صدق الله -عز وجل- حين قال لرسوله الكريم، “نحن نقص عليك أحسن القصص”، ففي قصص الأنبياء عبرة وعظة لجميع البشر من بعدهم، وفي هذا المقال نتعرف معًا إلى قصة سيدنا إبراهيم والنار مكتوبة بالكامل، باعتباره أبو الأنبياء.. فتابعنا!
قبل أن نبدأ في أحداث القصة، نتعرف إلى اسم بطلها، فهو إبراهيم، بن تارخ، بن ناحور، بن ساروغ، بن راغور، بن فالغ، بن عابر، بن شالخ، بن أرفخشد، بن سام، بن نوح عليه السلام، أما عن اسم والدة إبراهيم عليه السلام فقيل أنها “أميلة” وقيل أنها “نونا بنت كرنبا بن كوثي من بني أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام”.
أما عن بلده التي ولد فيها قيل أنه ولد في غوطة دمشق، في قرية برزة، عند جبل قاسيون، والصحيح أنه ولد ببابل، أما الغوطة فكانت المكان الذي صلى فيه، حيث جاء ليعين لوط عليه السلام.. والآن: نبدأ الحكاية من البداية.. فتابعنا!
ولد إبراهيم لأب يدعى آزر، حيث كان يعمل والده صانعًا للأصنام التي يعبدها قومه، وومن هنا بدأ إبراهيم عليه السلام يبحث عن إله، فلم يجد في أصنام وتماثيل والده ضرًا أو نفعًا فذهب ليتأمل وحيدًا في الكون وبدأ يتسائل، حيث يقول الله تعاال في سورة الأنعام على لسان نبيه إبراهيم:
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ
وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ
فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ
وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
وعلى الرغم من صغر سن إبراهيم في ذلك الوقت، لم يخف من التفكر، ومن مواجهة قومه، وجاء يوم قرر إبراهيم أن يواجه قومه، فجعلهم يذهبون للاحتفال بعيدهم، وتركوا معابدهم، فدخل إبراهيم وقام بتكسير كل التماثيل، وترك أكبر تمثال بالمعبد، وحين عادوا من احتفالهم لم يشكوا سوى بإبراهيم، فحين قاموا بمواجهته، قال لهم لما لا تسألون كبيرهم؟ في إشارة إلى أكبر التماثيل الذي لا يسمع ولا يتكلم ولا حتى يفكر، حيث يقول الله تعالى في سور الأنبياء:
قَالُوا مَن فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59)
قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60)
قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61)
قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62)
قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63)
فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64)
ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ (65)
قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)
أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)
قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68)
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69)
وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)
للمزيد، طالع: قصة سيدنا إبراهيم وبناء الكعبة
ومن هنا كان عقاب قوم إبراهيم له بالحرق في النار، ولكن كانت النار بردًا وسلامًا عليه، وانطفئت النار، وخرج إبراهيم دون أن يمسسه ضر، وقيل أن الوزغ “البرص” كان من الحيوانات التي نفخت في نار إبراهيم فهل هذا صحيح؟
الحقيقة أن علة في قتل الوزغ ليس السنة، وليس لأنه نفخ في نار إبراهيم، بل لكونه مؤذيًا يضر الإنسان، وغيره من الكائنات، عن عائشة – رضي الله عنها – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للوزغ: فويسق، ولم أسمعه أمر بقتله. وزعم سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله. رواه البخاري.
-فيديو مناسب للباقة-
إلى هنا نكون قد تعرفنا إلى قصة سيدنا إبراهيم والنار، وعلينا أن نتخذ في قصص الأنبياء عبرة وعظة، ونتفكر في خلق الله جل وعلا.