أرسل الله -جل وعلا- رُسله إلى الأقوام ليس فقط من أجل نشر الدين، ولكن في ذلك عبرة لكل مؤمن أن هذه الدنيا دار اختبار، بها من الصعاب الكثير، وأن أنبياء الله همل أهل الابتلاء، وقد تحملوا أنبياء الكثير، إيمانًا بالله، وقدرته، ومن ثم ففي قصص الأنبياء عبرة، وأسوة حسنة، وصبرًا على ابتلاء الدنيا، وهديًا باتباع مكارم الأخلاق، فما رأيك أن نبدأ بقصة عيسى بن مريم -عليهما السلام-؟ تابعنا للمزيد.
نبدأ بميلاده عليه السلام، ففي ميلاده أعجوبة من أعاجيب الزمان، وذلك استنادًا لقوله تعالى في سورة آل عمران: “إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون”، وارتبط عليه السلام بالمعجزات، منذ أن نفخ الله فيه الروح في بطن أمه “مريم ابنة عمران”، وحتى صعوده إلى السماء، وكان في ميلاده عبره، حيث قال الله تعالى: “وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ”.
وفي تفسير الآية السابقة، أن الله تعالى قد أرسل إلى مريم -عليها السلام- جبريل -عليه السلام- حيث أمره الله تعالى بأن ينفخ بفيه في جيب درعها، ومن هنا جاء الحمل، وجاء معه بداية رحلة مريم وابنها، حيثوصفها الله تعالى بكونها من القانتين، ومن ثم كرمها الله بسورة باسمها، وأخرى لعائلتها وهما سورة مريم، وآل عمران، وورد عن رسول الله -صل الله عليه وسلم- ما يؤكد على أن مريم أفضل نساء أهل الجنة، وفيما يلي نعرض ما ورد في السنة النبوية.
في البداية تعرفنا على نفخ روح عيسى في بطن أمه، وكيف أن الله -جل وعلا- قد كرمها في كتابه العزيز، هي وأسرتها، وفي السنة النبوية، ورد عن رسول الل- صل الله عليه وسلم- ما يلي:
ذُكر عيسى -عليه السلام- باسمه في القرآن الكريم 25 مرة،
وإحدى صور تكريم المرأة عامة، وتكريم مريم خاصة، أن اسمه عليه السلام
اقترن باسم مريم، فُعرف باسم المسيح ابن مريم، وعيسى بن مريم.
إلى هنا نكون قد تعرفنا على بداية نشأة عيسى ابن مريم، ولكن ماذا عن موعد اقتراب ولادته، وعن شجاعة أمه، ولما سمي بالمسيح؟ هذا ما سنجيب عليه فيما يلي.
بتدبر الحكمة وراء حمل مريم في المسيح، نجد أن الله تعالى أراد أن يذكر العالمين بأن في وجود الإنسان في الحياة معجزة بحد ذاتها، ووجد أن الناس قد غفلوا عن تلك المعجزة، حيث أصبح التزاوج، والتناسل، سنة في الأرض، وأنها الطريقة الوحيدة التي يأتي بها البشر، وكان لله -جل وعلا- رغبة في تذكيرهم بقدرته، وإرادته، في أن يقول للشئ كن فيكون، فجاء الحدث الأغرب، وهو ميلاد المسيح، حيث قال تعالى في سورة مريم: “ولنجعله آية للناس“، دعونا نتأمل في نقاط ميلاده -عليه السلام-:
وورد أيضًا في سورة آل عمران، ما يُلخص حياة عيسي -عليه السلام-: “إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله
يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين *
ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين” ولكن لماذا سمي بالمسيح؟ هذا ما سنجيب عليه.
يعود السبب وراء تسمية المسيح بهذا الاسم إلى أنه مثله مثل رسول الله -صل الله عليه وسلم- كان له أكثر من اسم، حيث قال الله تعالى: “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ” ومن ثم فالمسيح أحد أسماء سيدنا عيسى عليه السلام، ولكنا هناك من أرجع السبب وراء التسمية لأكثر من شئ، وهي:
ولكن هناك من رجح أن “المسيح” لقبًا، مثل الفاروق، وفيما يلي نعرض ما ذكره الإمام ابن عبد البر، في كتابه التمهيد، عن اسم المسيح:
“قيل له مسيح لسياحته في الأرض، وهو فعيل من مسح الأرض أي
من قطعها بالسياحة. والأصل فيه مسيح على وزن مفعل فسكنت الياء
ونقلت حركتها إلى السين لاستثقالهم الكسرة على الياء،
وقيل إنما قيل له مسيح لأنه كان ممسوح الرجل ليس لرجله أخمص،
والأخمص ما لا يمس الأرض من باطن الرجل، وقيل سمي مسيحا
لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن، وقيل سمي مسيحا لأنه كان لا
يمسح ذا عاهة إلا برئ، وقيل المسيح الصديق”.
إلى هنا نكون قد تعرفنا على أسباب تسميته -عليه السلام- بالمسيح، فما رأيك بأن نتطرق سويًا إلى أهم معجزاته؟ تابعنا فيما يلي.
تعرفنا فيما سبق على أن في ميلاد السيد المسيح نفسه معجزة، وكذلك في كلامه وهو مازال طفل في مهد، ومن أهم معجزاته -عليه السلام-:
وقال الله تعالى: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي”.
هذه المعجزات جعلت بني إسرائيل يكيدوا له المكائد، فاصطبر، ودعا ربه، فرفعه الله إلى السما “يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي” ونجاه الله من كيدهم، ومع اقتراب الساعة سينزل -عليه السلام- ويؤمن به أهل الكتاب..هذا والله أعلم.. والآن هل تبحث عن قصة ومعجزة أحد أنبياء الله؟ (ِشاركنا)