تعريف الرؤية والفرق بين الرؤية والحلم

الرؤية

الرؤية والفرق بينها وبين الحلم:

جميع ما يُرى في المنام على قسمين :
فقسم من الله تعالى وقسم من الشيطان لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” الرؤية من الله
والحلم من الشيطان ” والمضاف إلى الله تعالى من ذلك هو الصالح وإن كان جميعه أي الصادقة
وغيرها خلقا لله تعالى وأن الصالح من ذلك هو الصادق الذي جاء بالبشارة والنذارة وهو الذي قدره
النبي صلى الله عليه وسلم جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة
وأن الكافرين وفساق المؤمنين قد يرون الرؤيا الصادقة
وأن المكروه من المنامات هو الذي يضاف إلى الشيطان الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم
بكتمانه والتفل عن يساره ووعد فاعل ذلك أنها لا تضره

وأن ذلك المكروه ما كان ترويعا أو تحزينا باطلا أو حلما يؤدي إلى الفتنة والخديعة والغيرة دون
التحذير من الذنوب والتنبيه على الغفلات والزجر عن الأعمال المهلكات إذ لا يليق ذلك بالشيطان
الآمر بالفحشاء وإنما إضافة أباطيل الأحلام إلى الشيطان على أنه هو الداعي إليها
وأن الله سبحانه هو الخالق لجميع ما يرى في المنام من خير أو شر
وإن اختلاف الموجب للغسل مضاف إلى الشيطان وكذلك ما تراءى من حديث النفس وآمالها
وتخاويفها وأحزانها مما لا حكمة فيه تدل على ما يؤول أمر رائيه إليه
وكذلك ما يغشى قلب النائم الممتلئ من الطعام أو الخالي منه كالذي يصيبه عن ذلك في اليقظة
إذ لا دلالة منه ولا فائدة فيه وليس للطبع فيه صنع ولا للطعام فيه حكم ولا للشيطان مع ما يضاف
إليه منه خلق وإنما ذلك خلق الله سبحانه قد أجرى العادة أن يخلق الرؤيا الصادقة عند حضور الملك
الموكل بها فتضاف بذلك إليه وإن الله تعالى يخلق أباطيل الأحلام عند حضور الشيطان فتضاف بذلك
إليه

في الرؤية (تفسير الأحلام لابن سيرين) :

إن الكاذب على منامه مفتر على الله عز وجل
وأن الرائي لا ينبغي له أن يقص رؤياه إلا على عالم أو ناصح أوذي رأي من أهله كما روي في الخبر
وأن العابر يستحب له عند سماع الرؤيا من رائيها وعند إمساكه عن تأويلها لكراهتها ولقصور معرفته
عن معرفتها أن يقول ” خير لك وشر لأعدائك خير تؤتاه وشر تتوقاه ” هذا إذا ظن أن الرؤيا تخص الرائي وإن ظن أن الرؤيا للعالم قال ” خير لنا وشر لعدونا خير نؤتاه وشر نتوقاه والخير لنا والشر
” لعدونا
وأن عبارة الرؤيا بالغدوات أحسن لحضور فهم عابرها وتذكار رائيها لأن الفهم أوجد ما يكون عند
الغدوات من قبل افتراقه في همومه ومطالبه مع قول النبي صلى الله عليه وسلم ” اللهم بارك
” لأمتي في بكورها

وأن العبارة قياس واعتبار وتشبيه وظن لا يعتبر بها ولا يختلف على عينها إلا أن يظهر في اليقظة
صدقها أو يرى برهانها
وأن التأويل بالمعنى أو باشتقاق الأسماء
وأن العابر لا ينبغي له أن يستعين على عبارته بزاجر في اليقظة يزجره ولا يعول عند ذلك بسمعه
ولا بحساب من حساب المنجمين يحسبه
وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتمثل به في المنام شيطان وأن من رآه فقد رآه حقا
وأن الميت في دار حق فما قاله في المنام فحق ما سلم من الفتنة والعزة وكذلك الطفل الذي لا
يعرف الكذب وكذلك الدواب وسائر الحيوان الأعجم إذا تكلم فقوله حق وكلام ما لا يتكلم آية
وأعجوبة

في الرؤية

كل كذاب في اليقظة كالمنجم والكاهن فكذلك قوله في المنام كذب
وأن الجنب والسكران ومن غفل من الجواري والغلمان قد تصدق رؤياهم في بعض الأحيان وإن
تسلط الشيطان عليهم بالأحلام في سائر الزمان
وأن الكذاب في أحاديث اليقظة قد يكذب عامة رؤياه
وأصدق الناس أصدقهم حديثا

وأن العابر لا يضع يده من الرؤية إلا على ما تعلقت أمثاله ببشارة أو نذارة أو تنبيه أو منفعة في الدنيا
والآخرة ويطرح ما سوى ذلك لئلا يكون ضغثا أو حشوا مضافا إلى الشيطان
وأن العابر يحتاج إلى اعتبار القرآن وأمثاله ومعانيه واضحة كقوله تعالى في الحبل : { واعتصموا
بحبل الله جميعا } . وقوله في صفات النساء : { بيض مكنون } . وقوله في المنافقين : { كأنهم
خشب مسندة } . وقوله : { إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها } . وقوله : { إن تستفتحوا فقد
{ جاءكم الفتح } . وقوله : { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا
وأنه أيضا يحتاج إلى معرفة أمثال الأنبياء والحكماء
وأنه يحتاج أيضا إلى اعتبار أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمثاله في التأويل كقوله : ”
خمس فواسق ” وذكر الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور وقوله في النساء : ” إياك
” والقوارير ” وقوله المرأة ” خلقت من ضلع

 

تأويل الرؤية :

تأويلها قد يكون مرة من لفظ الاسم ومرة من معناه ومرة من ضده من كتاب الله
تعالى ومرة من الحديث ومرة من المثل السائر والبيت المشهور احتجب

فأما التأويل بالأسماء فتحمله على ظاهر اللفظ كرجل يسمى الفضل تتأوله أفضالا ورجل يسمى
راشدا تتأوله رشادا أو رشدا أو سالما تتأوله السلامة وأشباه هذا كثيرة وقد روى عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال : ” رأيت الليلة كأنا في دار عقبة بن رافع فأتينا برطب ابن طاب فأولت
الرفعة لنا في الدنيا والآخرة وأن ديننا قد طاب ” فأخذ من رافع الرفعة وأخذ من رطب ابن طاب طيب
الدين وحكى عن شريك بن أبي نمر قال رأيت أسناني في النوم وقعت فسألت عنها سعيد بن
المسيب فقال أو ساءك ذلك أن صدقت رؤياك لم يبق من أسنانك أحد إلا مات قبلك فعبرها سعيد
باللفظ لا بالأصل لأن الأصل في الأسنان أنها القرابة

وحكى عن بشر بن أبي العالية قال سألت
محمدا عن رجل رأى كأن فمه سقط كله فقال هذا رجل قطع قرابته فعبرها محمد بالأصل لا باللفظ
وحكى عن الأصمعي قال اشترى رجل أرضا فرأى أن ابن أخيه يمشي فيها فلا يطأ إلا على رأس
حية فقال إن صدقت رؤياه لم يرس فيها شيء إلا حي قال وربما اعتبر الاسم إذا كثرت حروفه
بالبعض على مذهب القائف والزاجر مثل السفرجل إذا رآه ولم يكن في الرؤيا ما يدل على أنه مرض
تأوله سفرا لأن شطره سفر وكذلك السوسن أن عدل به عما ينسب إليه في التأويل وحمل على
: ظاهر اسمه تأول فيه السوء لأن شطره سوء قال الشاعر
وسوسنة أعطيتها فما … كنت بإعطائي لها محسنه
أولها سوء فإن جئت بالآ … خر ( بالآخر ) منها فهو سوء سنه
وأما التفسير بالمعنى فأكثر التأويل عليه كالأترج إن لم يكن مالا وولدا عبر بالنفاق لمخالفة ظاهره
وباطنه

قال الشاعر:

أهدى له أحبابه أترجة … فبكى وأشفق من عيافة زاجر
متعجبا لما أتته وطعمها … لونان باطنها خلاف الظاهر

وأما التأويل بالمثل السائر واللفظ المبتذل فكقولهم في الضائع إنه رجل كذوب لما جرى على
ألسنة الناس من قولهم فلان يصوغ الأحاديث وكقولهم فيمن يرى أن في يديه طولا أنه يصنع
المعروف لما جرى على ألسنة الناس من قولهم هو أطول يدا منك وأمد باعا أي أكثر عطاء وقال
النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه رضى الله عنهن : ” أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا ” . فكانت
زينب بنت جحش أول أزواجه موتا وكانت تعين المجاهدين وترفدهم وكقولهم في المرض إنه نفاق

لما جرى على ألسنة الناس لمن لا يصح لك وعده هو مريض في القول والوعد وقال الله عز وجل :
{ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } .

وكقولهم في الكبش إنه رجل عزيز منيع لقول الناس هذا كبش القوم وكقولهم في الصقر إنه رجل
له شجاعة وشوكة .

وأما التأويل بالضد والمقلوب

فقولهم في البكاء إنه فرح وفي الضحك أنه حزن وكقولهم في الرجلين
يصطرعان والشمس والقمر يقتتلان إذا من جنس واحد أن المصروع هو الغالب والصارع هو المغلوب
وفي الحجامة إنها صك وشرط وفي الصك إنه حجامة وقولهم في الطاعون إنه حرب وفي الحرب إنه
طاعون وفي السيل إنه عدو وفي العدو إنه سيل وفي أكل التين إنه ندامة وفي الندامة إنه أكل
تين وفيمن يرى أنه مات ولم يكن لموته هيئة الموت من بكاء أو حفر قبر أو إحضار كفن إنه ينهدم
بعض داره وقولهم في الجراد إنه جند وفي الجند إنه جراد

وأما تعبير الرؤيا بالزيادة والنقصان فكقولهم في البكاء إنه فرح فإنه كان معه رنة كان مصيبة وفي
الضحك إنه حزن فإن كان تبسما كان صالحا وقولهم في الجوز إنه مال مكنوز فإن كان معه قعقعة
فإنه خصومة وفي الدهن إذا أخذ منه بقدر فإنه زينة فإن سال على الوجه فإنه غم وإن كثر على
الرأس كان مداهنة للرئيس وفي الزعفران إنه ثناء حسن فإن ظهر له لون في ثوب أو جسد فهو
مرض أو وهم وفي الضرب إنه كسوة فإن ضرب وهو مكتوف فهو ثناء سوء يثنى عليه لا يمكنه دفعه
ولمن يرى أن له ريشا فهو رياش وخير فإن طار بجناحه سافر سفرا في سلطان بقدر ما علا عن
الأرض

وقد تعبر الرؤيا بالوقت كقولهم في راكب الفيل إنه ينال أمرا جسما قليل المنفعة فإن رأى ذلك في
نور النهار طلق امرأته أو أصابه بسببها سوء وفي الرحمة إنها إنسان أحمق قذر وأصدق الرؤيا
بالأسحار وبالقائلة وأصدق الأوقات وقت انعقاد الأنوار ووقت ينع الثمر وإدراكه وأضعفها الشتاء ورؤيا
النهار أقوى من رؤيا الليل

أيضاً

فقد تتغير الرؤيا عن أصلها باختلاف هيئات الناس وصناعاتهم وأقدارهم وأديانهم فتكون لواحد رحمة
وعلى آخر عذابا ومن عجيب أمر الرؤيا أن الرجل يرى في المنام أن نكبة نكبته وأن خيرا أوصل إليه
فتصيبه تلك النكبة بعينها ويناله ذلك الخير بعينه وفي الدراهم إذا رأوها أن يصيبوها وفي الولاية إذا
رأوها أن يلوها وفي الحج إذا رأوه أن يحجوا وفي الغائب يقدم في المنام فيقدم في اليقظة وربما
رأى الصبي الصغير الشيء فكان لأحد أبويه والعبد فكان لسيده والمرأة فكان لبعلها أو لأهل بيتها

مواضيع قد تعجبك