سنوات من النضال.. رحلة نيلسون مانديلا من السجن إلى قيادة جنوب إفريقيا

منذ 4 سنوات

مقاومة ونضال منذ الطفولة ضد التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، ثم اعتقال لسنوات طويلة لم تجعله يتنازل عن مطالبه، وفي النهاية أصبح المستحيل ممكنًا وأصبح مانديلا أول رئيس إفريقي لجنوب إفريقيا.. بين تلك الجمل أحداث كثيرة نرويها لكم في السطور التالية

سنوات من النضال.. رحلة نيلسون مانديلا من السجن إلى قيادة جنوب إفريقيا

« أي رجل أو مؤسسة يحاول سرقة كرامتي سوف يخسر»

«أحلم بأفريقيا تعيش في سلام مع نفسها»

« لا أحد منا يمكن أن يحقق النجاح بأن يعمل لوحده»

«أعط الطفل الحب والضحك والسلام، وليس الإيدز»

بدأت فترة النضال الحقيقية، ودعا مانديلا للمقاومة غير المسلحة ضد سياسات التمييز العنصري

التحق نيلسون بجامعة «فورت هار» للحصول على البكالوريوس، لكنه فصل في عام 1940 مع رفيقه أوليفر تامبو بتهمة الاشتراك في إضراب طلابي

بعدها تنقل مانديلا بين العديد من الجامعات، وتابع الدراسة بالمراسة من مدينة جوهانسبرج، وحصل على الإجازة ثم أخيرًا سجل لدراسة الحقوق في جامعة «ويتواتر ساند»

ولد نيلسون مانديلا في 18 يوليو عام 1918 بقرية صغيرة في منطقة ترانسكاي تدعى «ميزو»، ووالده كان رئيس القبيلة، وتوفي والد مانديلا عندما كان نيلسون صغيرا، فانتخب مكان والده

تزامنًا مع تلك الفترة، كان الحكم في جنوب إفريقيا يقوم على التمييز العنصري، حيث لم يكن يحق للأفارقة وقتها الانتخاب أو المشاركة في الحياة السياسية أو إدارة شئون البلاد

إحساسًا بمعاناة شعبه قرر مانديلا في عام 1944 وخلال دراسته، الانضمام إلى «المجلس الوطني الإفريقي»، المعارض للتمييز العنصري

قررت السلطات حظر جميع أنشطة الحزب، واعتقل نيلسون مانديلا حتى عام 1961، وبعد الإفراج عنه قاد المقاومة السرية التي كانت تدعو إلى ضرورة التوافق على ميثاق وطني جديد يعطي السود حقوقهم السياسية

ثم ساهم في إنشاء «اتحاد الشبيبة» التابع للحزب، وأشرف على «خطة التحرك» وهي برنامج عمل لاتحاد الشبيبة، تبناها الحزب في عام 1949

بعدها وتحديدًا في عام 1952، أطلق الحزب حملة بعنوان «التحدي»، وكان نيلسون مشرفًا مباشرًا على الحملة، وجاب البلاد كلها ليحض الناس على مقاومة قوانين التمييز العنصري

ثم افتتح مانديلا أول مكتب محاماة للأفارقة في جنوب إفريقيا، برفقة صديقه أوليفر تامبو، وخلال تلك السنة صار رئيس الحزب في منطقة الترانسفال، ونائب الرئيس العام في جنوب إفريقيا كلها

من خلال ممارسة المحاماة، عرف مانديلا الظلم الذي كان يرتكب ضد أبناء الشعل، وأيضًا على الفساد وانحياز السلطات

وحين كان يقضي عقوبته، بدأت محاكمة «ريفونيا» التي ورد اسمه فيها، فحُكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة القيام بأعمال التخريب

توليه هذا المنصب كان يتم الإعداد له منذ أن كان صغيرًا، حيث كان مانديلا أول عضو في عائلته يذهب إلى المدرسة، ومعلمه هو من أعطاه اسم «نيلسون»

كان مانديلا في البداية يدعو للمقاومة غير المسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، حتى وقعت مجزرة «شاربفيل»، حيث أطلقت الشرطة على مظاهرة شارك فيها حوالي 5000 من السكان في حي شاربفيل الفقير، ما أسفر عن وقوع 69 قتيلا

وفي العام نفسه أنشأ مانديلا وقاد ما عرف بالجناح العسكري للحزب

ثم في عام 1962 غادر مانديلا إلى الجزائر بهدف التدريب العسكري وترتيب دورات تدريبية لأفراد الجناح العسكري في الحزب، وعند عودته إلى جنوب إفريقيا في عام 1962 ألقي القبض عليه بتهمة مغادرة البلاد بطريقة غير قانونية، والتحريض على الإضرابات وأعمال العنف

تولى مانديلا الدفاع عن نفسه بنفسه، ولكن المحكمة أدانته بالتهم الموجهة إليه وحكمت عليه بالسجن لمدة 5 سنوات

وفي عام 1980 استطاع مانديلا إرسال رسالة للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: «إتحدوا ! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري»

وتحولت جزيرة «روبن» التي سجن فيها مانديلا إلى مركز للتعليم، وأصبح هو الرمز في سائر صفوف التربية السياسية التي انتشرت في كل البلاد

رغم سجنه لسنوات، لكن لم يغير مانديلا مواقفه وهو داخل السجن، وظل ثابتًا عليها، وكان يقوي عزائم زملائه من المسجونين

بعد 27 عاما قضاها داخل السجن، أخيرًا تم الإفراج عنه، وتحديدًا في 11 فبراير عام 1990، وأعلن بعدها وقف الصراع المسلح وبدأ سلسلة مفاوضات

أدت تلك المفاوضات إلى إقرار دستور جديد في البرلمان في عام 1993، معتمداً مبدأ حكم الأكثرية وسامحاً للأفارقة بالتصويت

وشكلت هذه الصفحة الدامية منعرجا هاما في مسار نيلسون مانديلا السياسي وفي كفاحه ضد سياسة التمييز العنصري، حيث قرر مانديلا وزعماء «للمؤتمر الوطني الإفريقي» فتح باب المقاومة المسلحة، وقاموا بإنشاء جناح عسكري

ومنح مانديلا مع رئيس جنوب إفريقيا «فريدريك ويليام ديكليرك» جائزة نوبل، كما نال شهادات شرف جامعية عدة

كان مانديلا سجينًا، لكن خلال سنوات سجنه أصبح النداء بتحريره رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري

في عام 1994، أجريت أولى الانتخابات الرئاسية وفاز مانديلا، وأصبح أول رئيس إفريقي لجنوب إفريقيا، من مايو 1994 وحتى يونيو 2000، وشهدت فترة حكمه انتقالا كبيرًا من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية

ورفض عرضا بالإفراج عنه مقابل العودة إلى قبيلته والخلود فيها بهدوء، ورفض عرضًا آخر بالإفراج عنه في عام 1985 مقابل إعلانه رفض العنف

وفي يونيو عام 2004، وكان حينها قد بلغ عامه الـ 85، قرر نيلسون مانديلا التقاعد وترك الحياة السياسية، وذلك لأن صحته أصبحت لا تسمح له بالتحرك والانتقال، وفضّل أن يقضي ما تبقى من عمرة بين عائلته

تحدى مانديلا سياسات الفصل العنصري، وألهم العالم ملحمة للكفاح من أجل الحرية، وأصبح رمزًا للنضال، حتى رحل عن عالمنا في عام 2013 عن عمر 95 عاما

« دائما يبدو مستحيلا حتى يفعل»