تفسير آية الكرسي

تفسير آية الكرسي

نحاول اليوم الوقوف على تفسير آية الكرسي ، ذات الشأن العظيم والأجر الجزيل كما بيّن نبينا الكريم في مواضع عدّة، وقد ورد في فضلها العديد من الأحاديث النبوية منها ما ورد في مسند أحمد عن أبي بن كعب:
“أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: الله ورسوله أعلم فرددها مراراً
ثم قال أبي: آية الكرسي، قال: ليهنك العلم أبا المنذر.. والذي نفسي بيده إن لها لسانًا
وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش”.

آية الكرسي

آية الكرسي من الآيات التي تحمل شأنًا عظيمًا في كتاب الله تعالى
وهي الآية (225) من سورة البقرة، ويبلغ عدد آيات هذه الآيه الكريمة (خمسين كلمة).

وفضل قرائتها كفضل قراءة القرآن الكريم، فينال المسلم ثوابًا عظيمًا
فعن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
“مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ”. صححه الألباني في “صحيح الترمذي”.

تفسير آية الكرسي

آية الكرسي أعظم آيه في القرآن الكريم، نظرًا لما اشتملت عليه من الأسماء الحسنى
والصفات العلى لله تعالى، ونفي النقائص عنه سبحانه وتعالى.

ومن أوجه الإعجاز في هذه الآية الكريمة أنها جمعت سبعة عشر اسماً من أسماء الله الحسنى
كما جمعت في عشر جمل مستقلة أصول صفات الألوهية، والتمجيد لله الواحد الأحد
ونطقت بأنه ـ سبحانه وتعالى ـ متفرد في ألوهيته، موجد لغيره
منزّه عن كل نقص ومبرأ من الفتور والغفلة، ليس كمثله شيء، واجب الوجود بذاته
كان من الأزل ولا شيء معه، وهو الآن وفي كل آن على ما عليه كان
فهو فوق المكان وفوق الزمان، تعالى ـ سبحانه ـ عن أن يكون متحيزاً حتى يحتاج إلى مكان، أو أن يكون متغيراً
حتى يحتاج إلى زمان.

ونستعرض معًا تفسير آية الكرسي :

آية الكرسي:

بسم الله الرحمن الرحيم

(اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ
إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).

تفسير آية الكرسي :

  • قوله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ)
    فيه إخبار بأنه – عز وجل- المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق، و (الْحَيُّ الْقَيُّوم) أي الحي في نفسه الذي لا يموت أبداً،
    القيّم لغيره، فجميع الموجودات مفتقرة إليه، وهو غني عنها لا قوام لها بدون أمره، ومن تمام حياته وقيوميته أنه لا تأخذه سنة ولا نوم، والسِّنَة هي النعاس.
    والقيّوم هو الذي لا يحول ولا يزول كما قال ابن عباسٍ رضي الله عنه، وعرّف الحسن القيّوم: بأنّه القائم على كلّ نفس بما كسبت؛ ليجازيها بعملها، فهو عالمٌ بها لا يخفى عليه شيءٌ منها، وقيل الحيّ: هو اسم الله الأعظم،
    وقيل: بل القيّوم هو اسم الله الأعظم.
  • قوله تعالى: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ)
    وتفسير ذلك أي لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه، بل هو قائم على كل نفس بما كسبت،
    شهيد على كل شيء، لا يغيب عنه شيء، ولا تخفى عليه خافية، ومن تمام القيومية أنه لا يعتريه سنة ولا نوم …
    أي لا تغلبه سنة وهي الوسن والنعاس.
  • قوله تعالى: (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ)
    إخبار بأن الجميع عبيده وفي ملكه وتحت قهره وسلطانه.. ويكون ذلك بالملك، فهو ربُ كلّ شيءٍ ومليكه.
  • قوله تعالى: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ)
     وهذا من عظمته وجلاله وكبريائه جل وعلا…. فلا يتجاسر أحد على أن يشفع لأحد عنده إلا لمن ارتضى لهم في الشفاعة، فيشفعون لمّن أدخلوا النار.
  • تفسير آية الكرسي :

    قوله تعالى: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ )
     دليل على إحاطة علم الله تعالى بجميع الكائنات ماضيها وحاضرها ومستقبلها.

  • قوله تعالى: (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ)
    أي لا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا بما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه، ويحتمل أن يكون المراد: لا يطلعون على شيء من علم ذاته وصفاته إلا بما أطلعهم الله عليه؛ كقوله تعالى: (ولا يحيطون به علماً).
  • تفسير آية الكرسي :
    قوله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ)

    فقد اختلف المفسرون في معنى الكرسي، فعن ابن عباس قال: علمه… ثم نقل ابن كثير عن ابن جرير أنه قال:
    وقال آخرون: الكرسي موضع القدمين… ثم ذكر عن ابن عباس مرفوعا وموقوفاً أن: كرسيه موضع قدميه،
    والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل، ثم ذكر عن أبي ذر مرفوعاً: ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهراني فلاة من الأرض.ونقل عن بعضهم أن الحسن البصري قال: الكرسي هو العرش، قال ابن كثير: والصحيح أن الكرسي غير العرش
    والعرش أكبر منه كما دلت على ذلك الآثار والأخبار.
  • قوله تعالى: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
    فلا يئوده، أي لا يثقله ولا يكرثه حفظ السماوات والأرض ومن فيهما ومن بينهما؛ بل ذلك سهل عليه يسير لديه، وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء فلا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه، الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وهو القاهر لكل شيء، الحسيب على كل شيء، الرقيب العلي العظيم لا إله غيره ولا رب سواهوالعلي هو القاهر الغالب للأشياء، وكانت العرب تقول: علا فلانٌ فلاناً؛ أي غلبه وقهره، وقيل: العليّ من علو المنزلة والقدر لا علو المكان؛ فالله تعالى منزّه عن التحيّز، والعظيم؛ أي عظيم القدر، والخطر، والشرف.

مواضيع قد تعجبك