المحتوى الرئيسى

أحمد شوقي: لم أندم على ترك الصيدلة.. وآسر ياسين سبب خروج "30 يوم" للنور

09/20 14:53

لم أندم على ترك الصيدلة لأجل السينما

علاقتي الجيدة بالنجوم لا تؤثر على نقدي لهم

النقد الفني لا يؤثر في نجاح أو فشل فيلم داخل السينمات

الكتّاب الذين يعملون تحت قيادتي يحصلون على أعلى سعر في السوق

آسر ياسين سبب خروج "30 يوم" للنور

السيناريو هو العمود الفقري للعمل الفني، والسيناريست يلعب دوراً أساسياً في صناعة الفيلم أو المسلسل، هو رب العمل الفني الحقيقي حتى لو لم تسلط عليه الأضواء بالشكل الكافي. واعترافاً منا بقيمة ومكانة السيناريو قررنا فتح هذا الملف ومحاورة أهم رموز ورواد كتابة السيناريو في مصر، والحديث معهم عن أهم أعمالهم، والصعاب التي واجهوها في مشوارهم، وتفاصيل صناعتهم للعمل الفني، ومناقشتهم كذلك في العديد من القضايا الفنية التي تدور على الساحة حالياً، ونستضيف اليوم الناقد والمشرف الدرامي أحمد شوقي.

كيف غامرت بترك مجال الصيدلة لأجل العمل بالسينما؟

كان عمري 16 عاماً وكان مجموعي في الثانوية العامة 99%، وأنا الأخ الأكبر في أخوتي بل والحفيد الأكبر في عائلتي أبي وأمي، وهذا معناه أن كل آمال العائلة معلقة عليّ، وكذلك لم أكن أعرف ماذا أريد وقتها، محب للسينما بالطبع، لكن لم أكن أتخيل أن السينما من الممكن أن تفتح بيتاً أو تكون مصدر رزق لشخص، كل هذه الملابسات أدخلتني كلية صيدلة.

تخرجت عام 2006، ومع أول مرتب تقاضيته من عملي داخل شركة الأدوية، قدمت أوراقي في كلية إعلام جامعة القاهرة للتعليم المفتوح، وأثناء دراستي في الجامعة أنشأت مدونة على الإنترنت اسمها "سينمانيا". وفي نفس الفترة بدأت أراسل جريدة الدستور بمقالات عن أفلام وكانت تنشر في صفحة "مقالات القراء"، ومن هنا بدأت اكتشف أنني لست مجنوناً، فأنا شاب من الأقاليم، وفكرة احتراف السينما تعتبر لأهالي وشباب الأقاليم دربًا من الجنون والمغامرة غير المحسوبة، فكنت أتحاشى طوال الوقت التعبير عن رغبتي في العمل داخل المجال السينمائي حتى لا يسخر مني أصدقائي أو يقولون لي "استغفر الله العظيم"، فعندما وجدت أن مقالاتي تنشر في صحيفة هامة مثل الدستور، وأنني أمتلك أصدقاء على الإنترنت يشاركونني نفس هوايتي، تأكدت أنني أسير على الطريق الصحيح.

على الرغم من أنني كنت ناجحًا في عملي لكن لم أكن سعيداً على الإطلاق كنت مكتئباً وحزيناً وأفضل لحظات حياتي في ذلك الوقت عندما تنشر لي مقالات في الدستور، أو عندما تأتي لي تعليقات على مقال نشرته على مدونتي، ووصل بي الحال أنني كنت أسافر مع صديق لي للقاهرة يومياً بحثاً عن أي حفلة أو ورشة أو أمسية فنية نحضرها. في نفس الفترة بدأت أكتب في مجلة "جود نيوز سينما"، وفي مايو 2009 تشاجرت مع مديري وتركت الشركة، وأخبرت والدي بأنني لن أعمل في مجال الأدوية مرة أخرى.

هل تتذكر أول أجر تحصّلت عليه من مجال عملك في النقد السينمائي؟

ظللت عاماً كاملاً أكتب في جود نيوز وأتكاسل عن الذهاب لأقبض أجري، كان ما أعرفه أن الكتاب يحصلون على ملاليم لا توازي دخلي من شركة الأدوية، ولم أكن أتصور أن كتاباتي هذه من الممكن أن تتحول إلى احتراف وشغل، كنت معتقداً أنها هواية فقط بجانب عملي الأساسي، حتى اتصلوا بي من المجلة أن لدي مبلغاً متراكماً إن لم أستلمه سيتم نقله للأمانات، ذهبت للقاهرة متوقعاً أن أجد مبلغاً متواضعاً فاكتشفت أن جود نيوز تدفع لكتابها أكثر من المعتاد، وأن تراكم الشهور جعل لدي مبلغاً من عدة آلاف. كان هذا المبلغ بلا جدال أجمل مبلغ تقاضيته في حياتي، وأزعم أن شعور تلقيه كان سبباً رئيسياً في قراري بعد أشهر أن أترك الصيدلة نهائياً.

سحر هذه المهنة من وجهة نظري يكمن في شعورك بأنك تحصل على أجر من شئ لا يستطيع شخص آخر عمله مثلك، ففي شركة الأدوية، مهما كنت مميزاً، هناك نسخ منك بإمكانها أداء نفس العمل وتسويق نفس المنتج الموجود في كل مكان بينما في النقد السينمائي والكتابة بشكل عام لا أحد يستطيع صناعة ذلك غيرك، أنت تتقاضى أجرًا نظير أفكارك ووجهة نظرك وأسلوبك الخاص، قد يكون من هو أفضل منك لكن بالتأكيد لا توجد نسخة أخرى من عقلك؛ ومن هنا كان لكل أجر أقبضه من مجال عملي في أي مجال يتعلق بالكتابة سحر وطعم مختلف تماماً.

كيف جاء ترشيحك للعمل كمشرف على لجنة قراءة في شركة فيلم كلينك؟

في منتصف عام 2009، بدأ انتشار المدونات في الانحسار مع ظهور فيس بوك وسهولة النشر والتعليق عليه، فتحولت لأنشر مقالاتي في صورة "نوتس" على فيس بوك، كتبت وقتها عن أفلام مثل "رسائل البحر" و"بالألوان الطبيعية"، هذه المقالات انتشرت بشكل كبير، وكان أحدها سببًا في تعرفي بالسيناريست محمد أمين راضي، وكان يشغل منصب المشرف على لجنة القراءة في شركة فيلم كلينك، وكان يريد التفرغ لكتابة السيناريو ويرغب في الإستعانة شخص مكانه، فرشحني "أمين" لمحمد حفظي مؤسس ومالك الشركة. قرأ "حفظي" مقالاتي ونالت إعجابه وقابلته بالفعل في مكتب الشركة، وأخذنا نتحدث في كل شيء يخص السينما، ثم قال لي ما معناه: "أنت كل كلامك عجبني جداً، بس أنا عندي مشكلة أن شكلك صغير أوي، فأنا مش واثق فيك، وأنت المفروض تقرا مكاني، فهبعتلك ثلاث سيناريوهات أنا قاريهم، أعملي عنهم ثلاث تقارير لو عجبوني هنشتغل سوا"، عدت إلى منزلي وأخذت نموذج تقرير سيناريو من "أمين"، وكتبت تقريرًا عن أول السيناريوهات وهو "قبل زحمة الصيف" الذي صار لاحقًا فيلماً بالفعل. أرسلت التقرير لحفظي فوجدته يتصل بي بعد دقائق ويقول لي أن لا داعي لعمل التقريرين التاليين، فقد أعجب بما كتبته ووجده مناسباً لنبدأ العمل معاً، فكانت بداية شراكة عمر لم تتوقف حتى الآن.

المدرسة النقدية الشائعة التي تحظى بقبول قطاعات من الجمهور هي مدرسة تقطيع النجوم والأعمال الفنية، لكنك تختار الأسلوب النقدي الهادئ؟

لا أظن أن هذا حدث بشكل واعٍ، فهذا نوع الكتابة الذي أحبه ومبعثه قراءتي وثقافتي وتأثري بأساتذة سبقوني للمهنة، وأنا لدي قاعدة خاصة في التعامل مع المنتجات الإبداعية، ففي تقييم السيناريوهات على سبيل المثال، حق السيناريو عليّ أن أقراه كاملاً حتى لو كان سيئ المستوى، مادام كاتبه اجتهد وكتب 100 صفحة، واجبي أن أقرأ الـ100صفحة مهما كانت ظروفي، وحقي على كاتب هذا السيناريو أني لو وجدت النص سيئاً، أكتب رأيي هذا بمنتهى الصراحة وبدون مجاملة، وهذا المبدأ أطبقه مع الأفلام التي أتناولها بالنقد أيضاً ليس من حقي التعالي على فيلم أو إصدار الأحكام العامة، عليّ مشاهدته كاملاً بتركيز واهتمام، ثم أكتب ما أؤمن به بحرية مطلقة سواء كان سلبياً أو إيجابياً.

هل علاقات الناقد الشخصية بالنجوم وصناع الأعمال الفنية تضره أم تفيده؟

هناك نوعين من النقاد مقبولين من وجهة نظري، الأول، ناقد ينعزل تماماً عن الناس، ولا يذهب إلى أي عروض خاصة، وليس لديه أي علاقات مع أي صانع عمل فني، يذهب لمشاهدة الفيلم ويعود لبيته، يكتب مقاله ويرسله وتنتهي مهمته عند هذا الحد، والنوع الثاني، ناقد اجتماعي، ولديه صداقات كثيرة، وفي نفس الوقت هو عادل، وإذا كان فيلم صديقه المخرج أو النجم متواضع المستوى، يكتب رأيه علناً ولا يضع أي اعتبارات شخصية في مجال عمله، أنا من أنصار المدرسة الثانية بالتأكيد، وأزعم أن علاقاتي جيدة بالجميع لأنهم يعلمون أن العلاقات الشخصية شئ، والعمل شئ آخر تماماً.

البعض يتحدث على أن هناك تضارب مصالح بين عملك كناقد فني ومشرف درامي في نفس الوقت، ما تعليقك على هذا الأمر؟

هناك أكذوبة كبرى اسمها "أخلاقيات المهنة"، فهل يعقل أن يكون رأيي في الفيلم الفلاني أنه سئ، فلا أقول رأيي علنا حفاظاً على مشاعر صاحب هذا الفيلم، لكن أقول رأيي الحقيقي في الخفاء؟!، هذا لا يعقل لكنه يحدث باستمرار تحت شعار أخلاقيات المهنة، بينما يقول التاريخ أن كل حراك فعال حدث في صناعة السينما أتى من محترفين لا يخجلون من إعلان آرائهم، مخرجي الموجة الجديدة الفرنسية مثلًا جميعهم مارسوا النقد، وجميعهم استمر في إعلان آرائه في الأفلام بشجاعة وانفتاح حتى بعدما أصبحوا مخرجين محترفين.

لكن في النهاية الذي يريد أن يحافظ على رأيه ويقوله في الخفاء هذا حقه، وكل شخص حر في اختياراته، لكن اختياراتي الشخصية تقوم على أنني أعمل في هذه المهنة منذ أكثر من عشر سنوات، أمارس عملي النقدي وأكتب رأيي في الأفلام بكل صراحة، وأمارس عملي كمشرف درامي، أمتنع عن الكتابة فقط عندما أكون في المنافسة بشكل مباشر كأن يكون هناك مسلسلاً أشرفت عليه في موسم رمضاني وقتها لا أكتب احترامًا للمنافسة المباشرة. اعتقادي إنه لو كانت هناك مشكلة حقيقة بين العملين، لكن قد حدث صدام ما أدى لتوقف أحدهما، لكن أن يسير عملي في المجالين بالتوازي معناه أنني على الطريق الصحيح، وبالمناسبة الناقد الكبير الراحل سمير فريد كان يعمل مشرفًا على الإنتاج في شركة المنتج حسين القلا، وتتر فيلم الطوق والأسورة يحمل اسمه بوضوح، وعندما عُرض الفيلم كتب عنه ودعم التجربة التي يؤمن بها، وعندما نشر كتابه الأشهر "الواقعية الجديدة في السينما المصرية"، كان غلاف الكتاب يحمل صورة من فيلم الطوق والأسورة.

هل "السينفايلز" الفيسبوكي أضر بالنقد؟

السينفايلز هم محبي السينما، أغلبهم يعرفون معلومات عن الأفلام أكثر من النقاد بحكم الهوس والتباري في المعلومات ومشاهدة أكبر عدد ممكن من الأفلام، لكن ذلك لا يساوي النقد. بالمناسبة أنا ابن عصر الإنترنت، وبسببه اكتسبت شعبية وفرص عمل وعلاقات، وأعي جيداً لكل شخص كامل الحق في الإدلاء برأيه في فيلم أو مسلسل أو حتى قضية عامة، لكن المشكلة الحقيقية أن بعض "السينفايلز" يدلون بهذه الآراء التي قد تكون ساذجة وغير علمية، ويلتفون حولها ويحولونها إلى رأي عبقري ومفيد وغير قابل للتعديل أو المناقشة. هذه مشكلة عالمية بالمناسبة: أشخاص تكتب رأيها في موضوع تعرفه فتجذب عدد ضخم من القراء والمعجبين فيصيرعليهم الحديث عما لا يعرفونه، ويخرجون بنظريات وأحكام قاطعة يعتبرونها حقائق قد يهاجمك جمهورهم فقط لأن تجرأت وقلت أنها آراء متهافتة. الأمر أشبه بالممثلين الذين ينجحون في سن صغيرة، فجأة يتحولوا إلى سوبر ستار، ومطلوب منهم فعل أشياء أكبر من استيعابهم العقلي والنفسي، الشعبية التي لا يقابلها وعي ومقومات كافية تكون أحيانًا مدمرة عقليًا ونفسيًا لصاحبها قبل أن تكون مضرة لجمهوره.

مزيج بين الاثنين، للحرفة دورها في كيفية كتابة مقال مؤثر ومتماسك واستخدام اللغة بالشكل اللائق، لكن يبقى الأساس هو الموهبة، هو قدرة الناقد على امتلاك وجهة نظر وتحديد زاوية يطرح من خلالها رأيه في الفيلم. أي فيلم هو عبارة عن تيار لا يتوقف من ملايين الصور والأفكار والتفاصيل، أي عنصر من عناصر الفيلم يستحق أن يتحدث الناقد عنه؟ هل سيلاحظ كل كادر وما المقصود من ورائه؟ هل سيقارن هذا العمل بأعمال مخرجه السابقة؟ هل سيلاحظ أنه امتداد لأعمال سابقة للمخرجه ومؤلفه أم أنه نوع جديد ومختلف يقدمانه لأول مرة؟ كل هذه وغيرها احتمالات لا نهائية، الموهبة هي قدرتك على الاختيار من بينها بحيث يكون لمقالك معنى ووجهة نظر، والناقد لو ليس لديه شئ يقوله، لن يكتب مقالاً تحليلاً من 2000 كلمة، سيظل يعيد ويزيد عن جمال وروعة هذه الفنانة وهذا الفنان، ولن يخرج القارئ بشئ واحد يفيده من وراء المقال.

هل المقال النقدي من الممكن أن يؤثر في نجاح أو فشل فيلم داخل السينمات؟

إطلاقاً، فالناس ترى الذي تريد رؤيته، وتصدق الذي تريد تصديقه، وحتى لو تواجدت نسبة تتأثر بمقال نقدي أو ببرنامج مراجعات للأفلام، فهذه النسبة ضئيلة جداً، ولا تؤثر ولا تكفي لإنجاح أو عدم إنجاح فيلم.

أعتقد أن تميزي الحقيقي هو الإبداع الوسيط بمعنى الإبداع فوق إبداع، الشغل على شئ موجود بشكل حقيقي، وإبداء الرأي فيه، وتعديله لو أمكن، وطرحه في الإطار المناسب له، وهذا دوري الحقيقي في شركة "كلوك ورك تيمبشن"، وبالتالي أصمم دائماً على القول بأن عملي في الورشة هو عمل نقدي أكثر من كونه عملاً إبداعياً.

ما هي عوامل انضمام أي كاتب لورشة كتابة يشرف عليها الناقد أحمد شوقي؟

الورشة يجب أن تكون في موسم عمل، نحن لسنا جهة تدريب وليس لدينا الرفاهية المادية ولا الزمنية لتبني مواهب دون أن نقوم بكتابة مشروع فعلي وقائم، هذه المشكلة يعجز عن فهمهما كتاب كثيرون جداً، للأسف يتقدمون بطلبات للالتحاق بالورشة في وقت ليس لدينا فيه عمل نحتاج فيه لمؤلفين. الكتّاب الذين يعملون تحت قيادتي يحصلون على أعلى سعر في السوق، لا مجال للتدريب أو العمل بدون أجر، وهذا شئ تعلمته وقت عملي في مجلة جود نيوز سينما، وبالتالي يجب أن يكون لدى الشركة دخل كي يمكنها دفع أجور مؤلفيها، والكاتب بالتأكيد يجب أن يكون موهوباً، ولديه تميز في الخيال، وبناء الشخصيات، والحوار، وكتابة المشهد الواحد، والأهم أن يكون ملائم ككاتب وكشخص أن يعمل كفرد في مجموعة، فهناك كتاب مميزون جداً بالمناسبة لكنهم لا يجيدون الكتابة داخل الورشة، فأساس العمل داخل ورشة الكتابة، هو العمل الجماعي وفكرة التقييم، وهضم أي تعليق إيجابي أو سلبي من قائد الورشة وترجمته على الورق.

في تقديرك، كيف تكون العلاقة بين قائد الورشة وكتابها؟

في رأيي، لا يصح أن تكون العلاقة بين قائد الورشة وكتابها 100% صداقة أو 100% عمل، هي مزيج بين الاثنين، على سبيل المثال هناك التزام واضح بمواعيد التسليم، ومن لا يلتزم بالمواعيد يخصم من أجره، هناك ثواب وعقاب لا علاقة له بكونها أصدقاء سننهي العمل ونخرج بعده معًا، هذا المزيج هو السبيل الوحيد لنجاح عمل له هذه الحساسية.

هل تعتقد أن هناك قلة في الكتاب "الورشجية" في مصر؟

بالتأكيد، ودعني أقول لك أن جيل مريم نعوم وعبد الرحيم كمال وتامر حبيب، وبالطبع شريكي محمد أمين راضي، هو آخر جيل كتاب مؤسس ثقافيًا وإبداعيًا بشكل حقيقي، فأنا أتعامل مع كتاب صغار السن والمؤسف والمخجل والمحزن أن الكثير من هؤلاء الكتاب لا يقرأون ولا يحبون القراءة أصلاً، وهذا شئ أنا عاجز على فهمه إلى الآن. فالنسبة الأغلب من الكتاب الصغار يتفاخرون بأنهم آخذوا ورشة كتابة مع الكاتب الفلاني، فقط، لكن لا يقرأون، ولا يشاهدون الأفلام باستمرار، وفي نفس الوقت يريدون أن يحترفوا كتابة السيناريو، وهذا شئ مخجل ومحزن للأسف الشديد.

كيف جاءت فكرة كلوك ورك تيمبشن؟

الفكرة جاءت عن طريق محمد أمين راضي، حيث كانت تُطلب منه أعمال تناسبه ككاتب، ولكن ليس لديه الوقت الكافي لكتابتها، وفي نفس الوقت هو لديه أصدقاء موهوبين لم يأخذوا فرصهم حتى الآن، ففكر في إنشاء كيان قانوني، يكون وسيطاً بين المؤلفين والمنتجين، ويكون معلناً وواضحاً وليس من الباطن.

محمد أمين راضي قال في تصريحات صحفية أنكما قررتما الاعتماد على كاتب واحد فقط في كتابة أي مسلسل داخل الورشة، لماذا اتخذتما هذا القرار؟

في اعتقادي أن الأهم من عدد الأشخاص الذين يكتبون العمل، هو أن يكون العمل نفسه مكتوباً وجاهزاً قبل انطلاق التصوير، وبخصوص سؤالك فكلما كانت الفكرة تخص شخص واحد ولديه تصور كامل عن العمل الذي يكتبه كلما كان هذا أفضل.

لماذا لم نر كلوك ورك سينمائياً؟

عندما بدأت الشركة كانت الدراما في أوج نشاطها، وكان الذي يطلب من الشركة أغلبه أعمال درامية، لكن ليس لدينا أي مشكلة في تقديم أي عمل سينمائي بالتأكيد.

حدثنا عن أهم مسلسلات الورشة "30 يوم"؟

فكرة 30 يوم مناسبة جداً للقالب التلفزيوني لأن عدد الحلقات فيها وليد الحكاية بشكل عضوي، وليس مجرد زمن مطلوب للعرض التلفزيوني يتم مط الأحداث من أجله، وعلى الرغم من ذلك فأن الفكرة كانت تحتوي على مشكلة كبيرة جداً يمكن اعتبارها "عيب خلقي" في الحكاية، فالمسلسل قائم على شخصيتين، الشخصية الجذابة "توفيق" التي تنال تلقائيًا إعجاب كل ممثل يقرأ النص لما فيها من إمكانية للأداء الاستعراضي، عدد مشاهدها أقل من نصف عدد مشاهد شخصية بطل المسلسل "طارق"، وهي شخصية أصعب لأنها استبطانية، لا تظهر مشاعرها ويقوم ظهورها في المسلسل على كون الشخصية سلبية، كل ما تقوم به هو ردود أفعال على ما يفعله "توفيق" بها. المسلسل قرأه نجوم كبار وأشادوا بشخصية "توفيق" لكنهم كانوا يعتذروا عن المسلسل بسبب أن شخصية "توفيق" كانت الشخصية الثانية وليست الأولى، وهم أبطال ولا يصح بالنسبة لمعاييرهم أن يقوموا بدور ثانً في مسلسل تلفزيوني، وهنا يجب أن نذكر ونشكر ونقدر النجم آسر ياسين، لأنه ممثل حقيقي يعرف ما هي الدراما وما قيمة الدور وإن لم يكن استعراضًا لعضلاته التمثيلية، وهو النجم الوحيد الذي وافق على أداء شخصية "طارق" واستطاع أن يؤديها بأفضل صورة، وبدون موافقته لا أظن أن هذا المسلسل كان من الممكن أن يخرج للنور.

من أكبر الأزمات التي مرت على كلوك ورك، أزمة مسلسل "عشم إبليس"، ماذا تعلمتم من هذه الأزمة؟

مسلسل "عشم إبلبيس" هو الذي دفعنا لاتخاذ قرار أن مسلسلاتنا ستكون مكتوبة بشكل كامل قبل الدخول في مرحلة التحضيرات، بمعنى أننا لن نقبل بأي تدخلات من النجم أو المنتج أثناء مرحلة الكتابة. نكتب نصنا وننهيه ثم نرحب بكل المناقشات والتعديلات طالما كانت في حدود المنطق والحكاية.

هل نجاح الورشة واستقرارها داخل السوق جعلها تهتم بالأعمال التجارية وما يطلبه السوق فقط؟

الورشة اسمها كلوك ورك تيمبشن، والترجمة الحرفية هي "غواية عمل الساعات"، ما المغزى من وراء هذا الاسم؟ أن الكتابة غواية ورغبة، لكن يجب أن تتم بانتظام حتى تتحول لإنتاج مستمر وغزير وعالي الجودة، وبناءً عليه نحن نعمل داخل الورشة بقدر ما نستطيع لتلبية احتياجات السوق، لكن لا نتنازل عن المستوى الفني. هذه الورشة لم ننشأها لكي نحقق أحلامنا، فكل المشاركين داخلها لديهم أحلامهم التي يحققونها بشكل مستقل، في النهاية الورشة مساحة مهنية وحرفية بحتة دورها تقديم كتاب جدد وتوفير احتياجات السوق، وبالتأكيد ضمان الأمان المادي للمشاركين فيها.

كيف يسير جدول العمل في كلوك ورك تيمبشن؟

نحن ملتزمون بجدول عمل، ومواعيد تسليم حلقات، وأفكار المسلسلات لا تصدر من شخص واحد، هناك أفكار اقترحها أمين راضي، وأفكار اقترحتها أنا، وأفكار اقترحها صناع العمل أنفسهم، وبالطبع أفكار وليدة عقل مؤلفي الورشة.

خطة كلوك ورك للتعامل مع الأزمة الدرامية الحالية؟

الورشة تحاول التواجد الدائم وسط الاختيارات المحدودة حالياً، وقد نلجأ للوسائط مختلفة في الفترة القادمة.

ما أحب أعمال الورشة إلى قلبك؟

الكاتب والمخرج تامر محسن تحدث في تصريحات صحفية وقال نصاً:" الكتاب الصاعدين مش متأسسين كويس"، هل تتفق معه؟

الورش بحكم طبيعتها تجعل الكاتب يقطع مسافة أسرع من المسافة التي من الممكن أن يقطعها إذا قرر الكتابة بمفرده بمعنى أن فترة الكفاح والدراسة والملاحظة، وتأمل العالم والنفس البشرية تكون غير موجودة بشكل كبير عند كتاب الورش، لذلك فهي قادرة على جعل الكاتب يخرج للسوق كتاب دون أن يؤسس فكرياً ونفسياً بشكل كامل، اللهم إلا من يعمل على نفسه ويستمر في تدريبها وتقويمها بحيث يخوض رحلته الداخلية بالتوازي مع الاحتراف الخارجي.

الكتابة كم في المئة حرفة وكم في المئة موهبة؟

الاعتقاد بأن الكتابة إلهام ووحي يهبط من السماء على الكتاب، هذا وهم، فالكتابة عمل يومي شاق، فالكتابة تمرين، والقراءة تمرين، والمشاهدة تمرين، والمعرفة والاختلاط بالناس تمرين، لو أي كاتب لم يفعل هذه التمرينات سيظل دائماً ناقصه شئ هام حتى لو كان موهوباً.

هل الأزمة الدرامية الحالية من الممكن أن تدفع بعض صناع الدراما لمحاولة العمل في السينما خلال الفترة القادمة؟

السوق السينمائي لن يستوعب ذلك للأسف حتى لو أراد الصناع، لأنه منقسم بين نوعين لا ثالث لهما، النوع الأول، أفلام تجارية جداً ضخمة الميزانية بطاقم من النجوم ليجمع عشرات الملايين من شباك التذاكر، والنوع الثاني أفلام فنية لا تحقق إيرادات في الغالب، والنوعين بعيدين تماماً عن المواهب التي ظهرت في الدراما التلفزيونية خلال السنوات الأخيرة.

كان لديك جملة قلتها في إحدى مقالاتك نصها :"أن السينما حالياً عايشة 60 مليون لحرب كرموز، وأقل من مليون جنيه للأفلام الفنية"، فسر لنا هذا الجملة؟

صناع الأعمال الفنية يبذلون مجهوداً كبيراً لتمويل أفلامهم، وقد يضيعوا من عمرهم سنوات من أجل ذلك الهدف، ومن أجل عرض الأفلام على هيئات وجهات كل أهدافها هي مشاهدة الفيلم فقط وللأسف هم يتناسون أن الجمهور عنصر أساسي في المعادلة لا تستقيم بدونه، وفي رأيي يجب أن يحدث تصالح بين الجمهور والأفلام الفنية، وصاحب قرار هذا التصالح هو صانع الفيلم قبل أي شخص آخر.

هل تعدد الجوائز الفنية حالياً، وظهور ما يسمى بمهرجانات بئر السلم أصبح يسخف ويقلل من قيمة الجوائز الفنية بشكل عام؟

هناك عدة أسئلة هامة يجب على أي شخص يُدعى لاستلام جائزة أن يطرحها على نفسه، أولاً من الذي يعطي هذه الجائزة؟ ثانياً "بناءً على إيه تم اختياره لينالها"؟، ثالثاً من منافسيك؟، أي جائزة في العالم تمنح بناءً على هذه المعايير، لكن للأسف المهرجانات أو الفاعليات التي تقصدها، توزع جوائز وأنت كمتفرج لا تعرف آلية منح هذه الجوائز، هل هناك لجنة تحكيم؟ هل هناك تصويت جمهور؟ لا تعرف أبداً، طالمًا غابت المعايير غابت القيمة، بل أعتبر استلام جوائز كهذه إهانة يهين بها الفنان نفسه.

ما سر خصوصية الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي بالنسبة لك؟

دورة هامة جداً يرأسها رئيس مهرجان جديد، يطمح في أن يكون المهرجان حدث هام على مستوى الثلاث شرائح المستهدفة "الجمهور، صناع السينما، الإعلام"، كما أن حجم فاعليات المهرجان وبالمقارنة بالدورات السابقة هو بوضوح "مضروب في 3"، فبالتأكيد كانت دورة مميزة من وجهة نظري، وشهادتي مجروحة باعتباري من المنظمين الرئيسيين.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل