لبيك اللهم لبيك “إليك شرح التلبية وحكمها”

لبيك اللهم لبيك

لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك “.. بنفوس مطمئنة وبقلوب تهفو،
يبدأ حجاج بيت الله الحرام في شهر ذي الحجة من كل عام التوجه إلى مكة، حيث الكعبة بيت الله الحرام، ليؤدوا فريضة الحج، وحيث يقف ملايين الحجاج من كل الجنسيات على جبل عرفات يؤدون الركن الأعظم، طالبين الرحمة والمغفرة..
يقفون بعدما أتوا من كل فج عميق، تحقيقًا لقوله تعالى:
“وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)
لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ.

لبيك اللهم لبيك

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”.

شرح التلبية

 

لبيك كلمة إجابة والدليل على هذا ما ورد في الصحيح “أن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا آدم فيقول: لبيك”.
وتحمل معنى الإقامة من قولهم: (ألبَّ بالمكان): أي أقام فيه فهي متضمنة للإجابة والإقامة.

وهذه الإجابة هي امتثال من الحاج لقوله سبحانه: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً).
والتثنية في التلبية المراد بها التكثير ومطلق العدد، وليس المراد: مرتين فقط، فالمعنى إجابة بعد إجابة وإقامة بعد إقامة.

وقوله: (اللهم): معناها: يا الله.
وقوله (لا شريك لك) أي: لا شريك لك في كل شيء وليس في التلبية فقط لأنه أعم.
وقوله (إن الحمد والنعمة لك والملك ): أي، لأن الحمد لك والملك لك والنعمة منك سبحانك.

حكم التلبية

التلبية سنة في الإحرام، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة
فعن سالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عن أبيه رَضِيَ اللهُ عنه، قال:
(سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهِ عليه وسَلَّم يُهِلُّ مُلَبِّدًا، يقول: لبيك اللهم لبيك ، لبَّيْك لا شريكَ لك لبَّيْك،
إنَّ الحمْدَ والنِّعمَةَ لك والمُلْك، لا شريكَ لك. لا يزيدُ على هؤلاءِ الكَلِماتِ.
وإنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضِي الله عنهما كان يقول: كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم يركَعُ بذي الحُلَيفة ركعتينِ،
ثم إذا استوت به النَّاقَةُ قائمةً عند مسجِدِ ذي الحُلَيفة، أهلَّ بهؤلاءِ الكَلِماتِ)

يُسنُّ للرجُلِ أن يرفَعَ صَوْتَه بالتَّلْبِيَة، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ مِنَ الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة،
وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك.

أما المرأةُ لا ترفَعُ صوتَها بالتَّلْبِيَة، وإنَّما تُلَبِّي سرًّا بالقَدْرِ الذي تُسمِعُ به نَفْسَها، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ:
الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة.

كيفية أداء مناسك الحج بطريقة مبسطة

الحج من أفضل الأعمال في الإسلام، فقد رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّه قال:
(سُئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيّ الأعمال أفضل، فقال: إيمانٌ باللهِ ورسولِه، قِيلَ: ثمّ ماذا؟
قال: جهادٌ في سبيلِ اللهِ، قِيلَ: ثمّ ماذا؟ قال: حجٌّ مَبرورٌ)،[١] وقد فُرض الحجّ على المسلمين في العام التاسع للهجرة،
عندما نزل قول الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)، وكان ذلك في عام الوفود.

ولأداء مناسك الحج لابد من اتباع الخطوات الآتية:

  • الإحرام:
    إذا أراد المسلم الحجّ يجب عليه البدء بالإحرام، ويكون الإحرام للحجّ في اليوم الثامن من ذي الحجّة،
    ومن المكان الذي نزل فيه الحاجّ، ويُستحبّ عند الإحرام الاغتسال كغسل الجنابة،
    والتطيّب في الرأس واللحية، وبعد ارتداء ملابس الإحرام،
    يصلّي ركعتين سنّة الوضوء، ويشرع في الحجّ بعدها بقول: (لبيك حجّاً)،
    وفي حال الخوف ممّا يُعيق إكمال النسك يجوز الاشتراط، وهو قول: (محلّي حيث حبستني)، ثمّ يشرع في التلبية.
  • الخروج إلى منى:
    بعد ذلك يخرج الحاجّ إلى منى، ويؤدي صلاة الظهر والعصر، والمغرب، والعشاء قصراً من غير جمعٍ،
    كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
  • الوقوف بعرفة:

    يكون الانطلاق من منى باتجاه عرفات في صباح اليوم التاسع من ذي الحجّة،
    ويُسنّ النزول في نمرة حتى الزوال، وإن لم يتسنّى ذلك، يجوز التوجّه إلى عرفة مباشرةً،
    وعند زوال الشمس تصلّى صلاة الظهر والعصر جمع تقديمٍ، وبعدها يبدأ الحاجّ بالدعاء، والذكر،
    وقراءة القرآن بخشوعٍ واستحضارٍ لعظمة الله تعالى، وحاجة العبد إلى ربّه، وثمة أدعيةٌ وأذكارٌ مستحبةٌ في يوم عرفة،
    ومنها ما رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال:
    (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ،
    لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ، وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ)،
    بالإضافة إلى قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:
    (أحبُّ الكلامِ إلى اللهِ أربعٌ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ).

    ومن الجدير بالذّكر أنّه لا يصحّ الوقوف خارج حدود عرفة، ولذلك يجب التأكّد من أنّ الوقوف داخلها،
    حيث إنّها محدّدةٌ بعلاماتٍ واضحةٍ، ولا بأس بالوقوف في أيّ مكانٍ داخل الحدود،
    وذلك لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (نحرتُ ههنا، ومِنى كلُّها منحرٌ، فانحروا في رحالِكم، ووقفتُ ههنا،
    وعرفةُ كلُّها مَوقفٌ)، وبعد غروب الشمس يتم الخروج من عرفةٍ باتجاه المزدلفة.

  • المبيت في المزدلفة:

    عند غروب شمس اليوم التاسع من ذي الحجّة، يتم التوجّه إلى المزدلفة،
    ومن المستحبّ صلاة المغرب والعشاء فيها، إلّا في حال الخشية من فوات وقت صلاة العشاء
    قبل الوصول إلى المزدلفة، فتصلّى في أيّ مكانٍ، وبعد الصلاة يتم المبيت فيها إلى الفجر،
    ويُستثنى من المبيت الضعفاء وأصحاب الأعذار؛ إذ يجوز لهم التوجّه إلى منى بعد منتصف الليل،
    وبعد صلاة الفجر في مزدلفة يتم التوجّه إلى المشعر الحرام، والدعاء عنده إن أمكن،
    وإلّا يجوز الدعاء في أيّ مكانٍ من مزدلفة.

  • النزول في منى:
    يكون الخروج من مزدلفة باتجاه منى قبل شروق الشمس.
  • رمي جمرة العقبة الكبرى:
    عند النزول في منى يُشرع في رمي جمرة العقبة الكبرى، حيث تُؤخذ سبع حصياتٍ حجمها أكبر من حبّة الحمص بقليلٍ، ثمّ تُرمى الجمرة واحدةٌ تلو الأخرى، ويكبّر الله في كلّ رميةٍ، ولا يجوز رمي الحجارة الكبيرة،
    أو الأحذية، أو السبّ، أو الشتم، بل يجب أن يكون الرمي بخشوعٍ وسكينةٍ.
  • ذبح الهدي:
    بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى، يُشرع في ذبح الهدي.
  • حلق الشعر أو التقصير:

    بعد ذبح الهدي يتم حلق شعر الرأس، أو تقصيره، والحلق أفضل من التقصير للرجال،
    وذلك اقتداءً برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بالإضافة إلى أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- دعا للمحلّقين ثلاث مراتٍ، بينما دعا للمقصّرين مرةً واحدةً، وأمّا المرأة فتقصّر من شعرها قدر أنملةٍ،
    وينبغي العلم بجواز التقديم والتأخير بين الحلق، والذبح، والرمي، وبعد الانتهاء من الأعمال السابق ذكرها،
    يحلّ للمحرم كلّ شيءٍ من محظورات الإحرام؛ كالطيب، واللباس، وغير ذلك، إلّا النساء.

  • طواف الإفاضة:
    وهو الطواف بالبيت، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).
  • السعي بن الصفا والمروة:
    بعد الطواف والسعي بين الصفا والمروة، يقع التحلّل الثاني من الإحرام،
    ويجوز للمحرم فعل كلّ ما حُرم منه أثناء الإحرام.
  • المبيت بمنى ورمي الجمرات أيام التشريق:

    لا بدّ للحاجّ من المبيت في منى ليلة الحادي عشر،
    والثاني عشر، والثالث عشر، إلّا لعذرٍ يتعلّق بمصلحة الحجّ والحجّاج،
    فقد رخّص رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للرعاة المبيت في غير منى،
    وكذلك رُخّص للعباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- المبيت في مكة؛ حتى يقوم بالسقاية،
    ويقوم الحجّاج في منى برمي الجمرات الثلاث في كلّ يومٍ من أيام التشريق الثلاث بعد زوال الشمس،
    ويتم رمي كلّ جمرةٍ بسبع حصياتٍ، فيبدأ بالجمرة الصغرى، ثمّ الجمرة الوسطى، ثمّ جمرة العقبة.

  • طواف الوداع:
    بعد الانتهاء من رمي الجمرات، وعند عودة الحجَّاج إلى مكَة إن أرادوا الرجوع إلى بلادهم
    فيطوفون بالكعبة المشرَّفة سبعةً أشواطٍ في طوافٍ يسمَى طواف الوداع إيذاناً بانتهاء أدائهم لمناسك الحجِّ
    وتوديعاً لبيت الله الحرام، والحكمة منه أن يكون آخر عهد الحجَاج بحجَتهم التي حجُوها ومناسكهم
    التي أدوها بيت الله الحرام.

مواضيع قد تعجبك