المحتوى الرئيسى

قضية راجح: لماذا لا يُحاكم الأطفال جنائيا؟

10/17 08:00

هذه روابط خارجية وستفتح في نافذة جديدة

تصدح مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات لإعدام شاب دبر ونفذ قتل شاب آخر في مصر، إثر استنكار القتيل تحرش القاتل بإحدى الفتيات.

وأحالت النيابة العامة المصرية المتهم محمد راجح وثلاثة آخرين إلى محاكمة جنائية عاجلة، بعد أن أثبتت التحقيقات ضلوعهم في تهديد وتدبير وقتل شاب يُدعى محمود البنا كان قد استاء من تحرش راجح بإحدى الفتيات.

لكن العائق الأكبر أمام تنفيذ هذا النوع من "العدالة" الذي يطالب به الرأي العام هو أن القاتل دون السن القانوني للتقاضي، إذ تفصله أشهر قليلة عن سن الثامنة عشر، وبالتالي يعد طفلا أمام القانون.

وتحول النقاش في وسائل التواصل الاجتماعي إلى جدل بشأن تعريف السن القانونية للأهلية والمسؤولية الجنائية، وما إذا كان يجب أخذ عوامل أخرى في الاعتبار بخلاف السن.

حددت الأمم المتحدة السن القانوني للطفولة ليكون دون الثامنة عشرة. بحيث يتمتع كل من هم دون السن بحقوق الطفل، ومن بينها عدم المسؤولية الجنائية عن ارتكاب الجرائم.

يقول طارق العوضي، المحامي بالنقض ومدير مركز دعم دولة القانون، إن الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والتي وقعت عليها دول العالم أجمع، أرست هذا التعريف.

وكان السن المحدد للأهلية القانونية في مصر والدول العربية 16 عاما، وكان يُعرف من دون هذا السن بأنه "حدث"، لكن بعد تعميم الاتفاقية عام 1992، أصبح السن القانوني 18 عاما، وأُلغيت كلمة حدث لتصبح "طفلا".

وأكد العوضي على أن هذا السن القانوني "أصبح من الثوابت العالمية التي لا يمكن الجدال فيها مطلقا، ولا يمكن تغييرها لأنها جزء من الاتفاقيات الدولية التي تلتزم بها البلاد. كما أنها مدعومة بأدلة علمية ودراسات اجتماعية ونفسية."

وصرامة الالتزام بالسن القانوني تنقل الجناة من حالة إلى أخرى عند النظر في قضاياهم، فبضع ساعات كفيلة بأن تغير الأهلية القانونية والمسؤولية الجنائية للأفراد.

وأوضح العوضي أن هذا جزء من الاستثناءات التي قد تفلت من العقوبة القانونية "والتي قد يعتبرها الرأي العام ظلما في بعض الأحيان. لكن الرأي العام يجب ألا يؤثر في سير التحقيقات والمحاكمات".

وتابع: "من السمات الأساسية للقواعد القانونية أنها عامة ومجردة، بمعنى أنها تُطبق على عموم الأفراد، ولا تلتفت إلى استثناءات أو حالات خاصة. فلا يمكن أن يضع المشرع قانونا لكل حالة منفردة، وإلا أصبحنا في حالة فوضى تشريعية وقوانين متناقضة."

ويعد الطفل ضمن مسؤولية البالغين القائمين على تنشئته، ونتاج البيئة والمجتمع المحيطين به. لذا، تُقرض الكثير من القيود على أهلية الطفل في العديد من النواحي الأخرى، مثل سن الزواج، وارتياد الملاهي الليلية، والتدخين وتناول الكحوليات.

وحال ارتكاب الطفل لجريمة، تطال العقوبة الشخص البالغ المسؤول عنه (الوالدين في أغلب الأحيان)، لتقصيرهما في تنشئته.

ويلتزم القضاة بالعقوبة المنصوص عليها في القانون بناء على أهلية الأشخاص الذين ينظر في قضاياهم.

وقد يمنح القانون بعض المرونة للقاضي عند إقرار العقوبة، "لكن ذلك يكون في حدود ووفقا لنص قانوني محدد سلفا،" كما أوضح العوضي.

وأضاف أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ويحدد هذا النص الحد الأدنى والأقصى للعقوبة، ومعطيات كل منها التي يأخذ بها القاضي ولا يجوز له الخروج عنها.

ويشاع عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن بعض القوانين تتيح للقضاة اتخاذ إجراءات من شأنها تغيير أهلية الجناة أمام القانون، مثل كشوف طبية ونفسية تثبت مسؤوليتهم جنائيا.

لكن العوضي نفى وجود هذا النوع من الإجراءات لأن سن الطفولة متوافق عليه عالميا، ويُعتبر من "القواعد فوق الدستورية" التي لا يمكن المساس بها مهما اختلفت القوانين بين البلدان.

هذا بالإضافة إلى قاعدة قانونية عالمية أخرى هي "المصلحة الأولى بالرعاية"، وهي مصلحة الطفل في حالة ارتكاب الأطفال لجرائم. "فلا يجوز للمجتمع الذي قصّر في تنشئة الطفل تحميله نتيجة هذا التقصير منفردا."

وذيلت النيابة المصرية بيانها، الذي أعلنت فيه إحالة المتهمين الأربعة للتحقيق - بمناشدة كل ولي أمر "مراقبة أطفاله وشبابه في مراحل عمرية حرجة تتشكل فيها شخصياتهم وتُستهدف خلالها أخلاقهم بدخائل على المجتمع".

ويعاقب القانون الحالي الوالدين وفق ما يُعرف بـ "المسؤولية المدنية" فقط، وعادة ما تكون تعويضا ماديا عن الجريمة التي ارتكبها طفله.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل