سر قصة أصحاب الكهف التي وردت في سورة الكهف

قصة أصحاب الكهف

سورة الكهف من السور التي تحمل العديد من القصص ، و منها قصة أصحاب الكهف التي سُميت السورة باسمها
فما قصة أصحاب الكهف ؟ ولمَ خصّهم الله سبحانه وتعالى بذكرهم في كتابه الكريم ليقرأه الناس آناء الليل وأطراف النهار
لابد أن في ذلك حكمة ما.
و نستعرض سويًا في خمس مقالات القصص التي وردت بسورة الكهف، وهم خمس قصص يربطهم محور واحد
وهو أنها تجمع الفتن الأربعة في الحياة، ” قصة أهل الكهف و قصة صاحب الجنتين و موسى عليه السلام
والخضر وذو القرنين، وقصة آدم وإبليس”
ونبدأ بقصة أصحاب الكهف ونحاول الوقوف على بعض أسراراها .

ما سبب ورود قصة أصحاب الكهف ؟

قصة أصحاب الكهف هي القصة التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم، و سبب النزول له سبب
فقد وردت القصة نتيجة لسؤال كفار مكة الذين أرادوا أنْ يُحرجوا الرسول صلى الله عليه وسلم ويختبروه
فأرسلوا رجلين منهم هما: “النضر بن الحارث” و “عقبة بن أبي معيط” إلى أهل الكتاب في المدينة
ليسألوهم عن صدق رسول الله وما خبره عندهم، وما ورد عنه في كتبهم.
وقد كان يهود المدينة قبل البعثة يتوعدون الأوس والخزرج عباد الأصنام ببعثة النبي الجديد
يقولون: “لقد أطلَّ زمان نبيٍّ نتبعه ونقتلكم به قَتْل عاد وإرم”
ولهذا السبب رغب أهل مكة في سؤال يهود المدينة عن صدق رسول الله
فلما ذهب الرجلان إلى يهود المدينة قالوا: “إنْ أردتُمْ معرفة صدق محمد فاسألوه عن ثلاثة أشياء
فإنْ أجابكم فهو صادق. اسألوه: ما قصة القوم الذين ذهبوا في الدهر مذاهب عجيبة؟
وما قصة الرجل الطوّاف الذي طاف الأرض شرقاً وغرباً؟ وما الروح؟”

وبالفعل ذهب الرجلان إلى رسول الله، وسألاه هذه الأسئلة فقال صلى الله عليه وسلم:
“أخبركم بما سألتم عنه غداً” وجاء غد وبعد غد ومرَّت خمسة عشر يوماً دون أنْ يُوحَى لرسول الله شيء من أمر هذه الأسئلة فشقّ ذلك على رسول الله وكَبُر في نفسه أنْ يعطِي وَعْداً ولا يُنجزه.
وقالوا: إن سبب إبطاء الوحي على رسول الله في هذه المسألة أنه قال: “أخبركم بما سألتم عنه غداً”
ولم يقُلْ: إنْ شاء الله؛ ولذلك خاطبه الله تبارك وتعالى بقوله: (وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله..).
و أنزل الله تعالى هذه الآيات على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مبيناً صدقه لهم، ومخبرهم بقصة أصحاب الكهف
ومبيناً له صلى الله عليه وسلم ولقريشٍ بأنّ قصتهم ليست بالأمر العظيم في قدرة الله تعالى وآياته المعجزة.

قصة أصحاب الكهف

حدثت قصة أصحاب الكهف في مكان وزمان غير معروفين – ولم يرِد ذكرهم في القرآن الكريم لحكمته تعالى –
وكان أصحاب الكهف في قرية يعبد أهلها وملكها الأصنام  وآله أخري من دون الله عز وجل
وفي هذا المجتمع الفاسد ظهر مجموعة من الفتيه الذي آمنوا بالله تعالى، هداهم الله إلى طريق الرشاد والصلاح
ورفضوا السجود لغيره عز وجل، ولمّا كان هؤلاء الفتية خائفين وجلين ، قرروا الخروج بعيدًا عن أُناس قريتهم
والهروب منهم خشية الوقوع بالفتنة، واتخذ هؤلاء الشباب كهفاً إختاره الله عز وجل
وعندما دخلوه جلس كلبهم الذي رافقهم على الباب ليحرسهم، وهنا حدثت المعجزة الكبري
حيث أنامهم الله مدة طويلة، ثلاثة مائة وتسعين سنين، يقلبهم من جنبٍ إلى الآخر
كما قال تعالى: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ
وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا)

حتى أحياهم الله مرةً أخرىن وعندما استيقظوا قال بعضهم أنهم لبثوا يومًا أو بعض يوم
وشعر الفتية بالجوع، فبعثوا أحد منهم إلى المدينة ليشتري لهم بعض الطعام وهم يجهلون المدة التي لبثوها،
وكانت المفاجأة الكبرى، حيث تغيّر كل شيء  أثناء رقودهم تلك المدة الطويلة
وتبدّلت أحوال القرية وأهلها وحاكمها الظالم الذي كان يهددهم بالقتل إن لم يعودوا عن دينهم
كما أن أهل المدينة استنكروا شكل الفتى ومظهره ولباسه ودراهمه التي كان يحملها
فبعثوا به إلى الملك خوفاً من أن يكون جاسوساً، وهنا ذهب مع الملك إلى الكهف
ودخل على إخوانه وأخبرهم بالمدة التي رقدوها من دون طعامٍ أو شرابٍ، ويقال إنّهم ماتوا بعد ذلك وبقوا في الكهف.

الآيات التي وردت بها قصة أصحاب الكهف

(أَم حَسِبتَ أَنَّ أَصحابَ الكَهفِ وَالرَّقيمِ كانوا مِن آياتِنا عَجَبًا ﴿٩﴾

إِذ أَوَى الفِتيَةُ إِلَى الكَهفِ فَقالوا رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا ﴿١٠﴾
فَضَرَبنا عَلى آذانِهِم فِي الكَهفِ سِنينَ عَدَدًا ﴿١١﴾

ثُمَّ بَعَثناهُم لِنَعلَمَ أَيُّ الحِزبَينِ أَحصى لِما لَبِثوا أَمَدًا ﴿١٢﴾
نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ نَبَأَهُم بِالحَقِّ إِنَّهُم فِتيَةٌ آمَنوا بِرَبِّهِم وَزِدناهُم هُدًى ﴿١٣﴾

وَرَبَطنا عَلى قُلوبِهِم إِذ قاموا فَقالوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ
لَن نَدعُوَ مِن دونِهِ إِلـهًا لَقَد قُلنا إِذًا شَطَطًا ﴿١٤﴾

هـؤُلاءِ قَومُنَا اتَّخَذوا مِن دونِهِ آلِهَةً لَولا يَأتونَ عَلَيهِم بِسُلطانٍ بَيِّنٍ
فَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا ﴿١٥﴾

وَإِذِ اعتَزَلتُموهُم وَما يَعبُدونَ إِلَّا اللَّـهَ فَأووا إِلَى الكَهفِ يَنشُر لَكُم رَبُّكُم مِن رَحمَتِهِ
وَيُهَيِّئ لَكُم مِن أَمرِكُم مِرفَقًا ﴿١٦﴾ 
وَتَرَى الشَّمسَ إِذا طَلَعَت تَزاوَرُ عَن كَهفِهِم ذاتَ اليَمينِ
وَإِذا غَرَبَت تَقرِضُهُم ذاتَ الشِّمالِ وَهُم في فَجوَةٍ مِنهُ ذلِكَ مِن آياتِ اللَّـهِ
مَن يَهدِ اللَّـهُ فَهُوَ المُهتَدِ وَمَن يُضلِل فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرشِدًا ﴿١٧﴾

وَتَحسَبُهُم أَيقاظًا وَهُم رُقودٌ وَنُقَلِّبُهُم ذاتَ اليَمينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلبُهُم باسِطٌ ذِراعَيهِ بِالوَصيدِ لَوِ اطَّلَعتَ عَلَيهِم لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرارًا وَلَمُلِئتَ مِنهُم رُعبًا ﴿١٨﴾

وَكَذلِكَ بَعَثناهُم لِيَتَساءَلوا بَينَهُم قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم
قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ
فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف وَلا يُشعِرَنَّ بِكُم أَحَدًا ﴿١٩﴾

إِنَّهُم إِن يَظهَروا عَلَيكُم يَرجُموكُم أَو يُعيدوكُم في مِلَّتِهِم وَلَن تُفلِحوا إِذًا أَبَدًا ﴿٢٠﴾

وَكَذلِكَ أَعثَرنا عَلَيهِم لِيَعلَموا أَنَّ وَعدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَأَنَّ السّاعَةَ لا رَيبَ فيها إِذ يَتَنازَعونَ بَينَهُم أَمرَهُم
فَقالُوا ابنوا عَلَيهِم بُنيانًا رَبُّهُم أَعلَمُ بِهِم قالَ الَّذينَ غَلَبوا عَلى أَمرِهِم لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيهِم مَسجِدًا ﴿٢١﴾

سَيَقولونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُم كَلبُهُم وَيَقولونَ خَمسَةٌ سادِسُهُم كَلبُهُم رَجمًا بِالغَيبِ
وَيَقولونَ سَبعَةٌ وَثامِنُهُم كَلبُهُم قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ
فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا ﴿٢٢﴾

وَلا تَقولَنَّ لِشَيءٍ إِنّي فاعِلٌ ذلِكَ غَدًا ﴿٢٣﴾

إِلّا أَن يَشاءَ اللَّـهُ وَاذكُر رَبَّكَ إِذا نَسيتَ وَقُل عَسى أَن يَهدِيَنِ رَبّي لِأَقرَبَ مِن هـذا رَشَدًا ﴿٢٤﴾
وَلَبِثوا في كَهفِهِم ثَلاثَ مِائَةٍ سِنينَ وَازدادوا تِسعًا ﴿٢٥﴾
قُلِ اللَّـهُ أَعلَمُ بِما لَبِثوا لَهُ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَبصِر بِهِ وَأَسمِع

ما لَهُم مِن دونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا يُشرِكُ في حُكمِهِ أَحَدًا ﴿٢٦﴾)
صدق الله العظيم.

شرح قصة أصحاب الكهف للشعراوي

مواضيع قد تعجبك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *