آخر عمود سيف الإعدام القذافي
تصورنا أن سيف الإسلام القذافي كان يناور عندما سمعناه يهدد باستخدام القوة العسكرية، قاصداً إخافة الجماهير وإنهاء التظاهرات الغاضبة التي بدأت متواضعة، ثم تضخّمت، وانتقلت من مدينة إلي أخري، ومن قبيلة إلي قبيلة تالية.. لكن سرعان ما تبين أن »سيف القذافي« كان جاداً في تهديداته، وأن قواته المدرعة، والمشاة، والقاذفات، بدأت بالفعل عملياتها ضد المتظاهرين المدنيين، وهو ما لا يحدث إلاّ من الأنظمة المفرطة في ديكتاتوريتها، وغير الآدمية في قمع وتصفية شعوبها إذا تجرأ واحد منها وأبدي تذمراً،أو طالب بأبسط الحقوق التي حُرم منها!المطالبة بإسقاط النظام الحاكم الليبي تكراراً لما حدث في مصر وقبلها في تونس وبعدهما في اليمن والبحرين بدأ في طرابلس، يوم الثلاثاء الماضي. ومن أول لحظة استخدم النظام العنف في قمع التظاهرات وإرهاب المتظاهرين، فسقط المئات قتلي، والآلاف جرحي. ودافع الليبيون عن أنفسهم بسواعدهم و دمائهم والأسلحة القليلة في أيدي بعضهم في حرب حقيقية شنتها القوات المسلحة ضد المتظاهرين والمسالمين بوحشية أفزعت وأذهلت المجتمع الدولي الذي بادر بالتنديد بها والمطالبة بوقفها فوراً في حين واصل النظام انتقامه حتي آخر قذيفة، أو إبادة الشعب..أيهما أقرب!مصير العقيد معمر القذافي لم يتحدد بعد. أنصاره والمرتزقة من حوله يؤكدون أن القوة الساحقة ستنهي هذه »التجمعات« خلال دقائق ،أو ساعات قليلة. وأصوات المتظاهرين تتوقع وتصرّ علي إسقاط رأس النظام إن لم يكن اليوم فغداً. والعالم كله يؤيد الثورة الشعبية الحالية ويتابع ما جري ويجري في الجماهيرية العظمي أولاً بأول..كما سبق وتابع باهتمام وإعجاب شديدين انتفاضة الشعوب في تونس ومصر والجزائر والبحرين واليمن. نتائج استفتاءات الرأي العام في معظم دول العالم تتوقع اسقاط النظام الليبي الذي سيمارس العنف ضد الجماهير حتي آخر لحظة.مع هذه التطورات، الدامية، المتلاحقة اهتم العديد من المحللين والمؤرخين والصحفيين بتذكيرالرأي العام في بلادهم بالسيرة الذاتية للقذافي الذي قفز إلي السلطة بإنقلاب عسكري عام 1969 وألغي النظام الملكي وأقام نظاماً جمهورياً أصبح الأوحد، والأغرب، بالمقارنة بكل الجمهوريات الديمقراطية منها والديكتاتورية بلا استثناء. ما فعله الرئيس الليبي خلال الأربعين عاماً الماضية من عجائب وغرائب ليست خافية علي الذين عاصروها. فكلها اخفاقات محلية، ومؤامرات خارجية، و محاولات لا تتوقف لتأليب الشعوب علي حكامها الذين علي خلاف مع القذافي ويتندرون علي خطبه وشعاراته ووعوده التي لم يتحقق وعد واحد منها. النتيجة المنطقية لهذا كله وغيره الكثير.. كانت خراباً وتخلفاً وفساداً وإهداراً لثروة ليبيا البترولية، بالتوازي مع ممارسة القمع والتنكيل والتعذيب لكل من جرؤ أو يجرؤ من المواطنين علي رفع شكواه راجياً التفضل ببحثها ورفع معاناتها عنه! كوارث، وحروب، ومغامرات، وحماقات، الأخ العقيد صدرت عنها عشرات الكتب، وآلاف المقالات، كما يرددها الليبيون الذين غادروا بلادهم هرباً من وحشية القمع البوليسي، وتجمعوا في الدول التي لجأوا إليها، وتفرغوا لهدفهم الأول وهو إنقاذ شعبهم من براثن نظام حكم القذافي. أحد هؤلاء هو الكاتب الصحفي الليبي »فوزي عبدالحميد« الذي لجأ منذ سنوات إلي سويسرا هرباً من مطاردات من صدرت إليهم الأوامر بتصفيته جسدياً. وأنشأ »فوزي عبدالحميد« موقعاً علي النت لبث مقالاته وأخباره التي يقبل عليها الآلاف من الزوار الليبيين المكممين داخل وطنهم.آخر ما كتب الصحفي الليبي كان رسالة مفتوحة وجهها إلي سيف الإسلام القذافي تعليقاً علي تهديداته بنشوب حرب أهلية طاحنة. تقول الرسالة : [ إلي سيف الإعدام القذافي:خطابك مجرد تهديد وكلام فارغ. فلا أنت ولا أبوك لكما صفة حكم ليبيا والحديث للشعب الليبي. فمن يكون أبوك؟ ومن أنت؟ الشعب الليبي قبل أن يسرق أبوك حقوقه في الفاسد من سبتمبر1969 كان يعيش حراً كريماً في عهد الملك. أنت تهددنا بالآلاف الذين يساندون أباك، وتجهل أن الآلاف هم أبناء الشعب الليبي الذين خرجوا علي أبيك المجرم السارق الجلاد.. لكنكم لا ترون ولا تدركون. نحن شعب واحد ونحافظ علي حقوقنا قبل ظهور البترول، و والدك هو عدونا الوحيد وما عليك إلا ان تأخذه مع أخوتك وتذهبوا إلي الجحيم. الإصلاح الوحيد أن لا نري وجهك ولا وجه أبيك. فيكفي 42عاماً من الهلاك علي أيديكم]. وأنهي فوزي عبدالحميد رسالته المفتوحة قائلاً: [النصر للشعب الليبي الموحد والهزيمة والعار لك ولأبيك ].
Comments