المحتوى الرئيسى

الفن متهم في كل العصور: المجتمع يبحث عن «شماعة» - المصري لايت

10/19 18:01

بعد ترقب وتشويق طويل، استقبلت دور العرض السينمائي، في مختلف بلدان العالم، فيلم «الجوكر»، وهو العمل الذي بلغت إيراداته على مدار 9 أيام من طرحه 306 مليون دولار، رغم بعض الانتقادات التي وُجهت إليه بدعوى نشره وتبريره للعنف.

وقبل طرح الفيلم بالسينمات في الرابع من الشهر الجاري، اتخذت الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة الأمريكية إجراءات احترازية، تخوفًا من اندلاع أعمال شغب أسوة بما حدث قبل 7 أعوام خلال عرض «فارس الظلام»، حينما قُتل 12 شخصًا وجُرح 70 في مدينة أورورا بولاية كولورادو، بعدما فتح رجل النار على المشاهدين.

وجاءت الإجراءات الاحترازية قبل طرح «الجوكر» نتيجة تلقي الجهات الأمنية لتهديدات «ذات مصداقية» بحدوث إطلاق نار جماعي مع بدء عرض الفيلم في صالات السينما.

من هذه النقطة، قد يدور في أذهان البعض تساؤلات تخص بما قد يجنيه الفن من تأثيرات سلبية على المجتمع، ففي عام 1981 تعرّض الرئيس الأمريكي رونالد ريجان لمحاولة اغتيال بعد فوزه بالانتخابات بـ69 يومًا فقط، نتيجة تأثر الجاني، هينكلي جونيور، بأحداث فيلم «تاكسي درايفر»، والذي سعى فيه البطل روبرت دي نيرو (جسد شخصية شاب مضطر نفسيًا) إلى اغتيال مرشح رئاسي.

وما شهدته هوليوود منذ 30 عامًا ووصولًا إلى «الجوكر» لم يسلم منه الفن المصري، فباختلاف الأزمة تتوجه إصبع الاتهام إلى بعض الأعمال السينمائية والدرامية باعتبارهم يفسدون المجتمع، خاصة القصص التي تتناول البلطجة والعنف، على سبيل المثال ما واجهه الفنان محمد رمضان عقب عرض مسلسل «الأسطورة»، حينما تكررت وقائع الاعتداء وإجبار الضحية بارتداء ملابس نسائية في محافظة الفيوم قبل 3 أعوام، أسوة بأحد المشاهد.

وبناءً على المقدمات السابقة، يقول الناقد الفني وليد سيف إن الفن وسيلة يمكن استخدامها كشيء ضار أو نافع، وحتى الموضوعات والدراما المتناولة كالبلطجة والعنف ربما تحتوي على مضمون مفيد أو ضار: «إذًا الحكم على الأمر بأنه مع أو ضد المجتمع عام ويحتاج إلى تدقيق مع كل حالة على حدا».

ويوضح «سيف»، لـ«المصري لايت»، أنه مع تقدم الحضارة وانتشار فن السينما بعد قرن يفترض بأن يكون الناس على درجة من الوعي، بأن يتعاملوا معها على أنها خيال، فعندما يحاولون تقليد الخيال يكون العيب فيهم.

يرى «سيف» أن المطلوب لتجنب هذا الأمر هو تنظيم توعية مجتمعية لتأكيد أهمية فن السينما وقيمته، وإيضاح كيفية التعامل معه، كما يحث وسائل الإعلام على لعب دوره المنوط به: «حينما يكون هادفًا سيعرف الجمهور الفن والسينما والحضارة، فهذه الأمور لا يتطرق إليها الناس في أوروبا».

من جانبها، تعتبر حنان شومان، الناقدة الفنية، أن الفن قد يكون ضارًا لكن بتحفظ، بمعنى أن تأثر المشاهدين بالعمل يختلف من شخصًا لآخر: «هناك تأثر لحظي يتمثل في تقليد البطل عقب انتهاء الفيلم، فيما يختلف الأمر في مستوى الوعي، أي لو كان مثقفًا يقل التأثير، أما إذا كان جاهلًا يزيد اندماجه مع المحتوى المعروض».

وتضيف «شومان»، لـ«المصري لايت»، أن رد الفعل على العمل لا يمكن أن يتفق، فقد يغضب البعض، وآخرون يبكون، وفئة أخرى تضحك، كما أن نوعية المحتوى له تأثير في الأمر، فإذا كان مصنوعًا بشكل جيد يزداد تأثيره.

وكما يتأثر المشاهد بالعمل الفني يتأثر الكاتب بالمجتمع حسب رأي «شومان»، فترى أن المؤلف يستوحي النص من الواقع، وهو ما أفرز مشهد «قميص النوم» في مسلسل «الأسطورة»: «هو أخذ المشهد من الحقيقة، لأنه كان بالفعل يحدث في بعض المناطق العشوائية، وهناك فئات لم تكن تعلم هذا ففوجئوا بالمشهد».

تعتبر «شومان» أن الفن يتحمل فوق طاقته، لأن المجتمع يبحث عن «شماعة» لتعليق أخطائه عليها حسب تعبيرها، ومن وجهة نظرها ستظل هذه الإشكالية مستمرة إلى الأبد، وختمت: «ليس دور الفن تربية الأطفال».

بينما يُرجع الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، ردود الأفعال السلبية الصادرة عن البعض، بفعل الأعمال الفنية، إلى ما يسمهم بالعصابيين من فئة المراهقين، فهم يتاعيشون ويتوحدون مع البطل، ويقلدون ما يُقدم عليه النجم من تصرفات، ما ينتج عنه ارتكاب لكوارث.

ويشير «فرويز»، لـ«المصري لايت»، إلى أن فئة المراهقين زادت مؤخرًا: «قد يصل الأمر إلى فئة الأربعين عامًا بسبب قلة الثقافة، فربما نجد كبار السن في بعض الأحيان يتوحدون، وبالإمكان أن تصدر عنهم تصرفات عنيفة، أما من هم فوق الخمسين فليست لديهم قدرة من الأساس على أداء هذه الأعمال».

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل