المحتوى الرئيسى

حالة سيولة ونزيف

06/21 08:12

مصر فى حالة سيولة.. وعندما تكون السيولة فى معدلاتها الطبيعية لا توجد مشكلة.. ولكنها إذا زادت فوق معدل سبعة وثلاثين انقلب الأمر إلى نزيف حاد.. والأطباء عادة ينصحون من هم فى سن الأربعين بتعاطى وقرقشة أسبرينة أطفال قبل النوم منعا لحدوث جلطة لا قدر الله.. أسبرينة أطفال صغيرة لا أكثر ولا أقل.. لأن كثرة تناول الأسبرين عمال على بطال تؤدى إلى سيولة زائدة ونزيف.. ومعدل السيولة الطبيعى من  27 إلى 37 فهل نحن الآن عند المعدل الطبيعى؟.. مفهوم أن الحكومة والمجلس العسكرى يعملان المستحيل للحيلولة دون حدوث جلطات تسد شرايين الدولة وتصيبها بالشلل.. ولكن الجرعة لم تكن مناسبة فأدى ذلك إلى نزيف فى عدة شرايين.. أولا فى شرايين الدستور..

 فالإعلان الدستورى جاء ليمنع تجلط الحياة السياسية، فأصابها بأمراض السيولة والارتباك، وعلى النقيض بمخاوف من حدوث جلطات ديكتاتورية مستقبلا.. والمسألة محيرة.. إذا كنا ارتضينا بالديمقراطية وأجرينا الاستفتاء والنتيجة كانت نعم.. فلماذا لا نحترم رأى الأغلبية؟.. الإجابة إننا فى مرحلة جديدة نجرى فيها تجارب الديمقراطية وما حدث ليس قرآنا كريماً، ثم هذه هى الفرصة الذهبية لنا لوضع دستور متكامل يبدد مخاوفنا المشروعة من ظهور ديكتاتوريات جديدة.. والمجلس العسكرى يستطيع أن يجنب البلاد والعباد هذه المخاطر المحتملة فلماذا لا نفعل؟.. إن الفراغ السياسى الذى عاشته مصر عبر عقود طويلة حصر الاختيارات الآن بين فلول النظام والإخوان.. وفى هذا ظلم شديد للقوى السياسية الأخرى والنخب التى كانت مهمشة وشباب الثورة الطموحين والراغبين فى المشاركة فى صياغة مستقبل مصر السياسى، والمساهمة فيه بشكل فاعل.. الفرص الآن ليست متكافئة.. وما يحدث فيه إقصاء وحرمان لقوى جديدة ناهضة تحلم بنظام ديمقراطى يتيح تكافؤ الفرص للجميع.. فلماذا العناد؟.. قادة الفكر والرأى وغالبية مؤتمرات الحوار القومى تتمنى إعادة ترتيب مسيرة الإصلاح.. دستور أولا.. ثم انتخابات رئاسية ثم انتخابات برلمانية.

أما ثانى الشرايين الذى حدثت فيه سيولة زائدة فهو شريان الأمن.. بلطجة وأعمال عنف وشغب ثم صهينة من الأمن أو تطنيش يهدد هيبة الدولة، ويصيب الناس بمزيد من الإحباط وعدم الثقة، وربما تفسيرات تصل إلى تصديق نظرية المؤامرة والفوضى.. إشارة إلى العبارة الخالدة للنظام السابق «إما أنا أو الفوضى.. فاختاروا».. بالتأكيد هناك حلول لأمراض السيولة الأمنية فقط إذا خلصت النوايا.. وأخيرا ثالث الشرايين الذى يعانى من أمراض السيولة هو الإعلام.. ومشهد مخيمات الإيواء وجنون التظاهر وما يحدث أمام ماسبيرو، وفى داخله هو فى الحقيقة مشهد شديد الدلالة.. والسماح بتكراره بهذه الصورة يحتاج إلى تفسير.. مع الاحترام الكامل لحريات التعبير.. أما شاشات الفضائيات فقد ضاعت منها البوصلة إلا فى قليل جدا من البرامج الجادة والمسؤولة.

علاج الجلطات حتى الآن أدى إلى سيولة حادة وزائدة ويبدو أنه لا بديل عن الاستعانة بـ«كونسولتو» من الحكماء لتحديد الجرعة المناسبة حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه.

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل