المحتوى الرئيسى

"محيط" تفتح ملف استشهاد اللواء حسن كامل محمد في حادث الزعفرانة عام 1969

07/05 11:00

الشهيد حسن كامل محمد .. رحله من المجد والاستشهاد

حوار مع ابنته شاديه حسن كامل

حياه الشهيد كلها عمل وانجاز ومحطات نجاح

كريمه الشهيد حسن كامل تذكر قصه استشهاده

كيف كان حسن كامل يعامل بناته الاربع

ان قصه اللواء حسن كامل محمد تستحق الوقوف امامها كثيرا لما فيها من عبر ..رجل ادي دوره وكانت حياته كلها محطات نجاح ..لم يسلط عليه الضوء مطلقا الا من بضع سطور في كتاب المؤرخ الكبير استاذنا الدكتور محمد الجوادي في كتابه الضخم “قاده الشرطه”، وقد حاولت الكتابه عن هذا الرجل وقد عانيت في هذا كثيرا وصادفتني عقبات كثيراً وانا اجمع المعلومات عنه، وساقتني قدماي الي ديوان عام محافظة البحر الأحمر، الذي استشهد علي ارضها، فلم اجد له صوره في لوحه الموجوده بمكتب المحافظ، وعندما هممت بالانصراف بعدما تحقق الياس مني، استوقفني موظف بسيط يعمل بمركز المعلومات، واعطاني رقم هاتف ابنته شاديه وكيل اول وزاره البترول السابقه، التي كانت لطيفه وكريمه معي الي اقصي حد فبعثت لي صوراً نادره عنه لم تنشر من قبل، وامدتني بمعلومات غزيره عنه..

وقد ولد في احدي قري مركز ههيا بمديريه الشرقيه سنه 1908م، وتعلم في مدارسها الابتدائيه، وكان مغرماً بالقراءه في سير الابطال عبر العصور، في مكتبه والده العامره بصنوف الكتب فازدادت قريحته علماً، ووعي سلوك الابطال من الشرق والغرب حيث كان النضال علي اشده ضد الانجليز بقياده الزعيم مصطفى كامل، الذي كان قدوه المصريين جميعا في شتي مذاهبهم والوانهم السياسيه، فتمني ان يكون مثلهم يوماً، يشارك مثلهم ادوارهم في النهوض ببلادهم، فاتيحت له الفرصه، فبعد ان انهي المرحله الثانويه التحق بمدرسه البوليس، وتخرج منها عام 1933م.

بعد التخرج من مدرسه البوليس خدم في اماكن كثيره في ربوع مصر، يتنقل بين النقط والمراكز والمديريات، وكان له دورا بارزاً في حمايه حي مصر الجديده من حريق القاهره في 26 يناير 1952م حيث كان يعمل مامورا لقسم مصر الجديده في هذه الفتره، وقد لعب البوليس المصري دورا نضاليا في هذه الفتره ضد الانجليز، ظهر هذا جلياً في منطقه القنال وبالتحديد في الاسماعيليه، وظل جنود بلوك النظام يدافعون ببساله وجلد عن مبني المحافظه بطريقه ادهشت العالم اجمع يومها.

تدرج اللواء حسن كامل في وظائف البوليس حتي اصبح مديراً لامن المنيا، فالمنوفيه، فمديرا لمصلحه السجون، فمديرا لامن القاهره خلفا للواء يوسف حافظ (الذي اختير محافظا للمنوفيه في يناير 1965م)، وفي اثناء توليه مدير امن القاهره توفي الملك فاروق عام 1965م وتم نقله الي مصر في سريه تامه ودفنه في مسجد الرفاعي بالقلعه في هدوء ودون ايه مراسم كان خلالها اللواء حسن كامل يسهر الليل ويعمل بالنهار من اجل تامين الموقف وقد رضت القياده السياسه عنه في ذلك الوقت فتقرر مدّ خدمته علي سن الستين، ثم اختير مديراً لاداره الدفاع المدني ومُنح درجه وكيل وزاره الداخليه.

وفي مايو 1968م كان اللواء حسن كامل محمد واحداً من الذين وقع عليهم الاختيار كمحافظين، وقد عين محافظا للبحر الاحمر في وقت حرج، كانت البلاد تعاني من احتلال صهيوني للاراضي العربيه، فعمل ليل نهار لا يكل جهداً في ذرع المحافظه من شمالها لجنوبها ، يلتقي باهلها ويعقد معهم اللقاءات، يتعرف الي مشاكلهم، ولا يالوا جهداً في تذليل العقبات وكذلك يعاون القوات المسلحه والدفاع الشعبي في حمايه محافظه البحر الاحمر من التعرض لايه هجمات ، وكان باستمرار يستطلع هذه القوات من الشمال وحتي الجنوب.

”محيط” التقت ابنته شاديه حسن كامل، وكيل وزاره البترول الاسبق، التي دوماً ما تذلل الصعاب علي كل باحث من اجل اجلاء حقيقه ناصعه، وقد اخبرتني ببعض الحقائق التي تعرف للمره الاولي، وبدات معي حديثها عن ظروف استشهاده وكيف عرفوا وتحدثت معي عن جوانب من حياته الخاصه وعلاقته بهم فقالت:

”كان اللواء حسن كامل محمد قد ازمع النيه للذهاب الي القاهره يوم الثلاثاء 7سبتمبر 1969م، وذلك للاجتماع بوزير الاداره المحليه السيد محمد حمدي عاشور لمناقشه مشاكل صيد الاسماك في المحافظه، وكذلك لينقل للمسئولين ظروف الاقليم وموقف الدفاعات به في هذه الفتره التي كانت حرب الاستنزاف علي اشدها في جبهه قناه السويس، وقد تكبدت اسرائيل خسائر فادحه في هذه الحرب، وكان يرافقه في هذه الرحله محمد سليمان عوض، مدير شركه المصايد المصريه في هذا الوقت، وعندما وصلا القاهره. تاجل اللقاء يومين رجع علي اثرها حسن كامل الي الغردقه لمتابعه مهامه عن قرب دون ان يلتقي اسرته ولو ساعات”.

*متي رايت ابيك الشهيد حسن كامل اخر مره؟

- كانت اخر مره التقيت والدي فيها قبل اسبوع، وشد علي ازري، واحضر ورقه وكتب عليها (لا اله الا الله .... محمد رسول الله) وشطرها نصفين واعطاني النصف الاخر، ومازلت احتفظ به حتي الان، وطوي النصف الاخر ليحتفظ هو به، وفعل ذلك مع كل بناته الاربع، ومكث حسن كامل بالغردقه يوم الاربعاء ، واخبرنا انه سوف يصل القاهره غداً.

- وفي فجر يوم الخميس 9سبتمبر 1969 تحرك ركب المحافظ حسن كامل من الغردقه الي القاهره، وكان معه السائق “دردير”، وبعد اربع ساعات وصل للزعفرانه فوجد عفار للمركبات والدبابات وكانت من طراز (تي 55) الروسيه الصنع التي كانت تتسلح بها القوات المصريه، فظنها قوات مصريه تجري التدريبات بهذه المنطقه حيث انه قد اوصي من قبل في رساله بعث بها للقياده بان المنطقه هشه الدفاعات، وتحتاج الي دعم مستمر، وفتح نافذه السياره ليحيي هذه القوات، وكانت علم الجمهوريه العربيه المتحده علي مقدمه سيارته، فحدث لم يتوقع ففتحت عليه دفعات متتاليه من النيران ، فلقي مصرعه في الحال هو وسائقه، ولم تكن تلك القوات مصريه، وانما هي قوات اسرائيليه تسللت خلسه الي هذا المكان، مستخدمه دبابات مصريه كانت قد استولت في حرب 1967م يدعمها غطاءً جوياً، وقد اصطحبت معها مصورين من كل الوكالات الغربيه التي كانت تتعاطف مع اسرائيل وتؤيدها علي طول الخط، وفكت الرادار الموجود بكتيبه الرادار بالمنطقه، وصورته لتحرج مصر دولياً، وكانت تريد من وراء ذلك، عمليه تليفزيونيه بدليل انها لم تستمر سوي ساعات..

وتردف شاديه كامل قائله:(اتصل بنا والدنا من الغردقه يطمئن علينا، واخبرنا انه سيصل الخميس الساعه الثانيه، وانتظرنا والفرحه تسيطر علينا جميعاً واعدت الام اطال الله عمرها، ما طاب ولذ من الطعام احتفاء بمقدمه، الذي تعودنا غيابه نظراً لطبيعه عمله، ولكن سرعان ما تبددت الفرحه عندما دقت الساعه الثانيه ولم يحضر الوالد، فاعترانا القلق واتصلنا بالغردقه فاكدوا تحركه فجر هذا اليوم، وازداد هذا القلق عندما قارب اليوم علي الانتهاء، ولم يصلنا عنه خبر، وبذل عمي اللواء ا.ح محمد وفقي خاطر الجهد، وسال عنه في وزاره الحكم المحلي ولكن عبثاً لم يصل الي نتيجه، وفي اليوم التالي استقليت سيارتي وقررت الذهاب الي الغردقه للسؤال عنه، وقتها كنت اعمل بالمؤسسه العامه للبترول التي كان يراس مجلس ادارتها المهندس علي والي الذي اعطاني اجازه لظروفي.

وكان السفر الي الغردقه في هذه الايام يتم عن طريق السويس، ولما وصلتها منعتني السلطات من العبور الي طريق الغردقه، وابلغونني ان الطريق يطهر من الالغام التي زرعتها القوات الاسرائيليه، والقوات المصريه تطهر الطريق الان، والامر سوف يستغرق اياماً، ورجعت القاهره بعد ان استولي عليّ الياس ومرت ايام الجمعه والسبت والاحد كانها سنين، لا حديث للاسره الا عن الوالد، وفي يوم الاثنين13سبتمبر تم الاعلان عن وفاه الوالد رسمياً، وتم احضار جثمانه وتجهيزه وتشييع الجنازه بالقاهره يتقدمها: السيد شعراوي جمعه وزير الداخليه، وكان والدي قد عمل معه فتره وكيلاً لوزاره الداخليه، ومحمد حمدي عاشور وزير الاداره المحليه وسعد زايد محافظ القاهره، وجمع غفير من ضباط وافراد الشرطه والجيش والاف من المواطنين عقب ذلك تم نقل الجثمان الي مسقط راسه (ههيا) ودفن هناك....

*ماذا فعلت القياده السياسيه معكم بعد استشهاده؟

- بعد ذلك بعث الرئيس جمال عبد الناصر برقيه عزاء خاصه، والجدير بالذكر ان والدي قد نبه الي ضعف الدفاعات في منطقه البحر الاحمر في رساله بعث بها اليه الذي غضب في هذا اليوم، وعزل رئيس الاركان اللواء احمد اسماعيل، وقائد القوات البحريه اللواء فؤاد ذكري، واصدر قراراً بترقيه اللواء حسن كامل الي رتبه الفريق، واطلاق اسمه علي مدرستين بالغردقه، وكذلك اصدر سعد زايد قراراً بتسميه ميدان “سفير” في مصر الجديده باسمه لولا ان محافظ القاهره الاسبق قد الغي هذا القرار ....

* كيف كانت المعامله مع بناته؟

- “كان والدي يسكن حي مصر الجديده منذ تخرجه في البوليس، وكان بالحي العديد من العائلات الراقيه، لم يندمج معهم في تقاليدهم التي كانت تحاكي الاجانب سهرات مختلطه طوال الليل وجلوس بالنوادي طوال اليوم، لم تغريه تلك التقاليد وانما هي مغايره لما نشا عليه في الريف من عادات اصيله وتقاليد موروثه منذ الاف السنين، فاقترن بوالدتنا، وهي من مركز ابو كبير من كبار العائلات بها “

”وانشانا والدنا علي الطريق القويم، والتقاليد الاصيله بالرغم من سكننا في حي مصر الجديده الراقي، وعلي المحبه والتربيه الحسنه، ولم ندخل مدارس اجنبيه، ولكننا نحن بناته الاربع (شهيره، وانا، وشاهيناز، وشهوير) تلقينا تعليمنا جميعاً بالمدارس الاميريه، ودخلنا الجامعات جميعا، الاولي: تخرجت في كليه الاداب قسم الاجتماع، والثانيه: انا تخرجت في كليه التجاره، والثالثه: في التجاره، والرابعه: في التجاره.”

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل