المحتوى الرئيسى

السفير حسين هريدي يكتب: الدور المصري في مشهد إقليمي متغير

05/09 19:23

تشكل الهجمات العسكرية المتبادلة بين إيران واسرائيل خلال شهر أبريل الماضى، تطوراً نوعياً فى الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، وبما لذلك من تداعيات على القضية الفلسطينية من ناحية ومن ناحية أخرى نمط العلاقات بين دول المشرق العربى، بما فى ذلك مصر والثلاث قوى الإقليمية المتداخلة جغرافياً واستراتيجياً معها، وهى إيران وتركيا واسرائيل. وهذا التطور النوعى يستدعى إعادة تعريف الدور والتأثير المصرى فى معادلات القوة الجديدة فى المنطقة بما فى ذلك العلاقات المصرية - الإسرائيلية.

تدخل الحرب الإسرائيلية على فلسطين المحتلة فى قطاع غزة والضفة الغربية شهرها السابع، ولا يلوح فى الأفق حتى الآن ما يشير إلى أن هذه الحرب تقارب على الانتهاء، بل هناك احتمالات بأنها ستمتد لتشمل جنوب لبنان، ومنطقة رفح فى جنوب قطاع غزة وعند حدود «القطاع» مع مصر.

معطيات الموقف الاستراتيجى الراهن فى الشرق الأوسط إن دلت على شىء فإن المنطقة برمتها دخلت فى مرحلة عدوانية وتوسيعية إسرائيلية غير مسبوقة لا علاقة لها بالرد على هجمات السابع من أكتوبر الماضى. السياسة الإسرائيلية الحالية تستهدف طمس الهوية الفلسطينية ومن ثم القضاء على فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى سياق حل الدولتين.

على امتداد السبعة أشهر الماضية، لم تدخر مصر وسعاً فى وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، مع السعى حثيثاً -بالتوازى مع ذلك - لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية وبالكميات التى تلبى الاحتياجات اليومية لأكثر من ٢ مليون فلسطينى، مع التحذير من مغبة تهجير الفلسطينيين من ديارهم إلى شبه جزيرة سيناء، وإلى الأردن.

فى مبادراتها وتحركاتها على الصعيدين السياسى والدبلوماسى نسقت وتعاونت مصر مع القوى العربية والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة والأمم المتحدة من أجل التوصل لوقف إطلاق نار فى قطاع غزة، والتأكيد على أمرين فى غاية الأهمية بالنسبة للقضية الفلسطينيةً، الأول هو التسليم بأن إدارة قطاع غزة وكل ما يتعلق بالأمن والنظام العام فى غزة بعد انتهاء الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من كامل الأراضى الفلسطينية هو شأن فلسطينى أساساً، والأمر الثانى هو العمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بالنسبة لكافة جوانب القضية الفلسطينية، بما فى ذلك بالطبع إقامة دولة فلسطين المستقلة.

وواقع الأمر أن المواقف المصرية منذ بداية الحرب على غزة ساهمت بشكل ملموس فى بلورة موقف دولى داعم لوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية وزيادة وتيرتها، ومعارضة تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية.

منذ بداية الحرب، أغلقت إسرائيل كافة المعابر التى تربط غزة بالعالم الخارجى عبر الأراضى الإسرائيلية باستثناء معبر كرم أبوسالم. وأبقت مصر من جانبها معبر رفح البرى، وهو المعبر الوحيد الذى يربط غزة بالأراضى المصرية، والتزمت مصر باستمرار فتحه على مدى الأشهر السبعة الماضية، فى إطار دعم وتضامن مصرى بدون حدود مع الشعب الفلسطينى على المستويين الرسمى والشعبى، وهو ما ترجم نفسه فى حجم المساعدات التى قدمها المصريون لأشقائهم الفلسطينيين فى غزة، وهذا بالإضافة إلى إدخال مساعدات عربية ودولية قدمتها العديد من الدول عبر مطار وميناء العريش، وكذلك ميناء بورسعيد.

وفى إطار مساعيها وجهودها الدءوب لرفع كفاءة إدخال المساعدات الإنسانية كافة، أقامت مصر مركزاً فى مدينة العريش لتجميع المساعدات المقدمة من العديد من الدول، وشددت مصر فى مناسبات عدة على أن القانون الدولى يحتم على إسرائيل كقوة احتلال إعادة فتح معابرها المغلقة مع غزة.

من ناحية أخرى شاركت مصر مع العديد من الدول العربية والصديقة ومنها دول أوروبية والولايات المتحدة لاستصدار قرارات فى مجلس الأمن خدمة للجهود الرامية إلى وقف إطلاق نار مؤقت فى غزة مع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ومنها القرار ٢٧٢٠ والقرار ٢٧٢٨. وبموجب هذه المساعى الدبلوماسية تم استحداث منصب المنسق رفيع المستوى للمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار فى غزة وتشغله حالياً وزيرة دانماركية سابقة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل