المحتوى الرئيسى

بين الماضي السحيق والمستقبل الوردي بقلم : حمدي فراج

04/25 19:08

25-4-2011 بقلم : حمدي فراج لا أكثر بؤسا من الامم التي تغرق في ماضيها تيمنا و تأسيا ، الا تلك التي تقفز الى مستقبلها تمنيا وتهربا من واقعها ، فالاولى لن تخرج من جوف الارض ، والثانية لن تلامس السماء . ولهذا جاءت هذه الثورات العربية بعد عقود من الذل والهوان ، وأضعافها المضاعفة من محاولات التأسي على ماض سحيق ، اعتقدت انه الملاذ والمخرج ، او على مستقبل وردي لا يأتي هنا ولا حتى هناك في زمن الفرد الافتراضي ، ونقصد بـ "هناك" ، حيث الديمقراطية والحرية والحضارة والرقي والرخاء والتقدم ، فإن ذلك ليس أكثر من الوهم الذي تصدره لنا ولهم ماكيناتهم الاعلامية التي تعد جزءا لا يتجزأ من الماكينة الكبيرة المتمثلة بالرأسمالية العالمية ، حيث عشرات الملايين ينامون في الشوارع ، وحيث فقراء مرضاهم يموتون لأنهم لا يملكون ثمن الدواء ، وحيث المرأة ليست أكثر من أداة لترويج السلعة ، حتى حين تكون هذه السلعة شفرة حلاقة ذقن الرجل . "هناك" ، حين تنشب أزمة مالية ، يتم تصديرها الى هنا ، بطرق دموية وعسكرتارية ، كما حدث مطلع القرن بإحتلال افغانستان والعراق ، وقد رأينا كيف يتم توزيع ثمن الفاتورة على الدول الاقليمية ، ورأينا كيف يتم الاتفاق بين شركاتهم الكبرى على تقاسم "اعادة إعمار" ما دمرته الحرب . هذا ما يحدث اليوم في ليبيا ، بشكل او بآخر ، ولهذا فإن شركات السلاح ستبيع من مخزونها المتكدس للثوار ، وللقذافي على حد سواء ، و رأينا كيف انهم "سمحوا" للثوار استئناف ضخ النفط من طبرق ، رغم ان جميع اوجه الحياة شبه معطلة بما في ذلك التطبيب في المستشفيات ودفن الموتى . و سيسقط العديد من الانظمة العربية ، قبل ان يسقط القذافي ، الذي تدخل الثورة ضده شهرها الثالث . في الحرب العراقية الايرانية ثمانينات القرن الماضي طوت الحرب ثماني سنوات ، واستنزفت الطرفين معظم مقدراتهما المالية والبشرية دون ان يكون هناك غالبا ومغلوب ثورات اليوم ، هي ثورات واقعية ، تنطلق من حيث يجب الوقوف ، ارض الواقع ، لا من حيث ماض سحيق ، وبإعتقاد البعض انه كان تليدا ، فإن هذا يكفي لأن نبقى اسراه فنعيشه ونتنفسه وكأنه حاضرنا ، طارق بن زياد وصلاح الدين وخالد بن الوليد الخ ، او من يغرق في سوداويته وتشاؤمه من ان هذه الثورات لن تحقق الاهداف المرجوة طالما انها لن تفعل كذا وكذا والقائمة تطول . وكأن هذا البعض يدعو لأن لا تتعب الشعوب نفسها وتوفر تضحياتها ، ويصل بالبعض القول ان امريكا هي التي تقف وراء هذه الثورات ، وبالتالي لن نصل الى المستقبل المنشود ، وهي بالتالي دعوة مباشرة ان تظل الشعوب رهينة حكامها حتى يأتي صلاح الدين .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل