خطاب الأنا والشعوب

خطاب الأنا والشعوب

منذ ما يقرب من 13 سنة

خطاب الأنا والشعوب

بعد كلمات الشكر والتحية للسيد عمرو موسى على فترة عمله كأمين عام لجامعة الدول العربية، عَبّر مندوب دولة «جيبوتى» الدائم فى الجامعة عن امتنانه «لثورة 25 يناير التى أنجبت لنا نبيل العربى، وفى الوقت نفسه أبعدت عنا الأستاذ عمرو موسى». من تلك الجملة الصادمة، ذهبت إلى كلمة عمرو موسى بعد اختيار نبيل العربى لمنصب الأمين.  قال: «أشعر بكل الفخر أننى استطعت أن أعمل جهدى، وأن أقود فريقاً متميزاً من مسؤولى الجامعة العربية والمنظمات العاملة فى مجال التعاون العربى المشترك نحو تشكيل وضع جديد». واستكمل موسى الحديث عن نجاحات الفترة الماضية وإنجازاتها، فحسب كلامه حدثت «نقلة نوعية» فى مجال التعاون العربى المشترك، كما حدث تطوير فى هيكل الجامعة العربية، وأشار موسى إلى أن أنجح المشروعات التى تمت هو وضع البنود الخاصة بالتنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية! ولم ينس أن يؤكد أن «الجامعة العربية وُلدت من جديد»، حسب رؤية المنظمات الدولية لها فى الفترة الأخيرة. وكم وددت لو أن الأمين العام السابق أشار إلى بعض تلك النجاحات بشكل محدد، إذ ربما يعجز بعض المتشككين من ذوى النيات السيئة من أمثالى أن يضع يديه على أحدها، مما يجعلنا نشارك المنظمات الدولية شعورها بتلك النقلة النوعية. وفى إطار الدعابة ذات المغزى، كما أشار بنفسه، أطلعنا عمرو موسى على التبادل والتتابع فى العمل الدولى بينه وبين نبيل العربى، فقال: «هذه ليست أول مرة يتبع الدكتور العربى فيها (عمرو موسى)فى منصب من المناصب» (ولنضع خطاً تحت إشارة موسى إلى نفسه بضمير الغائب). وفى إطار تفصيل تلك النقطة، كان تتابع العربى على المناصب التى شغلها موسى أكثر بالتأكيد من التبادل بينهما. وآخر سلسلة التتابع هو شَغْل العربى منصب وزير الخارجية ثم أمين الجامعة. والرسالة المستفادة من تلك الدعابة - حسب كلام عمرو موسى - أن «كل المعاونين والزملاء سيشعرون بتشابه فى طريقة قيادة الأمور ومعالجتها»، وهو ما يبدو لى نوعا من المصادرة على طريقة إدارة العربى لمنصب الأمين، والتجاهل لما أنجزه العربى فى شهرين كوزير للخارجية فى مقابل ما أنجزه موسى فى سنوات. ومن كلمة عمرو موسى ذهبت إلى كلمة نبيل العربى، وقد لفتت انتباهى نقطتان: النقطة الأولى هى توضيحه دور الأمين العام كما يفهمه، حيث إن السياسات ترسمها الأجهزة المختصة فى الجامعة، وعلى الأمين أن يقترح ويوصى، ولكن له - أيضا - دوراً فى وضع تصوره عن تلك السياسات. النقطة الثانية هى الإشارة إلى الأزمات التى تحيط بالعمل العربى المشترك فى هذه الآونة، ومن ثم «علينا جميعا أن نتكاتف، وعلينا جميعا أن نحاول أن نبحث عن حلول ترفع من شأن الدول العربية وتحقق المطالب التى تطالب بها الشعوب فى العالم العربى».. وكانت نبرة التأكيد واضحة كالشمس على كلمة «الشعوب». من وجهة نظرى، كانت الكلمة المفتاح فى حديث عمرو موسى هى «أنا» بينما الكلمة المفتاح فى حالة العربى كانت «الشعوب». ولأننا اعتدنا حديث «الأنا» سنواتٍ طوالاً دون تجل واضح لإنجاز تلك الأنا، أيا كانت، فى واقع العرب، فعلى عمرو موسى أن يعرف أن طريقه للرئاسة ليس سهلا، خاصة لو أصر على استخدام نوع الخطاب نفسه الذى سئمنا الاستماع إليه دون رؤية تجلياته فى واقعنا.

الخبر من المصدر