاة الأسد فى إيران. وإذا فشل الحوار، سيكون المتظاهرون السوريون فى موقف أقوى فى حين يضعف موقف الأسد.●●●وينبغى أن يعزز دعم إقليمى هذه الحوارات الداخلية، كما فى حالة أفغانستان، فالرعاة الحقيقيون لليبيا هم جارتاها الديمقراطيتان الجديدتان مصر وتونس يدعمهما فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وفى سوريا يعتبر الوسيط المرتقب الواضح هو رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان يدعمه دول الخليج. والخلاصة أن ربيع العرب لا ينبغى أن يتحول إلى صيف دام، إذا كانت هناك بدائل دبلوماسية.

الخبر من المصدر