سورة يس أسباب نزولها وفضائلها

سورة يس

تحمل كل سورة من سور القرآن الكريم لقارئها أجرًا عظيمًا، و سورة يس من السور التي تحمل الكثير من الدروس والعِبر لأولي الألباب، والتفكّر والتدبّر في آيات القرآن الكريم عمل يجب أن يحرص عليه كل مسلم.. ونتدبّر سويًا في هذا المقال ( سورة يس )
ومعناها وفضائلها وما الدروس المستفادة منها.

سورة يس

( سورة يس ) من السور التي نزلت على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، فهي مكية بالإجماع
يبلغ عدد آياتها ثلاث وثمانون آية.
وهي السورة السادسة والثلاثون بحسب ترتيب المصحف العثماني، والسورة الحادية والأربعون في ترتيب النزول.
ويسبقها في ترتيب المصحف الشريف سورة فاطر، فيما يليها سورة الصافات.

سبب تسمية سُورة يس بهذا الاسم

سميت هذه السورة (يس) بمسمى الحرفين الواقعين في أولها في رسم المصحف؛ لأنها انفردت بهما
فكانا مميزين لها عن بقية السور، فصار منطوقهما عَلَماً عليها.

وتعددت التفسيرات حول معنى كلمة يس في البداية.
وفسر البعض أن السورة تبدأ بحروف متقطعة التي تبدأ العديد من سور القرآن الكريم بها
وتمثل تحديًا للعرب الذين أُنزل عليهم كتاب الله، وهم أهل البيان والفصاحة ويتحدثون اللغة العربية
وكأن الله يُخاطبهم ويقول لهم: هل تعرفون هذه الحروف؟، إنها حروف لغتكم العربية التي تتكلمون وتتواصلون بها وتتفاهمون.
ويظهر في ذلك مدى إعجاز القرآن، وتأكيدًا على عجزهم عن الإتيان بكتاب مثل القرآن أو حتى سورة واحد مثله.

ورجح بعض العلماء، أن يس هو أحد أسماء الله سبحانه وتعالى
وقال بعض العلماء، إن يس يعني يا سيد، فيما قال كعب، إن يس يعني قسم أقسم الله به.

على الجانب الآخر، ذهب بعض العلماء للتأكيد على أن سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، هو المقصود بـ(يس)
وقال أحد العلماء، إن يس تعني يا رجل أو يا إنسان، وقال الواحدي إن المقصود بها يا إنسان
أي المعنيّ بهذا النداء هو سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وشدد أبو بكر الوراق، على أن معنى يس يا سيد البشر.

كما اختلف العلماء عن أصل لفظ وكلمة يس، وهل هو عربي أم لا؟، حيث أكد عدد من العلماء، ومنهم سعيد بن جبير وعكرمة
أن لفظ يس حبشي، فيما اعتبر البعض أنه لفظ سرياني تحدث به عدد من العرب، وبات بعد ذلك جزء من اللغة العربية.

أسباب نزول سورة يس

تناولت سورة يس العديد من المواضيع، وقد كان لكل مجموعة من الآيات سبب نزول خاص فيها، نذكر بعض الآيات هنا:

  • قال الله عزَّ وجلّ: (يس *وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ *عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ
    لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ *لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
    إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ
  • وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ
    وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ *)
    وسبب نزول هذه الآيات كما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
    (كان النبيّ عليه الصّلاة والسّلام يقرأ في المسجد، فيجهر بالقراءة، حتى تأذى به ناس من قريش
    حتّى قاموا ليأخذوه، وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم، وإذا هم لا يبصرون
    فجاؤوا إلى النبيّ عليه الصّلاة والسّلام ، فقالوا: ننشدك الله والرحم يا محمد!
    ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبيّ عليه الصّلاة والسّلام فيهم قرابة
    فدعا النبي عليه الصّلاة والسّلام حتى ذهب ذلك عنهم).
    ويُظهر الحديث الوارد في سبب نزول هذه الآيات عظيم قدرة الله عزَّ وجل وحفظه لنبيّه عليه الصّلاة والسّلام
    وردّ كيد كفّار قريش في نحورهم.
  • قال الله عزَّ وجلّ: (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ* وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ
    قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ *قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ *
    الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ *
    أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ *
    إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
    وسبب نزول هذه الآيات: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ)
    إلى قوله: (وَهِيَ رَمِيمٌ)
    قال: جاء عبد الله بن أُبيّ إلى النبيّ عليه الصّلاة والسّلام بعظم حائل فكسره بيده، ثم قال: يا محمد! كيف يبعث الله هذا وهو رميم؟!
    فقال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: “نعم؛ يحيي الله هذا ويميتك ويدخلك النّار”.
    وأنزل الله تعالى هذه الآيات الكريمة والتي تحدّثت عن البعث يوم القيامة وقدرة الله عزَّ وجلّ على إحياء الموتى.

مقاصد سورة يس

تضمنت (سورة يس) تقرير الأصول الثلاثة بأقوى البراهين:
أولاً: الوحدانية
فقد جاءت فاتحة السورة ببيان الرسالة، بقوله سبحانه: (إنك لمن المرسلين).

ثانيًا: الرسالة
حيث جاءت خاتمة السورة ببيان الوحدانية والحشر
وذلك فقوله عز وجل: (فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء)، إشارة إلى التوحيد.

ثالثًا: الحشر
وذلك في قوله تعالى: (وإليه ترجعون) إشارة إلى الحشر.

الدروس المستفادة من سورة يس
  • التحدي بإعجاز القرآن بالحروف المقطعة، وبالقَسَم بالقرآن؛ تنويهاً به
    ووصفه بـ (الحكيم) إشارة إلى بلوغه أعلى درجات الإحكام.
  •  أَوْلَت السورة أهمية لبناء أسس العقيدة؛ فتعرضت لطبيعة الوحي، وصدق الرسالة منذ افتتاحها
    ولقضية الألوهية والوحدانية، واستنكار الشرك على لسان الرجل المؤمن
    الذي جاء من أقصى المدينة ساعياً؛ ليحاج قومه في شأن المرسلين.
  • وصف إعراض أكثر مشركي قريش عن تلقي الإسلام، وتمثيل حالهم الشنيعة
  • وحرمانهم من الانتفاع بهدي الإسلام، وأن الذين اتبعوا دين الإسلام، هم أهل الخشية
    وأن الإسلام هو الدين الموصوف بالصراط المستقيم.
  • تحقيق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وتفضيل الدين الذي جاء به في كتاب منزل من الله؛
    لإبلاغ الأمة الغاية السامية، وهي استقامة أمورها في الدنيا، والفوز في الآخرة.
  • التذكير بأعظم حادثة حدثت على المكذبين للرسل والمتمسكين بالأصنام من الذين أرسل إليهم نوح عليه السلام
    منذراً لهم، فهلك من كذب، ونجا من آمن.
  •  ضرب المثل لفريقي المتبعين والمعرضين من أهل القرى بما سبق من حال أهل القرية
    الذين شابه تكذيبهم الرسل تكذيب قريش، وكيف كان جزاء المعرضين من أهلها في الدنيا
    وجزاء المتبعين في الآخرة. إضافة إلى ضرب المثل بالأعم، وهم القرون الذين كذبوا، فأهلكوا.
  •  ذكر جملة من الآيات الكونية التي بثها سبحانه في الكون
    والامتنان على عباده بالنعمة التي تتضمنها تلك الآيات. وبيان دلالة تلك الآيات والنعم على تفرد خالقها ومنعمها بالوحدانية؛ إيقاظاً للعباد من غفلتهم، وإرشاداً لهم للافتكار والاعتبار.
  •  وجهت السورة نداء الحسرة على العباد، الذين ما يفتؤون يكذبون كل رسول
    ويستهزئون به غير معتبرين بمصارع المكذبين، ولا متيقظين لآيات الله في الكون، وهي كثيرة.
  • ذكر دلائل التوحيد المشوبة بالامتنان

    للتذكير بواجب الشكر على النعم بالتقوى والإحسان وترقب الجزاء.
    والإقلاع عن الشرك والاستهزاء بالرسول عليه الصلاة والسلام، واستعجال وعيد العذاب
    والتحذير من حلوله بغتة حين يفوت التدارك.

  • بينت السورة أن الإنذار إنما ينفع من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب
    فاستعد قلبه لاستقبال دلائل الهدى وموحيات الإيمان.
  •  التذكير بما عهد الله إلى عباده مما أودعه في فِطَرهم من قابليات واستعدادات.
  •  الاستدلال على عداوة الشيطان للإنسان، والإرشاد إلى اتباع دعاة الخير.
  • نفت السورة أن يكون ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم شعر، ونفت عن الرسول كل علاقة بالشِعر أصلاً.
  •  النعي على المشركين اتخاذهم آلهة من دون الله، يبتغون عندهم النصر
    وهم الذين يقومون بحماية تلك الآلهة المدعاة.
  • تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم بأن لا يحزنه قول الذين أشركوا، وأن له بالله أسوة
    إذ خلقهم، فعطلوا قدرته عن إيجادهم مرة ثانية، ولكنهم راجعون إليه، لا مفر لهم من ذلك.
  •  القضية التي اشتد عليها التركيز في السورة، وترددت في مواضع كثيرة منها، هي قضية البعث والنشور
    وذلك بغرض الاستدلال على تقريب البعث وإثباته، وتذكير العباد بالنشأة الأولى من نطفة
    ليروا أن إحياء العظام وهي رميم كتلك النشأة ولا غرابة.
ألقاب سورة يس

وردت الكثير من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّه لقب سور يس بقلب القرآن
إلا أنّ معظم هذه الأحاديث موضوعة، وضعيفة.
وما لا يختلف عليه علماء الدين أن القرآن الكريم جميعه معجزة ووحي إلهي، وكلّ سوره وآياته مباركة.

فضائل سورة يس

يتفق أهل العلم أن القرآن كله منج لقارئه، وأن آياته محضُ خير وبركة
وسورة يس من السور التي رُوي بشأنها روايات كثيرة، لكنّ أهل الدّراية والعلم ذهبوا إلى أنّ أكثرها ضعيف
لا يرقى إلى درجة الصحيح بحال، بل إنّهم وجدوا أنّ بعضاً من تلك الروايات مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام-
وأشاروا إلى أنّ الأحاديث التي جاءت في فضائل وخواصّ سورة يس لا يصحّ رفعها للنبي -صلى الله عليه وسلم- على أنّها أحاديث نبوية ما لم تثبتْ صحّتها.
وعليه فإن سورة يس لا تتميّز عن أخرياتها من السور ، وفضل قراءة سورة يس، كفضل قراءة سائر القرآن الكريم
الذي يُجازي به الله القاريء خير جزاء.
قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا
لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ”

سورة يس

قصة أصحاب القرية الواردة بسورة يس

تضمّنت ( سورة يس ) قصة تحمل عِبرة ودروسًا للمؤمنين والمشركين.
قال الله تعالى في كتابه الكريم : (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ . إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ
 قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ . وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ
 قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ

لقراءة سورة يس كاملة

 

سورة يس

سورة يس

سورة يس

سُورة يَس مكتوبة

سُورة يَس مكتوبة

مواضيع قد تعجبك