هل يجوز تمني الموت خوفا من الفتنة ؟

هل يجوز تمني الموت خوفا من الفتنة

قد يخشى الإنسان أن يفتن ويقع في المعصية ويكون مثواه النار؛ وهُنا قد يتمنى الموت وربما يدعو الله به أيضًا خوفًا من الوقوع في الإثم، ولكن هل يجوز تمني الموت خوفا من الفتنة ؟ تابعونا في السطور التالية؛ لنجيب لكم عن هذا السؤال.

هل يجوز تمني الموت خوفا من الفتنة

  • يجوز في القرآن والسُنة تمني الموت خوفًا من الفتنة في الدين؛ ففي
    القرآن الكريم عن السيدة مريم عليها السلام أنها قالت: “يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ
    هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا.” (مريم:23).
  • وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: “فيه دليل على جواز تمني الموت
    عند الفتنة، فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل
    الناس أمرها فيه على السداد، ولا يصدقونها في خبرها، وبعدما كانت عندهم
    عابدة ناسكة، تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية”.. وقال القرطبي في
    تفسيرها أيضًا:”تمنت مريم عليها السلام الموت من جهة الدين لوجهين:
    -أحدهما: أنها خافت أن يظن بها الشر في دينها، وتعير، فيفتنها ذلك.
    -الثاني: لئلا يقع قوم بسببها في البهتان، والنسبة إلى الزنى، وذلك مهلك،
    وعلى هذا الحد يكون تمني الموت جائزا.”
  • وفي السُنة جاء دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالموت خوف الفتنة في
    الدين، كما في حديث: “وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ.”رواه أحمد والترمذي.
  • وقال الإمام النووي في شرح مسلم:” فَأَمَّا إِذَا خَافَ ضَرَرًا فِي دِينه، أَوْ فِتْنَة
    فِيهِ، فَلَا كَرَاهَة فِيهِ؛ لِمَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره، وَقَدْ فَعَلَ هَذَا الثَّانِي خَلَائِق
    مِنْ السَّلَف عِنْد خَوْف الْفِتْنَة فِي أَدْيَانهمْ. وَفِيهِ أَنَّهُ إِنْ خَافَ وَلَمْ يَصْبِر عَلَى
    حَاله فِي بَلْوَاهُ بِالْمَرَضِ وَنَحْوه، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي إِنْ كَانَتْ الْحَيَاة خَيْرًا… إِلَخْ،
    وَالْأَفْضَل الصَّبْر، وَالسُّكُون لِلْقَضَاءِ.”
  • وقال الحافظ في الفتح:
  • “فَإِن وجد الضّر الْأُخْرَوِيَّ بِأَنْ خَشِيَ فِتْنَةً فِي دِينِهِ،
    لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ من رِوَايَة بن حِبَّانَ: لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ
    الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فِي الدُّنْيَا، عَلَى أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَبَبِيَّةٌ، أَيْ بِسَبَبِ أَمْرٍ
    مِنَ الدُّنْيَا، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ:
    اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ
    وَلَا مُفَرِّطٍ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُمَرَ، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَبَسٍ، وَيُقَالُ عَابِسٌ الْغِفَارِيُّ أَنَّهُ قَالَ: يَا طَاعُونُ خُذْنِي، فَقَالَ لَهُ عُلَيْمٌ الْكِنْدِيُّ:
    لِمَ تَقُولُ هَذَا، أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ،
    وَبَيْعَ الْحُكْمِ الْحَدِيثَ.”

وبعدما تعرفنا هل يجوز تمني الموت خوفا من الفتنة أم لا.. تابعونا في السطور التالية لنعرض لكم أيضًا حكم تمني الموت شوقا للقاء الله.

حكم تمني الموت شوقا للقاء الله

  • يُعد تمني الموت على صحة ومن غير خوف فتنة في الدين مكروه، ولكن
    هذا لا يمنع أن من يتمنى الموت أو يدعو الله به لا يأثم؛ وبالتالي لا ينبغي
    على العبد تمني الموت من غير خوف فتنة في الدين؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن تمني الموت، كما جاء في صحيح البخاري إنه عليه الصلاة
    والسلام قال: “لا يتمنين أحدكم الموت إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً وإما
    مسيئاً فلعله أن يُستعتب.”

وإلى هُنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، وعرضنا لكم هل يجوز تمني الموت خوفا من الفتنة أم لا.. آملين أن نكون قد قدمنا لكم ما تبحثون عنه.

مواضيع قد تعجبك