المحتوى الرئيسى

> هوجة الأحزاب

03/02 22:55

ما أجمل وأخطر كلمة الحرية.. جمالها في الهواء النقي الذي يتيح لنا أن نستنشق، وخطورتها في تداخل الأوراق واختلاط الحابل بالنابل دون ضوابط. الحق في تكوين الأحزاب مطلب ضروري يكتمل به مناخ الديمقراطية الصحيحة، لكن «هوجة» الأحزاب توشك أن تحول الأمر إلي تقليعة، ولم يعد مستبعداً أن نستيقظ ذات صباح فنكتشف أن عدد الأحزاب قد تجاوز المائة، والأغلب الأعم منها لا يحوي رؤية سياسية وفكرية متماسكة، ولا يعبر عن قوي اجتماعية ذات ملامح واضحة، ولا يطرح برنامجاً مميزاً يضفي عليه المصداقية والثقل المطلوب، وقد تكون الحصيلة كماً هائلاً بلا جدوي.، فلن تضم بعض هذه الأحزاب إلا الزعيم المؤسس وحفنة هزيلة من الأقارب والأصدقاء والجيران! لاشك أن الاهتمام بالسياسة وقضاياها فعل إيجابي، والانتماء إلي الوطن ومتابعة همومه دليل علي النضج والتطور والخروج من زنزانة السلبية، لكن احتراف العمل السياسي يتطلب مؤهلات تتجاوز النوايا الطيبة، فالمسألة ليست هواية تمارس في أوقات الفراغ!. كل نشاط يومي هو عمل سياسي علي نحو ما، وكل انشغال سياسي هو قوة دافعة للبحث عن حياة أفضل، فالمجتمع الإنساني يحتاج دائماً إلي الإصلاح والتصويب. لا بأس أن يكون المرء طبيباً أو مهندساً أو عاملاً أو فلاحاً أو موظفاً أو تاجراً، فكلها مهن محترمة تسهم في بناء الوطن، ولا غضاضة في الجمع بين العملين المهني والسياسي، لكن الزعامة الشكلية لا يمكن أن تكون عملا والكارثة ذات النتائج الوخيمة تتمثل في أن بعض محدثي العمل الحزبي لا يعرفون معني الحزب، ولا يميزون بين دردشة القهوة والبرنامج الذي يتقدمون به إلي الشعب!. نجح بعض هؤلاء الأدعياء في التسلل إلي الصحف والبرامج الفضائية، واستطاع أحدهم ــ في أقل من خمس دقائق ــ أن يقدم روشتة وردية متكاملة لعلاج كل المشاكل المصرية المزمنة، في التعليم والإعلام والتنمية الاقتصادية والصحة والقانون.. والمرور أيضاً! ذلك أنه يملك عصا سحرية عثر عليها في غرزة تقدم صنفاً جيداً!. يزدحم الواقع السياسي الآن بكثير من العملات الرديئة والقليل من العملة الجيدة، والصراع ليس متكافئاً في ظل التكدس الرهيب يصعب التمييز، ويعاني العاديون من الناس مشقة حقيقية في اكتشاف السبيل الأمثل لخدمة أوطانهم. صحيح أن الزمن كفيل بالفرز، وقادر علي التصفية، لكن الوصول إلي هذه المرحلة لن يأتي إلا بعد أن يفسد الكثير مما يصعب إصلاحه. ما العمل؟ وكيف تتحقق المعادلة المطلوبة بين الحرية والانضباط؟!. سؤال صعب يحتاج إلي تكاتف الجهود لمراددة الإجابة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل