سورة الرحمن.. ما هي أسباب نزولها وتسميتها؟

سورة الرحمن.. ما هي أسباب نزولها وتسميتها؟

سورة الرحمن هي السورة الخامسة والخمسون بحسب ترتيب المصحف العثماني، وهي سورة مكية،
كما تعد واحدة من أوائل السور التى نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
تبعًا لقول جمهور الصحابة والتابعين، فقد أخرج الإمام أحمد في “مسنده”
بسند جيد عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت:
“سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي نحو الركن، قبل أن يصدع بما يؤمر،
والمشركون يسمعون، يقرأ: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}، ونستنتج من ذلك أنها نزلت قبل سورة الحجر.
وقبل سورة النحل، وبعد سورة الفرقان، وعدد آياتها ثمان وسبعون آية،

سورة الرحمن كاملة مكتوبة

سورة الرحمن.. ما هي أسباب نزولها وتسميتها؟

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)
وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)
وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16)
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23)
وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25) كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)
وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30)

سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32)
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36)
فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42)
هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45)
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49)

سورة الرحمن من الآية (50) إلى (78)

فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53)
مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55)
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77)
تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78).

أسباب تسمية سورة الرحمن

سورة الرحمن.. ما هي أسباب نزولها وتسميتها؟

سميت سورة الرحمن بهذا الاسم تبعًا لما ورد فيها من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم،
ومن تلك الأحاديث ما رواه الترمذي عن جابر بن عبد اللهرضي الله عنه، قال:
(خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه، فقرأ سورة الرحمن).
وهناك أيضًا ما جاء في “تفسير القرطبي” أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
(اتل علي ما أُنزل عليك، فقرأ عليه سورة الرحمن، فقال: أعدها، فأعادها ثلاثاً، فقال: إن له لحلاوة).
كما سميت بالرحمن أيضًا في كتب السنة، وفي المصاحف.

وقد ارجع بعض أهل العلم أيضًا سبب تسميتها بالرحمن إلى أنها ابتدئت باسمه تعالى: “الرحمن”
(الرحمن: آية 1)، وهي السورة الوحيدة المفتتحة باسم من أسماء الله، لم يتقدمه غيره.

سبب نزول سورة الرحمن

فسر لنا أهل العلم سبب نزول سورة الرحمن لقول المشركين المحكي في قوله تعالى:
{وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن} (الفرقان:60)
فتكون تسميتها باعتبار إضافة (سورة) إلى (الرحمن) على معنى إثبات وصف الرحمن.

وقد قيل أيضًا أن سبب نزولها قول المشركين وقد حكاه القرآن: {إنما يعلمه بشر} (النحل:103)
فرد الله عليهم في سورة “الرحمن” بأن الرحمن هو الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن.

الموضوعات الرئيسية لسورة الرحمن

سورة الرحمن.. ما هي أسباب نزولها وتسميتها؟

 

ذكر البقاعي أن مقصود سورة الرحمن بالذات: إثبات الاتصاف بعموم الرحمة؛ ترغيباً في إنعامه بمزيد امتنانه،
وترهيباً من انتقامه، بقطع إحسانه، وعلى ذلك دلَّ اسمها (الرحمن) لأنه العام الامتنان.

– قال الزمخشري في “الكشاف”: “أراد الله أن يقدم في عدد آلائه أول شيء ما هو أسبق قدماُ من ضروب آلائه،
وأصناف نعمائه، وهي نعمة الدين، فقدم من نعمة الدين ما هو أعلى مراتبها، وأقصى مراقبها، وهو إنعامه بالقرآن، وتنزيله،
وتعليمه، وأخَّر ذكر خلق الإنسان عن ذكره، ثم أتبعه إياه، ثم ذكر ما تميز به من سائر الحيوان من البيان”.

– تبع ذلك التنويه بالنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله هو الذي علمه القرآن، رداً على مزاعم المشركين الذين يقولون:
{إنما يعلمه بشر} (النحل:103) ورداً على مزاعمهم أن القرآن أساطير الأولين، أو أنه سحر، أو كلام كاهن، أو شعر.

– التذكير بدلائل قدرة الله تعالى فيما أتقن صنعه، مدمجاً في ذلك التذكير بما في ذلك كله من نعم على الناس،
وخلق الجن وإثبات جزائهم.

ومن الموضوعات التى تناولتها سورة الرحمن أيضًا

– التنويه بشأن العدل، والأمر بتوفية أصحاب الحقوق حقوقهم، وحاجة الناس إلى رحمة الله فيما خلق لهم،
ومن أهمها نعمة العلم، ونعمة البيان، وما أعد من الجزاء للمجرمين، ومن الثواب والكرامة للمتقين، ووصف نعيم المتقين.

– بين الله حال المؤمنين، فذكر أنهم صنفان، أحدهما أرفع درجة من الآخر؛ فأولهما: له جنتان في أعلى درجات الجنان.
وثانيهما: له جنتان أدنى من السابقتين، ووصف هذه الجنان وصفاً رائعاً، يبين ما فيهن من جلائل النعم التي يتنعم بها هؤلاء وأولئك.

– ألمعت السورة إلى أن كل من على الأرض فانٍ، وأنه سبحانه هو الباقي الدائم ذو الجلال والإكرام.

– بينت السورة أنه تعالى له شؤون كثيرة في خلقه كل يوم؛ لذا يسأله من في السموات والأرض ما هم بحاجة إليه.

– أوضحت السورة أنه سبحانه سيقصد مجازاة خلقه يوم الدين، وليس له شاغل يشغله عن ذلك، وهناك ينادي المنادي:
{يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض} (الرحمن:33) ،
هرباً من الحساب والعقاب {فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} (الرحمن:33) ولا سلطان لهم،
فالملك يوم القيامة والحكم لله الواحد القهار.

– الموعظة بالفناء، والتذكير بيوم الحشر والجزاء. وختم السورة بتعظيم الله، والثناء عليه، حيث قال سبحانه:
{تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام} (الرحمن:78).

– تكرر في هذه السورة قوله تعالى: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} إحدى وثلاثين مرة؛ للتقرير بالنعم المختلفة المعدودة،
فكلما ذكر سبحانه نعمة أنعم بها، وبخ على التكذيب بها، قال ابن عاشور: “وذلك أسلوب عربي جليل”.

مواضيع قد تعجبك