صلاة قيام الليل هي أحد الصلوات التي حث عليها الرسول صلى الله عليه و سلم وحرص على أدائها و ذلك لما لها من أجر و ثواب عظيمين و هي تعتبر سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم والتزم بها الصحابة والسلف الصالح ومن جاء بعدهم تحقيقاً لسنّة نبيّهم عليه الصلاة و السلام ، ورغبةً منهم في نيل رضوان الله تعالى ودخول جنته .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، قَالَ : ” يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ ، فَيَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الْمَلِكُ ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ ” .
قيام الليل في القرآن والسنة :
في القرآن :
قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [سورة السجدة:16].
قال مجاهد والحسن في تفسيرهما : يعني قيام الليل .
وقال ابن كثير في تفسيره : ( يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة ).
وقال عبد الحق الأشبيلي : ( أي تنبو جنوبهم عن الفرش ، فلا تستقر عليها ، ولا تثبت فيها لخوف الوعيد ، ورجاء الموعود ) .
وقد ذكر الله عز وجل المتهجدين فقال عنهم : {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات :18،17] قال الحسن : ” كابدوا الليل ، و مدّوا الصلاة إلى السحر ، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة و الاستغفار “.
وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [سورة الزمر:9] .
أي : هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه ، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده ؟!
في السنة النبوية الشريفة :
حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر: { نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل } [متفق عليه]. قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال النبي : { في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها } فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: { لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام } [رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني].
وقال :
{ أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت ،
وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ،
واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني].
وقال :
{ من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ،
ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين } [رواه أبو داود وصححه الألباني].
والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر .
وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال : { ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! }
[متفق عليه].
وقال :
{ أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم] .
الأمر بصلاة الليل :
أمر الله تعالى نبيه بقيام الليل في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [سورة المزمل: 1-4]
وقال تبارك و تعالى: { وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }
[سورة الإسراء : 79]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله ، و قد غُفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ } [متفق عليه]
كيف يتم صلاة قيام الليل ؟
تصلّى صلاة قيام الليل بنفس الطريقة التي تصلى بها صلاة الفجر ، حيث يصلي المصلي ركعتين ،
ثم يقرأ التشهد و الصلاة الإبراهيميّة ، و يسلم عن اليمين و الشمال ،
ثم يكمل باقي ركعات صلاة قيام الليل مثنى مثنى، مع التسليم بين كل ركعتين منها.